خط أحمر
الثلاثاء، 22 أبريل 2025 01:48 صـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

الدكتور السيد الخطاري يكتب: التحرش.. أزمة مجتمع!!

خط أحمر

باتت مشكلة كبيرة على كافة المستويات والأصعدة، وانتشرت في البلاد انتشار النار في الهشيم، لا فرق في وقائعها بين المدن الكبيرة والأرياف، لا فرق بين كبيرة وصغيرة ولا بين محجبة وسافرة، كلهن يتعرض لها، حتى باتت تؤرق المهتمين بها المدركين لخطورتها، ويسعون لإيجاد علاج لها، ولكن الكثيرين منهم، يعالج نتائج الظاهرة فقط، بناء على رؤيته القاصرة، وقليل منهم من يتطرق إلى أسبابها، ويتعمق في تحليلها، ليصل إلى العلاج الكامل الصحيح، الذي يعالج جذور المشكلة ونتائجها وتداعياتها في آن واحد، دون إفراط ولا تفريط.

نعم .. إنها ظاهرة بل جريمة التحرش ، تلك الجريمة التي طفت على السطح في المجتمع المصري في الفترة الأخيرة، وكانت في البداية تحرش لفظي، إلا أنه قبل سنوات قليلة أصبح تحرش جسدى سافل يظهر في كل المناسبات والأعياد والتجمعات وبشكل فج يشين المجتمع المصري ويعيب شبابه ورجاله، في ظل عجز الأهالي والمارة عن حماية الفتيات من هؤلاء الذئاب البشرية المفترسة، وتتكرر تلك الظاهرة الكارثية - التي لا يمكن نعتها بأقل من الإجرام - مراراً وتكراراً، بشكل لم يعد احتماله دون أن يتم الوصول إلى حل لها، وقد تفاقمت حتى بلغت حدا غير مسبوق، وها أنت شاهدت مثلي بأم رأسك ما حدث لفتاتي المنصورة ليلة رأس السنة، من مجموعة الذئاب الذي لا يأبهون لخلق ولا لدين، لتضيف هذه الواقعة الخسيسة ضحيتين جديدتين إلى قوائم ضحايا التحرش اللفظي والجسدي في مصر، لتتعالي الأصوات بضرورة ضبط ايقاع المجتمع من جديد والبحث عن الأسباب وايجاد حل ، بل حل جذري لانتشار هذة الظاهرة والحد من خطورتها على المجتمع المصري الذي بات يضرب أفراده كفاً بكف من جراء الأفعال الحيوانية لهؤلاء المجرمين المتحرشين .

وبالخروج من النظرة الضيقة والفكر المتحجر، إلى فضاء التفكير الواسع حول أسباب تلك الظاهرة المقيتة، نجدها أسبابا كثيرة ومتعددة، فمشاهد التحرش هذه والتي نراها في مناسبات مختلفة وتجمعات متعددة، تشير بوضوح إلى وجود أزمة قيمية أخلاقية باتت تضرب جنبات المجتمع المصري، التي اندثرت فيه الكثير من الأخلاقيات والقيم الفاضلة مع هذه الأجيال الجديدة – عديمة التربية– ،فمن ذا الذي كان يتصور أن يأتي يوم يجري فيه الشباب وراء الفتيات في الشارع للتحرش بهن؟! ، بالطبع لا أحد، وهذا التطور المخيف ناتج عن مخرجات مجتمعية خطيرة مثل سوء التربية وانعدام الرقابة الأسرية، وكذلك غياب دور المؤسسات التعليمية التي لم يعد لها دور يذكر في الجانب التربوي، والإعلام الفاسد المضل الذي تنازل أهله عن القيم والمبادئ وميثاق الشرف الأخلاقي ، وباقة الأفلام السينمائية التي أصبحت تصور الحلال حراماً والحرام حلالاً، والخلق السيئ حسناً والحسن سيئاً، وأسألوا عنها الأسطورة والألماني وعبده موته.... وغيرهم ممن أساءوا إلى المجتمع وقيمه الراسخة القويمة ، ولوثوا أفكار أطفاله وشبابه بالقذارة الفكرية الوضيعة .

فنحن يا سادة أصبحنا بحاجة ماسة لمراجعة المنظومة القيمية والأخلاقية للمجتمع، التي باتت في مستوى منحط لا يمكن معها أن يستقيم الشباب وتنضبط سلوكياته ، كما يجب التركيز من جديد على دور الأسرة في التربية وضرورة مراقبة أبنائها وبناتها، فالحرية المطلقة التي ينادي بها أتباع الغرب، لا يعرفها ديننا ولا تقبلها قيمنا وأخلاقنا الأصيلة، وينبغي أن ينبذ المجتمع هؤلاء الداعين إلى الإنحلال والفوضى، والتحذير منهم ومن حديثهم، وأضحى من الضروري أن تستعيد المؤسسات التعليمية دورها التربوي، فقد كان لهذه المؤسسات دور أصيل في التربية في الأجيال السابقة، وخرجت لنا رجالاً ونساء يعرفون القيم والأخلاق جيداً، حتى وإن كان هناك قصور في الجانب التعليمي، كما أننا بحاجة ملحة إلى إعلام من نوع آخر، إعلام يقدر التعاليم الدينية ولا يسخر منها، إعلام يحترم العادات والتقاليد والقيم والأخلاق ويدعو للتمسك بها والحفاظ عليها، إعلام يبني ولا يهدم، فالإعلام مكون أساسي لثقافات الأمم والشعوب وقيمها، كما ينبغي أن يتكاتف أفراد المجتمع كلهم، ومؤسساته التعليمية والتربوية والدينية ومؤسسات المجتمع المدني والأجهزة الإعلامية، وأجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية، من أجل مواجهة هذه الجريمة التي تزداد وتستفحل يوما بعد يوما، وإلا سنكون أمام كارثة حقيقية لا يعلم عواقبها إلا الله ويزداد الأمر سوءاً على سوء.

الدكتور السيد الخطاري التحرش أزمة مجتمع خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة