لا يمكن لجيلى أو الاجيال اللاحقة نسيان متعة مشاهدة حلقات توم وجيرى والتى ابتكرها وليم هانا وجوزيف باربيرا عام 1937 وقامت مترو-جولدوين-ماير بانتاج قرابة الثلاثمائة حلقة منها على مدار ستين عاما والف موسيقاها الشهيرة برادلى سكوت وحصدت سبع جوائز اوسكار واصبحت من أشهر الأفلام الكرتونية والمدهش أنها صممت لاجتذاب الأطفال ولكنها سلبت لب الكبار قبل الصغار وأصبح من الثوابت عرضها فى دور السينما قبل عرض الأفلام الروائية الطويلة.

وكنا نحرص صغارا على التبكير بالحضور لدور العرض لنلحق بالكارتون وعلى سبيل التذكرة فان الشخصيات الرئيسة فى الحلقات تدور على الصراع الأزلى بين القط توم العصبى المزاج والذى نصب نفسه حارسا على مصالح البيت الذى يعيش فيه تحت رعاية سيدته التى تلومه على أى خلل أو سوء تصرف فى المنزل والشخصية الأخرى المثيرة للجدل دائما هى الفأر جيرى والذى يقطن جحرا فى نفس المنزل وهوصاحب خبرة ودهاء شديدين ومتخصص فى نصب الكمائن والمقالب للقط توم وتدور معظم الحلقات على صراع مستمر بين توم العصبى وجيرى الماكر وكعادة جيرى يبحث عن الطعام فى أى ركن فى المنزل لالتهامه ولكن رقابة توم تفسد عليه الوجبات فيدور كر وفر ومقالب تنتهى فى معظمها بتحطيم أجزاء من المنزل نتيجة الصراع وعلقة ساخنة ينالها توم من ربة المنزل وتتناول بعض الحلقات اشراك الكلب سبايك الضخم والذى يكن عداء للقط توم وعادة ما يستدرجه الفأر جيرى لصدام مع الكلب أو أحد أبنائه فيقوم الكلب سبايك بتلقين القط توم درسا قاسيا فى إطار خفيف وظريف من دس المفرقعات أو الصعق بالكهرباء أو تكسير الاطباق وخلافه وجميعها تدور فى خلال دقائق معدودة لكن مدروسة بعناية شديدة وبأفكار مبتكرة وخلاقة تجذب انتباه المشاهدين من جميع الأعمار فتجد الجد والأب والأم والأبناء وربما الأحفاد مجتمعين لمشاهدة الحلقات دون ملل.

وفى حقيقة الأمر لم يحدث اجماع من كافة الاعمار على التحلق ومشاهدة حلقات مثلما فعلت أفلام توم وجيرى وأتعجب أن مصر قلعة الفن وباقى الدول العربية جميعها قد فشلت حتى الآن فى ابتكار شخصيات اما حقيقية أو كارتونية تمكنت من  جذب جميع أفراد الأسرة حولها ولكن سيطرت الألعاب الألكترونية والتى تدور حول القتل والهجوم بمختلف أنواع الأسلحة أو المخلوقات الفضائية وغزوها للأرض وخلافه وتلك تجتذب فئة عمرية محددة من الصغار والصبية والشباب وبالرغم من كون بعضها يدعو للتفكير وسرعة التصرف إلا أن هناك أيضا ألعابا مسيئة للقيم والمبادئ وبعيدة عن ثقافتنا وتنتهج العنف والتدمير وكل ذلك بعيدا عن رقابة الأهل والمدرسة وهو أمر فى غاية الخطورة يجب على التربويين الانتباه له ومعالجته والتحذير منه حتى لا نفاجأ بأجيال جديدة نشأت على العنف والتدمير ألا يكفينا ما يروعنا به منتجو أفلام البلطجة والخلاعة ومسلسلات الانتقام والتدمير والتى تنشر وتذاع ليلا نهارا دون حسيب أو رقيب ونتعجب وقتها من أين اكتسب أطفالنا وشبابنا تلك الخصال الذميمة ووقتها لا ينفع الندم..راقبوا أولادكم قبل فوات الأوان.