سبق وأن تحدثت عن انحدار الذوق العام فى مصر ولعل من أهم أسبابه الاتجاه إلى إنتاج أفلام سينيمائية ومسلسلات هابطة تمجد البلطجة والمخدرات والعرى والرقص وتتحلل من كافة القيم والمبادئ الأخلاقية والمثل العليا فأصبحنا نشاهد ممثلين يقومون بأدوار شجيع السيما الذى يقوم بتجسيد تلك الرزائل على الشاشة الكبيرة والصغيرة.

كما ظهرت فنانات تبارين فى الخلاعة والعرى والأحاديث المثيرة والصور الخليعة والألفاظ النابية وظهر فى الأعلام أشباه إعلاميين وممثلين تقمصوا دور المذيعين والمذيعات لتقديم برامج غاية فى التفاهة والإسفاف استضافوا فيها زملاءهم من الفنانين والفنانات ولاعبى الكرة ورؤساء الأندية الرياضية فأصبح عند مطالعتك لأى جريدة ورقية أو إلكترونية أن احتل الفن وكرة القدم أكبر مساحة من الأخبار على الرغم من السقوط الفنى وتدهور اللعبة الشعبية الأولى تجد أنه فى ذات الوقت بزغ نجم أبطال مصريين شرفوا بلادهم فى أرقى المحافل الدولية وحصدوا أكبر عدد من الميداليات فربما يذكرهم الإعلام على استحياء وسريعا ليفرد باقى صفحاته لماراثون اختطاف اللاعبين من الأندية الصغيرة والتعاقد مع نجوم أجانب بالملايين أوالتباهى بقدوم مدرب أجنبى يتقاضى راتبه بالدولار ناهيك عن تبادل الاتهامات والسباب والشتائم فى المحافل أو التحدث عن مخاواة الجن والعفاريت أما عن الفن فحدث ولا حرج فصعد ممثلى الأدوار الثانوية الى الواجهة لمجرد قولهم أفيهات أضحكت الجمهور فأصبحوا نجوما يتقاضون الملايين ثم تنشق الأرض عن أحدهم ليتصدر المشهد السينمائى وتصبح مقولاته حكم وأفعاله قدوة وتفاخره باسطول سياراته مثالا للشباب المصرى ثم يزيد الطين بلة بركوبه موجة الغناء الهابط  والاستعراضات الصاخبة وللأسف يجتذب ملايين الشباب لتقليد حركاته وقصة شعرة وملابسه الشفافة والغريبة وعلى النقيض تجد نخبة من علمائنا الاجلاء تقدموا بأبحاث علمية هامة ونالوا تقدير المحافل العلمية الدولية وشبابا احتلوا المراكز الأولى فى الاختراعات والبرمجيات على مستوى العالم ولم يتم ذكرهم من قريب أو بعيد ولم تسلط عليهم الأضواء أو أصبحوا قدوة لشبابنا ومثالا يحتذى به.

فهل سجل التاريخ أنه بفضل تسجيل هدف عالمى للاعب موهوب أن تم اكتشاف علاج لمرض خبيث أو أن هز وسط راقصة قد أنعش اقتصاد بلد متعثر وحولته من الفقر إلى الرخاء أو أنه بفضل اظهار فنانة لمفاتنها قد أوقفت حربا ضروسا بين بلدين أو أن حفلات المجون فى الساحل الشمالى قد محت أمية شعب ولكن للاسف الشديد تأتى شركات المحمول والمياه الغازية والإعلام ليتهافتوا على الفنانين ولاعبى الكرة مهملين الأغلبية الأكثر عطاء وابداعا وأهمية لنمو البلد فهل ما يجرى فى بلادنا يمت لأى منطق أو عقل بصلة وهل من العدل أن يتمادى الفنانون ولاعبى الكرة والإعلام فى غيهم لافساد شباب الأمة بإعلاء التفاهة والانحدار بالقيم.

أعتقد انه ولابد من صحوة ثقافية واجتماعية لاعادة الامورالى نصابها فلم تتسيد أمة بفضل التفاهة والخلاعة انما بفضل العلم والعمل والثقافة.