محمد ماهر يكتب ..لصوص ليسوا ظرفاء ... !!!


“ المعلم "
القرأن علم سماوي وضع فيه المولى عز وجل كل أصناف العلوم التي تنفع خلقه من الجن و الإنس و سائر المخلوقات .. و خص الله سبحانه و تعالى أصحاب العلم في مكانه تفوق مكانة من لا يعلمون .. و أمر الله و رسوله اصحاب العلم أن ينقلوا ما تعلموه لكل الناس من قبل أن تدب الحياة على الأرض فيقول سبحانه و تعالى في سورة البقرة " و علم أدم الأسماء كلها " و هنا أعطى المولى لأدم ميزه و خصه بالعلم .. و الأسماء هنا المقصود بها اسماء كل شيئ خلقه الله كالسماء و الأرض و النجوم والكواكب و المخلوقات جميعا " ثم عرضهم على الملائكه و قال انبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين " و لكن الملائكه لا يعلمون فأمر الله آدم أن ينبئهم بالاسماء ليجعل الله ادم أول معلم ينقل علمه لمن لا يعلمون .. و زيادة في قدر المعلم أمر الله الملائكه أن يسجدوا لأدم فسجدوا الا إبليس .
هكذا أراد الله أن يبين قدر من أتاه من علمه و و عظم مكانته .. ثم أتى سيد الخلق أجمعين لينقل للناس مكانة العلماء فقال صلى الله عليه وسلم " خيركم من تعلم القرأن و علمه " و في رواية أخرى " خيركم من تعلم العلم و علمه " .. و المعنى في النهاية واحد فلفظ خيركم يعني الخير المطلق و اللذي يمنح العالم مكانه و قدر عالي في الدنيا و أجر عظيم في الاخره .. و في تعبير لامير الشعراء أحمد شوقي وضع المعلم في مكانة تكاد تصل لمكانة الرسل " قم للمعلم و فيه التبجيلا .. كاد المعلم ان يكون رسولا " .
كل هذه الدلائل و المؤشرات التي وضعت أصحاب العلم في هذه المكانة الساميه و التكريم الكبير رفضتها الأجيال التي تنقل العلم في العشرون عاما الاخيره و ربما أكثر قليلا .. رفضوا مكانة الرسل و رفضوا التكريم في الدنيا و الاخره و ارتضوا فقط بملئ جيوبهم و محافظهم بأموال من يحتاجونهم و لكن كرها و ليس طوعا خوفا و حياءا و ليس حاجة حقيقية تمنح مكاسبهم صفة الحلال .. فإذا كان ما أؤخذ بسيف الحياء حراما .. فما بالك بما أؤخذ بسيف الإجبار و استغلال الحاجه .
و إذا كان معظم المعلمون في مدارسنا ينتهجون هذا النهج الا من رحم ربي و يتعمدون إشعار الطلاب و ذويهم بأن الأمور ستكون سيئه و المستويات ضعيفه و لابد من التقويه .. و التقويه لا تأتي إلا بالدروس الخصوصيه و التي تحولت من مدرس جوال يخرج من بيت إلى أخر و يصارع الوقت ليجمع مالا أكثر .. إلى مراكز تعليميه لا تختلف كثافتها في معظم الأحيان عن كثافة الفصول المدرسيه .. العلم واحد و المعلم في المركز التعليمي هو نفسه المعلم في المدرسه و الطالب المتهم بضعف التحصيل في فصول المدرسه هو نفسه الطالب الذي يتفوق بعد التحاقه بمركز التقويه .. الاختلاف الوحيد هو المعلوم الذي يدفعه الطالب للمركز و المعلم الذي تنازل عن رسالته التي يحملها و واجبه في توصيل الرساله لجيل خلف جيل .. تلك الرساله التي حملها بإرادته وقت أن إختار تعليم الأجيال مهنه و قبل بصعابها المعنويه و الماديه التي لم يكن يجهلها و تفاجأ بها .. لقد اختار الغالبيه من المعلمين الكسب على حساب الرساله و شروا بعلمهم ثمنا بخسا ليس في قيمته السوقيه بل البخس كان في فقدان قيمة و هيبة و مكانة المعلم التي منحها الله خصوصيه .. لقد تحول بكل أسف كل معلم استباح و البس مكسبه الذي ستحصل عليه بسيف الإكراه والاجبار إلى لص يشبه تماما ذلك اللص الذي يثبت الضحيه و يستولي على كل ما معه و لكن بأسلوب لا يجرمه القانون و إن كانت هناك تشريعات تجرم الدروس الخصوصية ولكنها لا تطبق و لا تلقي الجهات المعنية لها بألا بحجة ضعف المقابل الرسمي الذي يتقاضاه و بالطبع العذر هنا أقبح من هذا الذنب .
كان يتعين على الدوله أن تولي المعلم اهتماما أكبر ضمن برامج الإصلاح التي تتبناها الحكومه و توفق من أوضاعه الماديه مثله مثل القضاء و الجيش و الشرطه لأنهم جميعا يمثلون حملة الرسالات الاهم .. العدل و حماية الوطن خارجيا و داخليا و الأهم على الاطلاق بناء الأجيال الجديدة على أسس علميه و أخلاقيه تحفظ الوطن ابد الأبدين .. كبديل ضروري لفئة نضطر اتهامهم بأنهم لصوص .. لكن ليسوا ظرفاء .