خط أحمر
الإثنين، 21 أبريل 2025 11:27 مـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

جمال رشدي يكتب: جنازة مبارك وأغاني شاكوش

خط أحمر

في جنازة عسكرية مهيبة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ومعه رجال الدولة، شيع الرئيس الأسبق حسني مبارك، في مشهد لم يكن يتخيله أكثر المتفائلون، وفي غضون ذلك وعلى مدار عدة أيام تناول الأعلام المصري مسيرة الراحل في تقدير ووقار عبر مسيرته العسكرية والرئاسية .

وعلي الجانب الأخر اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بعد الترحم عليه، ما بين مؤيد ومعارض لمسيرته الرئاسية، ولكن ما بين هذا وذاك لابد آن تناول الامر من منظور اخر مختلف، فكل رؤساء الخريف العربي تم التنكيل بهم وقتلهم بشكل همجي.

الرئيس التونسي زين الدين العابدين فر هارباً إلي خارج تونس وتوفي في صمت خارج البلاد دون آي ردود فعل من مؤسسات دولته، وعلي الحدود المصرية الغربية كان المشهد مؤلم لطريقة قتل الرئيس الليبي معمر القذافي، وهناك في اليمن تم قتل رئيسها عبد الله صالح وما زالت اليمن تترنح تحت وطأة الانقسام والدمار، وفي سوريا الشقيقة عاشت الدولة سنوات هي الاسوء عبر تاريخها في محاولة لإسقاطها وتدمير وجودها، ومنذ وقت قريب في السودان تم الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير، وسيتم تسليمه إلي الجنائية الدولية قريبا علي جرائم الحرب والإبادة التي قام بها.

كل ما ذكرته لكي تتسع رؤية القارئ لما سأكتبه عن جنازة الرئيس الراحل مبارك، فالمشهد رسالة قوية لجميع الإطراف الخارجية والداخلية، بأن مصر خرجت منتصرة قوية من مؤامرة 25 يناير، فالمشهد كان كرنفال احتفال بالانتصار علي المؤامرة التي كانت تهدف إلي سقوط مصر وليس إلي سقوط مبارك ونظامه .

وكأن الدولة المصرية تقول لكل أطراف المؤامرة نحن نكرم الرجل الذي أردتم من خلال سقوطه سقوط الدولة المصرية وتفكيكها، ونقول لكم لقد انتصرنا علي مؤامراتكم وتعافت مصر واصبحت قادرة علي الوجود علناً في ساحة المعركة وستسحق كل من يتآمر أو يخطط لإيذائها..

وبجانب ذلك فالتكريم هو لتاريخ عسكري لرجل اشترك في حرب أكتوبر وفي معاهدات السلام مع إسرائيل فهو جزء من تاريخ مصر ولا يمكن التغافل عنه أو إنكاره.

أما عن رحلة الرجل كرئيس لمصر فهو كما قال سيذكر التاريخ ما لنا وما علينا آن الوطن باق والأشخاص زائلون، ومن هنا لابد من المكاشفة والمصارحة بعيداً عن دوافع العاطفة ما بين مؤيد ومعارض، فحقبة الرئيس حسني مبارك ملئيه بالتناقضات، والتي منها ما أوصل مصر إلي مكانتها الحالية في زيل الأمم في كثير من الجوانب التنموية اقتصادياً واجتماعياً وعلمياً وثقافياً وأيضا أخلاقياً .

فالرجل كان عسكرياً بارعاً وفذاً ووطني مخلص، لكن لم يكن رئيساً علي قدر مستوي وقيمة واسم وتاريخ مصر، بل كان اضعف من ذلك بكثير فانهيار منظومة التعليم والثقافية أدي إلي تلوث بل  وقتل جنين التنوير داخل رحم مصر، وجعلها ارض بور تمرح وتسرح فيها الحشرات الضارة، وعليه فقد فقدت الشخصية المصرية الكثير من جوانب تكوينها التاريخي التي كانت تتميز به بسمات وصفات متفردة عن أي شخصية أخري في العالم .

