إبراهيم سليم يكتب: التغافل


من أهم الصفات التي يجب أن تكون في العلاقة الزوجية هي صفة التغافل والمقصود هنا هو قدرة الطرفان علي تجاوز اخطاء الطرف الأخر حيث ان الله عزوجل قد خلقنا بشر ومن طبيعة البشر الوقوع في الأخطاء فنحن لسنا ملائكة بل نحن بشر نصيب ونخطئ فلو تصيد كل طرف اخطاء الطرف الآخر ممالاشك فيه ان الحياة الزوجية سوف تنهار وقد يؤدي الأمر إلى الانفصال بينهم .
قيل إن الإمام ابن حنبل سُئل: «أين نجد العافية؟» فقال: «تسعة أعشار العافية في التغافل عن الزلات»، ثم قال: «بل هي العافية كلها».
وصفة التغافل قد لايتقنها الكثيرين بل استطيع ان اقول ان هذا فن لايتقنه الا الأذكياء، يقول الإمام ابن الجوزي: من أرقى شيم الكرام التغافل عن الزلات فإن الناس مجبولون على الزلات , إن أهتم المرء بكل زلة تعب وأتعب أما العاقل الذكي من لا يدقق بكل صغيرة وكبيرة مع أحبابه وأهله وزملائه وجيرانه لكى تحلو مجالسته وتصفو عشرته.
ولذا نجد نبي الله يوسف يقول ” من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين إخوتى ”، أي أنه تجاوز وتغافل عما فعله اخوته في حقه رغم عظم الجرم الذي فعلوه، بل قال عزوجل في كتابه الكريم: «وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ».
ومن أعظم ماقرأت هذا الحوار بين الأعرابي وبين معاوية ابني أبي سفيان، يُروى عن معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) أن أعرابيًا سأله : يا أمير المؤمنين ، كيف حكمت الشام عشرين سنة أميرًا ، ثم حكمت بلاد المسلمين عشرين سنة خليفةً للمسلمين ؟ فقال معاوية (رضي الله عنه) : إني لا أضع لساني حيث يكفيني مالي ، ولا أضع سَوْطي حيث يكفيني لساني ، ولا أضع سيفي حيث يكفيني سَوْطي ؛ فإذا لم أجد من السيف بُدّاً ركبتُهُ ؛ ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت ؛ كانوا إذا مدّوها أرخيتها ، وإذا أرخوها مددتها .
عزيزي القارئ إذا أردت ان تعيش حياة سعيدة في أسرتك فعليك أن تتقن فن التغافل عن أخطاء الآخرين في علاقتك بين أولادك أو زوجك أو أقرب الناس إليك ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.