خالد مصطفى يكتب: الهجرة إلى مصر


أثناء زيارتى لمصر فى عام ٢٠٢١ أصيبت بنزلة برد عادية إستمرت لعدة أيام إضطريت للذهاب إلى طبيب بقرينى فى محافظة الشرقية وبالفعل كتب لى مجموعة من الحقن وبعد انتهاء العلاج شعرت بوهن شديد ووجود علامات زرقاء فى أطراف يدى توجهت مباشرة لمستشفى الصدر ومكثت بالعناية المركزة مايقرب من شهر حتى إستقرت نسبة الأوكسجين فى الجسم تعرفت خلال تلك الفترة على العديد من الأطباء المهرة كان منهم طبيب قصير القامة يدعى حسين عندما علم أننى مقيم بالمملكة المتحدة حيث دارت بيننا العديد من الحوارات عن الهجرة وظروف المعيشة بالخارج وبعد خروجى من المستشفى وإنتهاء فترة التعافى فوجئت بإتصال تليفونى من الدكتور حسين يبلغنى أنه تعاقد مع إحدى المستشفيات فى ويلز وهى دولة تابعة للمملكة المتحدة فسألته عن الراتب السنوى فأجاب 28000 جنيه إسترلينى وكانت حساباته الأولية أن هذا المبلغ يقابله بالعملة المصرية مايقارب من مليون وثمانمائة وعشرون ألف جنيه فشعر الدكتور بدهشة كبيرة لأنه سوف يستلم سنوياً هذا المبلغ الضخم ودارت فى مخيلته العديد من الأحلام لكن عندما تحدثنا سوياً عن حقيقة المبلغ بالتفصيل شعر بخيبة أمل لأنه لن يتقاضى هذا المبلغ بل سيدخل حسابه سنوياً بعد خصم الضرائب سيحصل على 20000 فقط
وبدءنا نوزع المرتب على حجم إحتياجاته الشخصية وبدون وجود أسرة ترافقه
البند الأول : بالنسبة للسكن أقل إستديو لشخص واحد إيجاره الشهرى 1300 جنيه وسنوياً 15.600
البند الثانى : المعيشة حيث تبلغ أقل قيمة فعلية للإشاعة مع التطور الرهيب فى زيادة الأسعار إلى 500 جنيه شهرياً بإجمالى سنوياً 6000 جنيه
البند الثالث : المواصلات تتراوح من 1200 إلى 2400 سنوياً
إذا لن نتطرق لبند رابع أو خامس ولا لفواتير الكهرباء والغاز والمياه وضريبة السكن لأن الراتب السنوى لصديقى الطبيب لن يكفى إحتياجاته الشخصية وبالفعل لم يستمر فى رحلته سوى عدة شهور وعاد لممارسة عمله فى مستشفى الصدر بمدينة الزقازيق
هى دى الصورة الحقيقية لهجرة أحد أطباء مصر للخارج فا العديد من الأطباء لايفكرون إلا فى الهجرة للخارج لذلك سوف اعرض عليهم قصة صديقى الذى لم يقتنع بحديثى عندما كنت فى العناية المركزة وظن أننى كنت أهزى فى حديثى معه لكنه إصطدم بالواقع المؤلم عندما غادر مصر محملاً بالأحلام الوردية بل وعاد مقتنعاً أن الهجرة الحقيقة يجب ان تكون إلى مصر
القصة واقعية ولم أساهم فى تجميلها لكن حلم السفر والهجرة والخروج الآمن من مصر بات حلم الملايين لكنهم لم يدركوا أو يتعايشوا مع الواقع الخارجى المرير لقد فرضت المتغيرات الإقتصادية العالمية عالماً جديدا على المجتمع الدولى وساهمت الحرب الروسية الأوكرانية والمناوشات الدائمة فى مضيق تايوان فى إحداث شرخ واضح فى الأعمدة الأساسية لإقتصاديات 169 دولة على مستوى العالم وسقطت دول وقاربت دول أخرى على الإنهيار بالإضافة لحرب غزة مع الكيان الصهيونى والإضطرابات المستمرة على حدودنا الشرقية والمناوشات الأخرى على الحدود العربية وتفاقم الأوضاع فى العراق وليبيا والوضع الغير مفهوم فى سوريا والصراع الغربى للهيمنة على باب المندب طرق كثيرة للتجارة العالمية قد تضررت وساهمت فى إزدياد الأسعار بمختلف دول العالم ورغم ذلك تتجه أنظار المستثمرين نحو مصر
لا تتعجب يا عزيزى نعم مصر إن وقوف القيادة المصرية فى وجوه طغاة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وعدد من دول العالم المتغطرس ورفض مصر الواضح لفكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها الحقيقى كان سبباً واضحاً أمام العالم بمختلف طوائفه بأن مصر أرض صلبة وثابتة لن تتزحزح أو تهتز من عبارات جوفاء وتهديدات لغوية ممن يظنون أنهم يحكمون العالم إن هذا الموقف القوى للقيادة المصرية أثبت للعالم أن مصر دولة كبيرة لا تتأثر بالمهاترات وتمتلك المفاتيح السحرية للأمن والإستقرار
فى الشرق الأوسط مما جعلها محط أنظار للعديد من مستثمرى العالم وسوف تشهد الفترة القادمة نقل المئات من المشروعات الإقتصادية العالمية إلى بلد يملك أفضل مناخ إستثماري يسعى إليه رؤوس الأموال فلا تندهش ياعزيزى عندما تسمع قريباً بأنه سيكون هناك صراع بين المستثمرين للحصول على الجنسية المصرية ونقل إستثماراتهم إلى مصر ولن نسمع فى القريب العاجل أن أمثال الدكتور حسين يفكرون فى الهروب من مصر لإيجاد ملاذ أمن لتحقيق الأحلام الوردية المظهر المزيفة الواقع بل سنرى عودة الإزدهار الإقتصادى ونشهد هجرة العديد من الجنسيات المختلفة ورؤوس الأموال للعمل والإستقرار داخل مصر لتعود أم الدنيا دولة حاضنة للجميع