خط أحمر
الجمعة، 2 مايو 2025 08:50 صـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

الدكتور السيد الخطاري يكتب ..جدلية الإرهاب ووسائل الإعلام الحديثة

خط أحمر

في بحث مهم ، وجد مايكل جيتر، الباحث في جامعة ويسترن ، بأستراليا ، علاقة مؤكدة بين التغطية الإعلامية الكبيرة للعمليات الإرهابية واستفحال ظاهرة الإرهاب من جانب ، وإصراراً واضحاً من الإرهابيين على الترويج لأنشطتهم الإجرامية عبر وسائل الإعلام والتطبيقات الحديثة من جانب آخر.

فقد أتثبت وقائع كثيرة وإفادات متعددة وأحداث متنوعة حول العالم أن الإعلام بات جزءاً أساسياً من استراتيجية الإرهاب ، وهو أمر لا يقتصر فقط على الجماعات الإرهابية المنظمة تنظيماً جيداً والممولة بسخاء ، ولكنه يمتد أيضاً إلى الإرهابيين الأفراد ، الذين يستندون إلى آيديولوجيا أو ينطلقون في عملهم الإجرامي من دوافع نفسية واجتماعية شخصية ومنفردة كما شاهدنا في حادث نيوزيلندا الإرهابي ، والذي بثه المجرم الذي ارتكبه في بث حي عبر صفحته على الفيس بوك لمدة 18 دقيقة .

ولم يكن هناك جديد يذكر بنظري في هذا الملف حتى ظهر الإرهابي أبوبكر البغدادي مطلع هذا الأسبوع ، وبعد 5 سنوات من الاختفاء فى فيديو جديد مدته 18 دقيقة ، بثته مجموعة تابعة لتنظيم داعش عبر تطبيق تليجرام المشفر، يتوعد من خلاله بالانتقام من مقتل أعضاء جماعته الإرهابية ، إلا أن هذا الفيديو سلط الضوء بقوة على استغلال الإرهابيين لتطبيقات الهواتف الذكية خاصة المشفرة للتواصل وتوصيل الرسائل المختلفة للعالم ، بعيداً عن أعين المراقبة .

وقد أثارت عودة البغدادى الكثير من التكهنات من قبل المراقبون والخبراء الدوليون الذين رأوا أن زعيم تنظيم داعش ، يسعى مجدداً لحشد أتباعه ، وإرساله لها رسالة واضحة بأن التنظيم الإرهابى لا يزال قائماً وفعالاً وستواصل شبكته الدولية من المتطرفين شن هجمات مؤلمة لا يمكن التنبوء بها.

لكن ذلك الظهور ربما يعيدنا بنظري لسيناريو بن لادن ، فمع الضعف التدريجى لتنظيم القاعدة نتيجة الحصار الأمريكى له فى اليمن وأفغانستان ، ظل زعيم التنظيم مختبأ فى مجمع فى باكستان حتى قتله على يد قوات سيليز الأمريكية فى 1 مايو 2011 ، وهو ما كتب نهاية التنظيم ليصعد تنظيم جديد بقيادة جديدة متمثلاً فى داعش ... وربما يتكرر ذلك السيناريو برأيي مع البغدادى .

ولكن السؤال الذي يطل برأسه من حين لآخر لماذا يستخدم الإرهابيون وسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل الإجتماعي دون غيرها ؟! وماذا يمثل الإعلام لهؤلاء ؟ وللإجابه نقول أن المعركة مع الإرهاب ليست سهلة ويباح فيها استخدام كل شئ ، فلم تعد جدلية الإرهاب والإعلام تقف عند حدود تصريحات أو تهديدات أو ارتكاب مذابح إرهابية على الهواء ، وإنما باتت برأيي أحد الإستراتيجيات المهمة للجماعات الإرهابية ، حتى ذهبت هذه الجدلية بعيداً عن ذلك ، وبلغت ذروة جديدة .

ولم يعد الفيس بوك وحده وسيلة هؤلاء ، بل أصبحوا أكثر دهاءا وخبرة وباتوا يستخدمون تطبيقات التشفير من النهاية للنهاية كتليجرام والواتس آب و I Message ولاين وفايبر ، والذي يعدوا من أهم وأقوى التطبيقات الحديثة المشفرة فى العالم ، إذ تعطي هذة التطبيقات مستخدميها القدرة على التواصل سواء بالدردشة بالصوت أو الصورة بكل سهولة دون الخوف من التجسس أو التتبع ، بعيدًا عن أعين الحكومات سواء على الهواتف الذكية أو أجهزة الكمبيوتر ، وهو الأمر الذى ربط هذه التطبيقات الحديثة باستراتيجية الإرهاب والإرهابيين ، وقد كشفت الكثير من التقارير اعتماد تنظيم داعش عليها بشكل كبير فى التواصل مع أنصارهم حول العالم ، وليس هذا فقط بل لبث الأخبار والبيانات الخاصة بجرائهم الإرهابية البشعة ، بالإضافة إلى إطلاق مجموعة من القنوات لنشر دعايا تنظيماتهم الإرهابية .

وتمنع ميزة التشفير التي تتيحها هذة التطبيقات الحديثة أى شخص من اعتراض الرسائل أو التجسس عليها ، وسهلت التواصل بين الإرهابيين وساعدتهم على التخطيط لجرائمهم ، وقد ظهرت الكثير من الدعوات المطالبة الشركات المالكة لتلك التطبيقات بفك هذا التشفير لإعطاء الفرصة لأجهزة تنفيذ القانون حول العالم بالوصول إلى الرسائل لتسهيل القبض على المشتبه بهم ، ومنع الحوادث الإرهابية قبل حدوثها.

فلا يجب بنظري أن يدفع العالم هذه التكلفة الفادحة ، بينما تبقى شركات الإنترنت العملاقة بمنأى عن المساءلة والمحاسبة ، خصوصاً أن الأدلة متوافرة بخصوص إخفاق الشركات المالكة للتطبيقات الحديثة ولوسائط التواصل الاجتماعي في لجم أنشطة الدعاية الإرهابية والحد من ترويج خطاب الكراهية والعنف عبر وسائطها بسبب تباطؤ شركات التكنولوجيا العملاقة في القيام بواجبها نحو إزالة الدعاية الإرهابية والحد من استخدامها للترويج لأعمالهم الأرهابية التي تعصف بآدمية العالم وإنسانيته .

السيد الخطاري جدلية الإرهاب وسائل الإعلام الحديثة
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة