خط أحمر
الإثنين، 21 أبريل 2025 09:50 مـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

الدكتور السيد الخطاري يكتب: السوشيال ميديا .... هي الأخرى فيروس يحتاج علاج  !!

خط أحمر

أكتب إليكم اليوم وقد ينتابني ولأول مرة مشاعر ممزوجة بالخوف والذعر والهلع، رغم أني أؤمن يقيناً أنه "لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"، ففي عزلتي بالبيت حيث أنني ملتزم بكل التدابير والإحترازات التي أوصتنا بها الدولة لتجنب التعرض للإصابة بفيروس "كورونا الجديد" ، فلا أجد أمامي لتمضية الوقت إلا أمام التلفزيون، أو التصفح عبر صفحات الشبكة العنكبوتية، وما تتيحه أمامي وأمام الملايين ممن عزلوا أنفسهم مثلي عن العالم الخارجي "الحقيقي" ، وباتوا يسلمون أنفسهم للعالم "الإفتراضي" الذي توفره الشبكات الإجتماعية ومواقع التواصل الإجتماعي، وما تبثه من أخبار وشائعات حول هذا الفيروس اللعين الذي اجتاح العالم ليحصد أمامه آلاف الضحايا ومئات الآلاف من المصابين .

وعلى الرغم من أنني أدًعي أني أمتلك من الخبرات ما يؤهلني للتميز بين الخبر والشائعة بحكم خبرتي الإعلامية، إلا أنني وفي أحيان كثيرة أقع فريسة سهلة لخبر غير حقيقي منشور في صفحة ما، أو شائعة إلكترونية مقصودة أو يتم تدويرها بغير قصد في أكونت آخر، حتى أختلط الحابل بالنابل، فصار الأبيض أسود، وباتت الحقائق أكاذيب، وأضحت بعض الشائعات حقائق، وهذا ما دفعني اليوم لأدعوكم لتتأملوا معي لوسائل الإعلام الجديد ومواقع التواصل الإجتماعي أو ما يقال عنه مجازاً "السوشيال ميديا" وهي تفند لنا اليوم أزمة فيروس "كورونا"، كأنها تفند لنا الموت المفاجئ، وتبشرنا بالقادم الأسوء، بمنشورات ملتهبة تقتل في الناس الأمل، وتثير بينهم الذعر، وتغذي أجواء الحياة المتوترة أصلاً بالمصائب واليأس بالمزيد من التأزيم والرعب، وكأنها أصبحت هي الأخرى فيروس مستحدث لابد أن نبحث لها عن علاج أو لقاح أو مصل يحمينا شر وقعتها أو يحد من أخطارها على الفرد والمجتمع في مثل هذه الأزمات .

فالبيئة الإعلامية الرقمية التنافسية الجديدة من وجهة نظري، هي التي تساعد على تسريب بعض المعلومات التي تضر بالمفهوم المهني للإعلام الذي يوجب التقصي والتحقق، وهو الدرس الأول في أبجديات الإعلام، وبخاصة بعدما أصبحت الشبكات الإجتماعية ومواقع التواصل تعمل على تلفيق الأحداث، وتهدم أمامها قواعد المصداقة وأسس الموضوعية وثوابت المنطق والعقلانية؛ لتبقى "القوة الإفتراضية" هي المتحكمة والمتربعة على عرش التفكير الإنساني وخصوصاً وقت الأزمات .

ولم تكتف السوشيال ميديا بتفنيد الذعر والتهويل والتضخيم وبث الشائعات، وإنما قدمت لنا القيم الهشة، والأخلاق الواهية التي تعاني في الأساس من سادية عصر العولمة وتفحلها في المجتمعات، حتى أصبحت وبرأيي بمثابة الفيروس المسبب لهذا الهلع والخوف والذعر، الذي أصبح مرضاً يذهب العقل ويشل الإرادة والحركة، وتفوق أعراضه أعراض (كورونا الجديد)، مع أني أري أنها يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً في التوعية بالجانب الوقائي، وتقديم المعلومة الصحية المتكاملة، والتعامل مع الحدث بمنطق الشفافية والعقلانية وليس بسياسة التضخيم والتهويل، وإطلاق قذائف الذعر الإعلامية، القاتلة لإنسانية العامة وآدميتهم، فأتصور أنه ينبغي علينا أن نسرع في تقنين وضعية وسائل الإعلام الجديد أو السوشيال ميديا كما يحلو للبعض تسميتها، لتعمل كتفاً بكتف مع وسائل الإعلام التقليدية الأخري في التعامل الإعلامي مع الأزمة (دون تهوين أو تهويل)، وهي القاعدة الأهم فيما يٌسمى بــ " إعلام الأزمة"، قبل أن تقتل بقصد أو بدون قصد الأمل في نفوس الناس، وتشعل فيهم وبينهم أعراض اليأس والإحباط والرعب، وهي أعراض أخطر على المجتمعات من أعراض فيروس "كورونا الجديد" نفسه.

أقدًر كغيري خطورة الموقف وصعوبة الأزمة وجدية الأمر، لكن ينبغي على وسائل الإعلام التقليدي والجديد ألا تبث فقط رعب المشهد الإنساني، بل ينبغي أن تضيف عليها صوراً أخرى لجموع من المرضى، حينما يتم شفاءهم ويغادرون مستشفيات العزل في سعادة، وكأنهم ولدوا من جديد، وينقلون تجاربهم للناس عامة حتى تطمئن سريرتهم، وإلا كيف ستقع أعيننا على شاشات التلفاز أو تنصت مسامعنا لأثير المذياع أو تلتقط أبصارنا ما تجره الأقلام على صفحات الجرائد أو تتناقله المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي حينما تظهر أوبئة أخطر، أو تقوم حروب بيولوجية أو كيميائية أو نووية يمكن أن تقودها دول متغطرسة، أو قادة مهووسون بالموت ويتلذذون بقتل الأبرياء، وختاماً أري أن الناس عامتهم وخاصتهم وفي وسط كل هذا الظلام الدامس تتطلع لكل من يمسك بقلم ليكتب مقالاً أو يصيغ خبراً، أو يغرد على شبكات التواصل الاجتماعي أن يدرك أولاً أن الروح الإيجابية والرؤية المتفائلة بجانب التوعية، هي بوابة السعادة والصفاء في زمن لم يُعد يُسعد الكثير من بيننا، فاستخدموا صفحاتكم عبر السوشيال ميديا لتنشروا من خلالها الأمل والتفاؤل ، وابعدوا عن الشائعات وأنصاف الحقائق، ولتكن الأخبار الإيجابية المعبرة عن روح الحياة مصدر إلهام للجميع، حتى تبقى الإبتسامة رمزاً للقلوب التي بات يكسرها العرض قبل أن تصاب بالمرض.

الدكتور السيد الخطاري السوشيال فيروس كورونا خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة