الدكتور أحمد عبود يكتب: صلة الرحم بين الهدي النبوي وواقع السوشيال ميديا


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه"
رواه البخاري ومسلم.
بهذا الحديث الشريف، يضع النبي محمد صلى الله عليه وسلم مبدأً واضحًا: صلة الرحم ليست فقط واجبًا دينيًا وأخلاقيًا، بل سببًا مباشرًا لبركة العمر وزيادة الرزق. كان النبي، خاتم الأنبياء، أحرص الناس على بر الوالدين، وإكرام الأقارب، حتى من أساء إليه. علّم الأمة أن صلة الرحم عبادة لا تُعطلها خصومة، ولا تُفسدها مشاعر الغضب أو الجفاء.
لكن إذا نظرنا إلى واقعنا اليوم، وتحديدًا على وسائل التواصل الاجتماعي كـ"فيسبوك" و"تيك توك"، نُصاب بالذهول. رأينا من يتفاخر على حساب أهله، ويُسجل مقاطع يسخر فيها من والده المُسن أو من أمه التي تتحدث ببساطة أهل الريف، فقط لجلب الضحك والمشاهدات.
كم من شاب ضحّى بكرامة أمه في مقطع تافه مقابل "ترند"، وكم من فتاة جعلت من والدها مادة للسخرية من أجل "لايك" أو تعليق ساخر! هل نسي هؤلاء حديث النبي؟ هل نسوا أن الدعاء قد يُرد، لكن دعوة الأم لا تُرد؟ وأن رضا الوالدين باب من أبواب الجنة؟
وسائل التواصل ليست شرًا في ذاتها، لكنها تكشف لنا ما في القلوب. فبدلًا من أن نستخدمها لنبني علاقاتنا بأهلنا، صارت تُستخدم أحيانًا لهدم الجسور بينهم وبيننا.
يا أبناء أمة محمد، إن صلة الرحم ليست مجرد اتصال هاتفي، بل احترام، وتقدير، وستر، وصبر، واحتضان. فاحذر أن تبيع برّ أبيك وضحكة أمك في سوق السخرية الإلكتروني.
فليكن تيك توكك شاهدًا على برّك، وفيسبوكك صفحة من صفحات الإحسان، فإن خاتم الأنبياء لا يرضى لك أن تضحك على حساب من أوصاك بهم الله