المهندس السيد طوبا يكتب: تراثنا المهدر


أثارت السيدة الفاضلة/ درية شرف الدين فى مقال لها بأحد الجرائد ما سبق وأن أثاره العديد من الكتاب عن سبب عدم استغلال وتشغيل فندق شبرد منذ اغلاقه عام 2013 وحتى اليوم ووجدتها فرصة سانحة لالقاء الضوء على تاريخ الفندق العتيق والذى يرجع انشاؤه الى عام 1841 بموقعه القديم بالأزبكية وترجع تسمية الفندق إلى البريطانى صمويل شبرد الذى نزح إلى القاهرة وعمل لدى مالك الفندق الإنجليزى الحديث حتى اشتراه منه وأطلق عليه اسم شبرد وتعرض بعدها هذا الفندق لحريقين كبيرين أتيا على الفندق تماما.
وفى عام 1957 وبعد الثورة قامت شركة الفنادق المصرية بنقل الفندق إلى مكانه الحالى بأحد أرقى أحياء القاهرة جاردن سيتى وأصبح فندق شبرد أحد أهم المزارات السياحية وواحدا من أرقى الفنادق بالقاهرة ولعقود طويله وحتى تم اغلاقه عام 2013 ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن مازال الفندق خاويا على عروشه دامغا على الاهمال والتسيب وإهدار المال العام بصفته مملوكا للشركة القابضة للسياحة والسينما وحسب علمى المتواضع فقد تم طرح العديد من المزايدات لترميم وصيانة وتشغيل الفندق المكون من ثلاثمائة غرفة وجناح والعديد من القاعات ولكن باءت جميعها بالفشل الذريع وبحجة عدم ملاءمة الأسعار المقدمة مقارنة بالسعر التقديرى الجزافى الذى قامت به لجان التسعير المختلفة.
وهنا تبرز عدة أسئلة جوهرية يعلمها كل من يعمل بقطاع الأعمال العام وسبق لى أن عانيت منها فقد استن أحد وزراء قطاع الأعمال قرارا بضرورة تقييم أية أراضى أو مشروعات تمتلكها الشركات القابضة أو التابعة لثلاث جهات تقييم حكومية والأخذ بأعلاها سعرا ولا يخفى عليكم أن تلك الجهات الحكومية تأخذ الحيطة والحذر ثم تضيف أيضا معاملات الأمان ثم تضيف هامشا إضافيا منعا لاتهامها بإهدار المال العام وعليه تكون النتائج كارثية ووضع أسعار لا علاقة لها بأسعار السوق أو القيمة السوقية الفعلية للأراضى والمشاريع وهو ما جعل كافة العاملين بشركات قطاع الأعمال يصرخون من المغالاة فى الأسعار وفوات فرص استثمار حقيقية على الدولة وهو ما دعى وزير لاحق لتخفيف حدة القرار السابق والأخذ بمتوسط أسعار الجهات الحكومية الثلاث وللأسف الشديد فإن تلك الجهات الحكومية المناط إليها التقييم هى أساس كل مصيبة لحقت وتلحق بقطاع الأعمال كونها ليس لديها الخبرة العملية أو الدراية بأسعار السوق.
كما أن ما تضعه من أسعار يصبح قيدا على الشركات لا يمكن التغاضى عنه والا اتهم المسئولين باهدار المال العام وربما احالتهم الى نيابة الأموال العامة ومن ثم محاكمتهم أمام المحاكم وعلى الرغم من اطلاق رئيس الدولة صرخته الشهيرة بأن التأخر فى اتخاذ القرار يعتبر فسادا إلا أن القوانين الحالية هى فى حقيقة الأمر أس الفساد وايكال الأمر لغير المختصين للتقييم وفرض أسعار وهمية هو منتهى الفساد وأتعجب لماذا لم يقدم أحد وزراء قطاع الأعمال وما أكثرهم على التقدم بتعديل للقوانين المعوقة لتطوير قطاع الأعمال مثلما قامت وزارة السكان بالتخلى عن قانون المزايدات والمناقصات وسمحت بالتخصيص المباشر للأراضى.
ولا شك أن السيدة الفاضلة رئيس الشركة القابضة للسياحة والفنادق سيدة وطنية ولكن تبقى الحقيقة الصادمة أن الفندق مازال مغلقا منذ 2013 وأن ضاعت على الدولة مئات الملايين من دخل الفندق بالإضافة إلى فتح العديد من فرص العمل للتشغيل والصيانة والرواج السياحى والأمر يحتاج إلى وقفة شجاعة وتذليل للعقبات والمعوقات وتعديل لبعض القوانين التى تهدر فعلا المال العام.