نعم أيها القراء فالذي فعله مبارك في مصر هو جرم تاريخي لا يغتفر، ثلاثون سنة عجاف استطاع من خلالها النزول بمصر الى قاع الضعف والترهل ، فدولة كمصر تمتلك كل مقومات التنمية المستدامة من موارد طبيعية متنوعة وموقع جغرافي وحدود ومواني مائية متفردة، وعنصر بشري كبير، كل ذلك تم إهماله وترسيخ ثقافة الاستقرار والأمن علي حساب ثقافة التنمية والتقدم .

وعلي مدار عدة أيام من رحيله، سلط الأعلام الضوء علي كل مسيرته التاريخية وتطرق لكل شئ عبر تاريخ حياته، وفي وسط النياشين والجوائز التي حصل عليها عبر سنوات تواجده العسكري والرئاسي، وفي كل هذا لم يجد الأعلام عبر تاريخه، انجاز تنموي صناعي أو اقتصادي أو علمي فلم اسمع آن هناك بحث علمي قد تم في عهدة،  أو منتج صناعي اصبح علامة مصرية، أو طفرة زراعية في إي نوع من المنتجات الزراعية.

بل رحل الرجل وترك لنا مصر بلا مصانع بعد آن دمر القطاع العام وسلمه لهمجية الفساد، رحل الرجل بعد آن دمر الفلاح بقانون المالك والمستأجر 1996 وعليه كانت تدمير الزراعة وبور الأرض، رحل الرجل وملايين من الشعب المصري داخل مخالب المرض الكبدي بين الموت والحياة، رحل الرجل بعد آن دمر التعليم وترك لنا مدرسة بلا معامل أو مسرح أو ملعب ومنهج تعليمي خرج منه جباهذة الإرهاب والتطرف والبلطجة، رحل الرجل وترك لنا الطالب يرمي معلمة بأعقاب السجائر وقطع الطباشير، رحل الرجل وترك لنا مصر بلا أحزاب أو سياسة، رحل الرجل وترك لنا جامعات مصر في ذيل جامعات العالم، رحل الرجل وترك لنا ثقافة الإخوان والارهابين تحكم الكثير من مفاصل ومؤسسات الدولة، رحل الرجل وترك لنا النيل كمجري للصرف الصحي والحيوانات النافقة، رحل الرجل وترك لنا  ثقافة شاكوش وخنجر وأبو بسنجه وهمجية رمضان وأغنية بحبك يا حمار، نعم أيها القراء الأعزاء ثلاثون سنة خلقت أجيال خارج إطار الهوية المصرية تجريف وتجريد كامل حدث بقوة للشخصية المصرية ، فتم تصحري النيل الذي كان يجري بداخل الشخصية المصرية لتصبح ارض بور لشخصية همجية عشوائية بربرية،

تلك هي الحقيقة وان لم اكتب ذلك سأكون غير صادق مع الله ونفسي ووطني وقرائي، لابد آن نري الحقيقة بحجمها الطبيعي، حتي نستطيع تكريس الجهود والأفكار للتعامل معها، والدليل فيما اكتبه هو ما فعله النظام المصري الحالي بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ففي غضون سنوات قليلة استطاع الرجل آن يخطوا خطوات كبيرة في طريق التنمية والقوة مستغلاً موارد مصر المتنوعة، وفي تلك السطور أطالب السيد الرئيس آن يلتفت وبأقصى سرعة إلي تخليص الشخصية المصرية من مخالب نظام مبارك، وان يدخل بها إلي مراحل التكوين والبناء عبر عدة محاور،أهمها وأخطرها منهج التعليم وكلماته التي هزم بها مبارك الشخصية المصرية فمن خلال ذلك المنهج خرج شاكوش ورمضان وعبدا لله رشدي... وأصبح النيل مستنقع للقطط والكلاب والحيوانات النافقة.

جمال رشدي جنازة مبارك وأغاني شاكوش خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة