محمد محفوظ يكتب : هؤلاء.. عبًاد الشمس !!!


بالبنط العريض وبالخط العربي البديع لازالت تعلق بذهني تلك العبارة التى تقول (الرياضة أخلاق) والتي كانت تكتب على جدران مدرستي "مدرسة صلاح الدين الإبتدائية" بمدينة رفح المصرية والتي أشعر دائماً بالحنين لها ، حيث الأرض الطيبة والمروءة والشهامة والأخلاق ، وهي ليست مقوله عابرة كما يظن البعض ، وإنما هي قيمة عظيمة غرسها أساتذتنا بوجداننا ونحن صغار نركض خلف كرة صغيرة في دوري المدارس آنذاك ، فالرياضه كما تعودنا أخلاق ، لأنها ترويض وتهذيب للنفس قبل أن تكون حصداً للألقاب والبطولات ، وهي مرونة للعقل وليست استعراضاً للقوى والعضلات في ساحات الملاعب وعلى الشاشات ، فلعلك ترى معى عزيزي ما يحدث في منظومة الإعلام الرياضي الذي أصبح فيه الكلام قبيحاً .. ومنطقه خبيثاً .. ووصفه بزيئاً ، وبات الحديث فيه يدنو من الإنحراف ويجنح عن الصواب ، بأنصاف شخوص يشبهون في إطلالتهم (خيال المآآته) ، يقدمون محتوى رياضي (خالي الدسم) حتى من أبسط معاني الأخلاق التي من المفترض أن تكون أساس الرياضه .
فإذا كنت ممن يشاهد أو يتابع أو مهتماً بالبرامج الرياضية في مصر ، فحتماً ستشاهد معركة شرسه من الأسفاف والإبتذال وتصفية الحسابات ، وأصبح من يعمل في الإعلام الرياضي في مصر أشبه بنبات (عباد الشمس) الذي يتحرك في جميع الإتجاهات حيث اتجاه الضوء والذي تحدده المصالح الشخصية ، فهو كما يصنفه البعض من نباتات العائلة المركبة ، والذي يستنبت كنبات زينة وتؤكل بذوره كمسليات ، وهو من الدهون غير مشبعة التي يحتاجها الجسم لبعض الوقت وليس كل الوقت ، مثل هؤلاء الذين يستغلهم ذوي المصالح لبعض الوقت لتحقيق مصالحهم ويتركوهم باقي الوقت .
فللأسف تجد على الشاشات البلطجي والفتوه وسليط اللسان الذي يخوض في الأعراض ويدعو للتعصب وأخذ الثأر ولو بــ (الدراع) ، حتى وإن وصلت الأمور إلى التحريض واستباحة حرمة الدم والقتل ، وهدم ما يسمى بدولة القانون ، كما حدث من قبل في أحداث (بورسعيد) المؤلمه ، ومن قبلها أحداث (الجزائر) المؤسفه ، نعم عزيزي أؤمن دائماً مثلك بمقولة (من أمن العقاب أساء الأدب) ، ولذلك تجد البعض ممن يعمل في المجال الرياضي يضع نفسه فوق القانون ، ويدعو في حواراته إلى الفتنة والتي تعتبر أشد من القتل ، مستغلاً في ذلك منصبه وسديهاته المفبركة في تهديد الآخر، والتي تقدم في إطار وجبة رياضية يشاهد الملايين من خلالها ضياع الأخلاق وغياب الروح الرياضية ، لتشعر بعدها بالحسرة والحزن وتصاب بالكآبه ، وتدرك وقتها المعنى الحقيقي لقول الشاعر (إذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلاً) .
أدعوك ختاماً عزيزي لأن تبحث معي عن إجابه لتساؤل مهم أبحث عن إجابته منذ زمن بعيد وهو لصالح من يظهر هؤلاء؟! أظنك لن تجد إجابة واضحة مثلي سوى أن الجميع خاسر من جراء تلك المباراة التي يخوضها هؤلاء على شاشات التلفزيون ، فالجمهور الرياضي دائماً ما يقسم المتبارين في الرياضه وخاصة غير الملتزمين منهم بالروح الرياضية إلى قسمين هما الخاسر السيئ والفائز السيئ ، وأرى أن طرفا المعركة ومتابعيهما أيضاً خاسرون ، فمن عاش صفر اليدين من الأخلاق والأدب ، سيحيا بين محبيه فقيراً ولو كان يمشي بين الناس على الذهب ، ولعل ذلك الحديث الشريف الذي كان يكتب على جدران مدرستي "مدرسة الإمام علي بن طالب الإعدادية " بمدينة رفح ، والذي يقول (أشر الناس عند الله منزلةً يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره) ، يدفعني لأتساءل مجدداً ، هل سنترك البعض يصول ويجول ويخوض في الأعراض بهذا الشكل دون حساب اتقاء لشره؟! أم هو مجرد لعبة مقصودة تقدم على مائدة مكسورة لتحطم العقول وتلهي البطون ، وتصل بي وبك مع صافرة الحكم لحافة الهاويه في مباراة تظن أنك فيها (منصور) .. وأنت خاسراً مثلما يخسر (إبليس اللعين) يوم ينفح في الصور .