نقش هيروغليفي.. أثر للملك رمسيس الثالث جنوب الأردن يؤكد جذور العلاقات بين القاهرة وعمّان


لم يكن "يوم التراث العالمي" هذا العام ١٩ أبريل ٢٠٢٥، يوما عاديا على مهتمي ومحبي الآثار والحضارة الفرعونية في العالمين العربي والغربي وخصوصا في الأردن، بل كان ميلادا جديدا لأثر جديد في المنطقة الواقعة جنوب شرق محمية وادي رم جنوب الأردن مما يطفو على العلاقات المصرية الأردنية نسيم الأخوة وتأكيد جذور المحبة والوئام بين الدولتين قيادة وحكومة وشعبا .
مع احتفال وزارة الآثار والسياحة الأردنية ودائرة الآثار العامة الأردنية، باليوم العالمي للتراث، كانت كالعادة حينما يتعلق الأمر بالتراث والثقافة والآثار والفنون، مصر حاضرة وبقوة في الماضي والحاضر، حيث أعلنت المملكة الأردنية الهاشمية عن أثرى جديد يتمثل في نقش (هيروغليفي) فرعوني ملكي يحمل ختما ملكيا (خرطوش) يعود للملك المصري رمسيس الثالث (1186–1155) قبل الميلاد.
مصر الماضي والحاضر
وسط أجواء من الأخوة وتأكيد العلاقات التاريخية، كانت مصر حاضرة في الماضي بالإعلان عن النقش الفرعوني، فيما كان الحاضر بتمثيلها بحضور الدكتور زاهي حواس عالم الآثار ووزير الآثار الأسبق ليشارك الأردن فرحتهم باكتشاف هذا النقش الفريد والغريب من نوعه على الحضارة الأردنية المعروفة تاريخيا.
عرض مرئي (فيديو) قصير يوثق الاكتشاف الأثري المصري على الأراضي الأردنية ممزوجا بشرح تفصيلي من أحمد لاش من دائرة الآثار العامة الأردنية، والدكتور علي المناصير من الجامعة الهاشمية، حول جهود فريق من الباحثين الأردنيين من دائرة الآثار العامة وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، والجامعة الهاشمية، في توثيق هذا النقش الهيروغليفي، الذي يمثل توقيعاً (خرطوشاً) ملكياً للفرعون المصري رمسيس الثالث (1186–1155 قبل الميلاد)، حيث تم العثور عليه في منطقة تقع جنوب شرق محمية وادي رم، قرب الحدود الأردنية السعودية.
الصدفة رحم الحدث
بالصدفة، منشور على إحدى الصفحات الإلكترونية لشاب سعودي اكتشف هذا الأثر الفرعوني خلال جولة له سياحية في وادي رم جنوب الأردن، وبالبحث والتدقيق من صحة المنشور الرحم الذي خرج منه الحدث، كان التواصل والتنسيق بين عمان والرياض ليخرج هذا الكنز الأثري للبشرية ويوثق جذور العلاقات المصرية الأردنية لما قبل الميلاد .
حملة قادها الملك رمسيس الثالث على جنوب بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية، بهدف السيطرة على الطرق التجارية القديمة ومناطق انتشار النحاس والمعادن الطبيعية، تركت هذا الأثر في هذا الموقع الاستراتيجي بين مصر وبلاد الشام بجنوب الأردن.
إن كان هذا النقش الفرعوني هو الأول في الأردن، إلا أنه ليس ذلك في المنطقة بأسرها ، بل الرابع من نوعه بحسب لاش والمناصير، ما يشير إلى أن الفرعون قد قاد الحملة بنفسه أو شارك فيها بشكل مباشر أو رمزي.
تأكيد الأثر
الكتابات المصرية القديمة وثّقت حملة الملك رمسيس الثالث، كما تم اكتشاف خراطيش ملكية له في سرابيط الخادم بسيناء، و"تمنا" جنوب شرق النقب في فلسطين، إلا أن الأدلة الأثرية المادية على امتداد تلك الحملة إلى قلب الجزيرة العربية لم تظهر إلا بعد العثور على خرطوش ملكي له في "تيماء" شمال غرب السعودية عام 2010 .
الدكتور زاهي حواس، كان هو الفيصل في الأمر، حيث أطلع على النقش وأكد أنه اسم الملك رمسيس الثالث، مشيرا إلى أن الملك رمسيس الثالث هو آخر الملوك الأقوياء في عصره وصاحب رغبة في الحروب والسيطرة .
وقال حواس، في تصريح لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، على هامش الاحتفال، إن الاكتشاف الأثري أظهر وجود "خرطوشين" يحملان اسم الملك رمسيس الثالث، حيث يشير الخرطوش الأول إلى اسمه عند الولادة، والثاني إلى اسم العرش، والذي يُعلن فيه أنه ملك مصر العليا والسفلى .
وأكد حواس أن هذا الاكتشاف يمثل دلالة مهمة على ضرورة تنفيذ حفائر منظمة في الموقع، لافتاً إلى أن العثور على اسم الملك رمسيس الثالث بجنوب الأردن مهم جدا، ولا بد من تنفيذ حفائر منظمة في هذا الموقع، لأنه من الممكن أن يتم الكشف عن أشياء مهمة جدا تُظهر العلاقات التاريخية بين الأردن ومصر منذ أكثر من 3000 سنة .
انبهار الحضور بعرض الدكتور حواس عن النقش الفرعوني كان حديث الحضور من العلماء والخبراء الأردنيين والدوليين في مجال الآثار، فيما كانت الأدلة والبراهين عنوان سلام وقوة للعلاقات بين مصر والأردن على مر التاريخ القديم والحديث.