حسن النوايا ومصداقية المشاعر وعمق الرؤية وتاريخ من المعاناة المشتركة ، تمثل أسلحة مصر الرئيسية لإحداث تقارب حتمي بين دول القارة الأفريقية ، بما يمكن دول القارة جميعاً من إحداث تغيير جوهري في مسارها الإقتصادي والسياسي تجني ثماره الأجيال القادمة من أبناء القارة السمراء .

الإتحاد الأفريقي منذ نشأته كوريث شرعي لمنظمة الوحدة الأفريقية في أوائل الألفية الثالثة،  لم يكن فاعلاً علي المستوي الإقليمي والدولي ومتفاعلاً مع المنظمات الدولية الكبري مثلماً كان في هذه الدورة التي تتشرف مصر برئاستها والتي تنتقل بعد أشهر قليلة إلي دولة أخري تمثل ركيزة كبري في النضال الأفريقي وقوة إقتصادية لا يستهان بها ، هي بلد الراحل نيلسون مانديلا ذلك الزعيم الذي إستقر في وجدان العالم وسيظل لسنوات طويلة ، بعد نضاله الطويل ضد الظلم والطغيان والتفرقة العنصرية ، والذي أعتذر وقطع زيارته لمصر عائداً إلي بلاده لظروف محلية بعد أن تم إستقباله وإجراء التنسيق اللازم معه فهو من سيحمل راية الإتحاد الأفريقي  بعد أقل من شهرين .

مؤتمر  أول للشباب الأفريقي في أسوان ثم إعلان أسوان عاصمة للشباب الأفريقي ومؤتمر أفريقيا الإقتصادي الرابع منذ أقل من أسبوعين علي أرض العاصمة الإدارية واليوم مؤتمر السلام والتنمية في أفريقيا علي أرض مدينة أسوان في نسخته الأولي ، كلها فعاليات أفريقية خالصة علي أرض مصر الأفريقية  تمثل منصات مهمة ومستمرة ودورية  لتبادل الرؤي ووجهات النظر الأفريقية  حول أهم القضايا والمشكلات السياسية والإقتصادية الأفريقية كالبنية التحية المشتركة للقارة وغيرها من التحديات الإقتصادية ،  وبعد أيام قليلة سيكون مؤتمر شباب العالم علي أرض مصر وبالطبع سيكون الشباب الأفريقي جزء أصيل منه ، هذا التقارب بين دول القارة لم يكن ليبدأ إلا بوجود مصر أكبر دولة فيها ولها من التقدير الإقليمي والدولي مايساعد الإتحاد الأفريقي علي إنجاز أهدافه التي أنشيء من أجلها فمصر تحظي بثقة دولية وعربية وإقليمية تساعدها علي إحداث التفاعل والتقارب المأمول بين الإتحاد الأفريقي والمنظمات  الدولية الكبري والقوي الفاعلة في العالم ليجني الجميع ثمار هذه الشراكات الدولية علي أساس الإحترام المتبادل والمصالح المشتركة .

إشارة الرئيس السيسي الي وجود أكثر من عشرون بالمائة من إنتاج مصر من الكهرباء  كفائض ، كان يمكن أن تصدره مصر إلي شقيقتها تشاد مثلاً وبنصف  الثمن ، لولا عدم وجود بنية تحتية تمكنها من ذلك بما فيه من مصلحة مشتركة للبلدين يعبر بوضوح عن فلسفة مصر من حتمية هذا التقارب القاري لتحسين مستوي معيشة كل المواطنين الأفارقة .

وجود رؤساء دول نيجريا والسنغال وتشاد والنيجر وجزر القمر بعد أن قطع الرئيس الجنوب أفريقي زيارته لأسباب خاصة إلي جانب رئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي ولجانه المختلفة ورئيس البنك الأفريقي  وكذلك مبعوث خاص عن منظمة الأمم المتحدة  وكبار الإقتصاديين في القارة السمراء ونظرائهم المصريين  علي أرض مصر وفي ضيافة رئيسة يبين بجلاء مدي الإستجابة والمكانة والتقدير الذي تحمله قلوب الأفارقة للشقيقة الكبري لهم ومدي المشاعر المحترمة التي يكنها أهل أفريقيا للشعب منتدي السلام والتنمية المستدامة التي تستضيفه أسوان علي مدار يومين متتاليين، يمثل خطوة ناجحة علي طريق البناء والتنمية التي تسلكه مصر مع شقيقاتها الأفريقية ، لبناء مستقبل مشرق  لأبناء أفريقيا تجني ثماره الأجيال القادمة وملايين الشباب والفتيات بالقارة السمراء وشباب مصر قطعاً جزء مهماً منهم .

اختيار أرض أسوان لإقامة هذا المنتدي في مثل هذا التوقيت يعبر عن عبقرية تستحق كل التقدير وسياحة المؤتمرات نوع جديد من السياحة لم نكن نتعود عليه قبل ذلك.