نيفين منصور تكتب: الفقر والجريمة


الفقر أُم الجريمة هكذا وصفه ماركوس اوريليوس ويعد هذا القول ملخص شامل متكامل لمعدلات ارتفاع أعمال العنف والجريمة في مختلف البلدان والدول مهما كانت الدول غنية أم فقيرة إلا أن الفقر يظل الشبح المخيم في صمت وترقب ينتظر اللحظة المناسبة لتدمير المجتمع ونشر الفوضي وعدم الأمان.
ورغم العديد من المحاولات والأفكار والبرامج التنظيمية إلا أنه حتي الآن لم يستطع أحد الحد من ظاهرة الفقر وحلها حلول جذرية واضحة حتي بعض الدول العظمي الذي يظهر لديها معدلات متعددة من الفقر نتيجة الهجرة الغير شرعية لها من بعض سكان بعض الدول الفقيرة من العالم الثالث فتبقي معدلات الفقر والجريمة في انتشار وتدفق بصورة سلبية في المجتمع.
ولو تفحصنا التاريخ لوجدنا أن الأغلبية العظمي للجرائم من سرقة وقتل وإرهاب تأتي نتيجة تربية الفرد المجرم في مجتمع الفقر حيث الحوجة والبطالة وقلة القدرة علي كسب قوت يومه وتحقيق أحلامه بصورة ترضي النفس وتشبع العقل والروح وتشغل المرء بنفسه عن شئون الآخرين.
وينتشر الفقر بصورة مفزعة في العالم العربي وازدادت معدلاته في الآونة الاخيرة مع انتشار الثورات والحروب وتغيير السلطات الناتج عنها ومن يدرس التاريخ يعلم جيداً أن الثورات تؤدي بالدول إلي حالة من الارتباك المادي المؤدي إلي ازدياد صور الفقر حيث يفقد بعض العاملين أعمالهم وتخسر بعض الانشطة التجارية بالإضافة إلي قطاع السياحة وتزداد البطالة مما يزيد أعباء الدوله ويزيد عدد الفقراء وتنتقل بعض فئات الطبقة الوسطي من المجتمع إلي خانات الطبقة الفقيرة وتزداد المشاكل في وجه الحكومات التي تصبح مطالبة بحل تلك المعضلة العويصة واقتراح طرق جديدة للخروج من الأزمة.
كما أن انتشار الاٍرهاب في بعض الدول يؤدي إلي استنزاف مواردها ومحاولة وضع ميزانيات أكبر للقضاء علي الإرهاب علي حساب ميزانية الدولة للحد من الفقر والحد من البطالة.ويرتبط نمو الدولة ارتباط جذري بمعدلات الأمان والسلامة في تلك الدول كلما ازداد الأمن ازداد الازدهار والنمو وترتفع معدلات الإنتاج والسياحة وغيرها من موارد مهمة لتنمية الدول.
ولا تتوقف الأسباب عند حد الثورات والارهاب بل تمتد إلي الظواهر والكوارث الغير متوقعة كما حدث مؤخراً من انتشار وباء عالمي غير معلوم المصدر ولم يتوصل أحد حتي الآن رغم التقدم العلمي الذي يشهده العالم إلي علاج حقيقي يقضي علي ظاهرة انتشاره أو يسرع من الشفاء ليتحول من خانة الوباء إلي خانة الأمراض المعدية التي اعتاد البشر التعايش معها عبر الزمان
أكبر تحديات الدول هو تحدي الوصول إلي مجتمع آمن خال من الفقر والجوع والمرض و خال من الإرهاب والتطرف والتشقق بين أفراد المجتمع الواحد. علي الحكومات التنبه لخطر الفقر في حالة الرغبة إلي الوصول إلي الأمن والسلامة فتحطم الأحلام والجوع مع غياب الوعي الديني لا يؤدي في النهاية إلا لدمار المجتمع وخطر ظهور ثورات الجياع التي تقضي علي الحضارة بصورها الكاملة فالجوع والفقر طريق الكفر بالمنطق و الكفر كذلك بمبدأ الحلال والحرام .
عندما يتحكم الفقر في المجتمع تظهر موبقاته بصورة واضحة ويزداد الغل والحقد والرغبة في الانتقام والتشفي ويصبح قوة مدمرة لأي دولة ويفتح باب الفتنة والشرود والخيانة وإذا لاحظنا أي منظمة إرهابية نجد أنها تستقطب أفرادها من تلك المجتمعات الفقيرة الجائعة التي تحطمت أحلامها ورغبتها في مواصلة الحياة بصورة شرعية ويتحول الفرد إلي أداه تحمل السلاح تقتل وتخرب وتدمر رغبة منهم في الانتقام لأنفسهم قبل أن تكون الرغبة في الحصول علي المجد أو المال ، فدمار النفس يتبعه الفجر والخراب.
يجب علي الحكومات التي تحارب الإرهاب والظواهر الغير متوقعة توخي الحذر من الفقر وتوابعه كما يجب إيجاد الحلول المناسبة للقضاء عليه والاهتمام الشديد بنشر الوعي الديني الوسطي واللجوء إلي المجتمع المدني الغني لمحاولة التصدي لتلك الظاهرة المدمرة للدول ، وإيجاد فرص عمل حقيقية تعين المرء علي الحياة الكريمة حتي يتحمل الحياة وضغوطها ويبتعد عن الفكر الإجرامي الشارد فيدمر نفسه ويدمر من حوله.