خط أحمر
الأربعاء، 16 أبريل 2025 01:15 صـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

خالد مصطفى يكتب: المصريون في الخارج والجمهورية الجديدة

خط أحمر

أبدأ حديثي، على غير العادة، بسؤال مُلح: هل نهتم بالفعل بـ 14 مليون مواطن مصري يعيشون خارج حدود الوطن؟ بين هؤلاء نجد نماذج لامعة حققت نجاحات لافتة في مختلف المجالات، وأخرى تعثرت، فكانت الغربة عبئًا ثقيلًا عليهم وعلى أسرهم ورغم التباين بين قصص النجاح والفشل، إلا أن القاسم المشترك المؤلم هو غياب الاهتمام والرعاية من الجهات المعنية بكلا الحالتين.

ورغم الجهود المشهودة التي تبذلها وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، إلا أن تلك الجهود تظل دون تأثير فعلي. إذ يعاني أبناء الوطن في الخارج من غياب واضح لدور الدولة، حتى على مستوى الجاليات المصرية المنتشرة حول العالم، والتي يغلب على بعضها الإهمال، وتفتقر في أحيان كثيرة للمصداقية، بل وتشهد خلافات وانقسامات تسيء لصورة المصريين.

ولعل المثال الأبرز على ذلك ما يحدث في العاصمة البريطانية لندن، حيث تتعدد الكيانات التي تزعم تمثيل الجالية المصرية، وسط صراعات بين قياداتها، في ظل علم السفارة المصرية بذلك، بل والتعامل مع هذه الأطراف بشكل منفصل، مما أفقد المصريين هناك الثقة في هذه الكيانات.

وقد شهدت بنفسي موقفًا مؤلمًا عند وفاة أحد المواطنين المصريين غير الحاصلين على إقامة، حيث تم التعامل مع حالته بإهمال شديد، على عكس ما يحدث مع جاليات أخرى تتحرك فورًا لمعالجة مثل هذه الظروف.

لذلك، فإن تفعيل ما ينص عليه الدستور بخصوص تمثيل المصريين بالخارج في مجلسي النواب والشيوخ، لم يعد مطلبًا ترفيهيًا، بل ضرورة وطنية يجب أن يكون لهؤلاء تمثيل حقيقي، من أشخاص مغتربين بالفعل، يدركون تفاصيل حياة المصري بالخارج، ويتفاعلون مباشرة مع مشكلاته، وقادرون على نقل صوته إلى صناع القرار داخل الوطن.

وهنا تقع مسؤولية كبيرة على عاتق الدولة والأحزاب، خاصة تلك التي شهدت تطورًا كبيرًا في أدائها السياسي، مثل حزب مستقبل وطن، الذي بات له ثقل حقيقي في الشارع المصري، أصبح لزامًا عليه أن يتيح الفرصة للمصريين بالخارج في التمثيل النيابي، من خلال اختيار شخصيات مؤهلة، تمتلك خبرة واقعية في التعامل مع الجاليات، وتملك القدرة على حل المشكلات، وتعزيز التواصل مع الغرف التجارية العربية والعالمية، لضخ استثمارات جديدة ونقل صورة حقيقية لما يتحقق من إنجازات داخل مصر.

كما يجب أن يعمل هذا التمثيل على زيادة التحويلات الدولارية، وتحفيز المستثمرين المصريين بالخارج على توجيه جزء من استثماراتهم للوطن، من خلال حوارات جدية ولقاءات منتظمة مع الجاليات المصرية والعربية، إضافة إلى التعاون مع المراكز الثقافية لتبادل الخبرات وتعزيز الحضور الثقافي لمصر عالميًا.

ومع اقتراب استحقاقات 2025 النيابية، يجب على الأحزاب أن تبحث عن مرشحين يمتلكون الخبرة والمعرفة التامة بحياة المغترب، من المقيمين فعليًا في دول مثل الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، أستراليا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، روسيا، الصين، الكوريتين، أمريكا اللاتينية، ودول الخليج، هؤلاء فقط هم القادرون على تمثيل المصريين بالخارج بصورة مشرفة وفعّالة، خلافًا لما شهدناه سابقًا في دورتي 2015 و2020، والتي لم تعكس تمثيلًا حقيقيًا للمغتربين، بل كانت تجربة النائبة غادة عجمي كفيلة بأن تفقد المصريين الثقة في جدوى هذا التمثيل.

إن وجود نواب يقيمون فعليًا في هذه الدول، ويملكون خبرات طويلة في التعامل مع قضايا الجاليات، سيمنحهم الأفضلية في التواصل السريع والفعّال، ويُمكنهم من فتح آفاق جديدة للاستثمار، عبر الغرف التجارية والمنصات الاقتصادية العالمية، بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني.

ويظل من أكثر الملفات حساسية، ملف التحويلات المالية، التي كانت تبلغ نحو 33 مليار دولار سنويًا، قبل أن تبدأ في التراجع مؤخرًا، ما أدى إلى تأثير سلبي مباشر على الاقتصاد، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى وجود كيانات وشركات تتبع تنظيمات معادية للدولة، تتعامل مع المصريين من خلال وسطاء يقدمون أسعارًا أعلى من البنوك المصرية، مما يضعف التحويلات الرسمية، وهنا تظهر الحاجة الماسة لنواب حقيقيين، عاشوا تجارب الجاليات ويفهمون مداخلها، ليواجهوا هذه الظواهر ويعيدوا توجيه الدعم للدولة.

إن غياب التمثيل الحقيقي للمصريين بالخارج هو خسارة مباشرة للاقتصاد، ولصورة الدولة، وللجهد الوطني المبذول على مدار السنوات الماضية، ولذلك، يجب أن يكون اختيار نواب 2025 لمجلسي النواب والشيوخ قائمًا على أسس واقعية، لا على اعتبارات شكلية أو تمثيل صوري.

نحن بحاجة لنماذج حقيقية، تُمثّل المغتربين تمثيلًا فعّالًا، وتُسهم في تصحيح الصورة النمطية، وتقدم رؤية جديدة تُعزز من مكانة مصر عالميًا، وتتسق مع ما يشهده الوطن من تحولات كبرى بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يعمل بكل قوة لإعادة بناء مصر الحديثة.

خالد مصطفى  المصريون في الخارج الجمهورية الجديدة خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة