خط أحمر
السبت، 12 أبريل 2025 08:27 مـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

الدكتور محمد سيد أحمد يكتب: الشارع العربي كله أيمن حسن !!

خط أحمر


قد لا يعرف الكثيرون خاصة من الأجيال الجديدة التي نشأت وترعرعت في أحضان الانترنت وتكنولوجيا المعلومات والسوشيال ميديا من هو أيمن حسن، مع أن كبسة زر واحدة على محركات البحث على أي موقع سوف تعلمهم بمن هو، أنه فلاحاً مصرياً ولد في ١٨ نوفمبر ١٩٦٧ في قرية الغنيمية بريف الزقازيق بمحافظة الشرقية، أي بعد بضعة أشهر من النكسة التي غيرت الجغرافيا العربية لصالح العدو الصهيوني، وينتمي أيمن إلى جيل أصبح اليوم في نهايات العقد السادس، ذلك الجيل الذي تشكل وعيه في السنوات الأولى للتطبيع الرسمي مع العدو الصهيوني، لكن اتفاق الرفض الشعبي غير المكتوب بين العرب عامة والمصريين خاصة، جعله لا ينسى الدماء التي لم تتمكن من تجفيفها أحبار الصلح.

بالقطع أيمن فلاحاً مصرياً بسيطاً التحق بالجيش المصري في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي لأداء الخدمة العسكرية مثله مثل ألاف من أبناء الشعب المصري الذين يلتحقون سنوياً بالجيش لأداء خدمة العلم، ولم يكن أيمن منتمياً إلى حزب أو جماعة، كما أنه لم يسبق له المشاركة في مظاهرة من تلك التي خرجت لرفض تطبيع العلاقات بين بلاده والعدو الصهيوني، بل أنه وبفطرته السليمة وفي لحظة امتزج بها العام بالخاص، قرر أن ينفذ عملية استشهادية بكل ما تحمله من معنى ضد جنود صهاينة، في بداية تخطيط أيمن لعمليته التي عرفت إعلامياً " برأس النقب" وهي منطقة حدودية بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة من العدو الصهيوني، كان أيمن يستهدف الانتقام من جندي صهيوني رآه يدنس علم بلاده ففي إحدى نوبات الحراسة، شاهد جندياً صهيونياً يمسح حذاءه بعلم مصر، كانت قد نقلته إليه الرياح من سرية إحدى النقاط الحدودية المجاورة، فتألم أيمن لما حدث، ليتفاجأ لاحقاً بالجندي الصهيوني يضاجع زميلته المجندة الصهيونية المناوبة معه فوق العلم، فقرر أيمن في تلك اللحظة الخاصة الانتقام من هذا الجندي الصهيوني، لكن في تلك الأثناء وقعت مذبحة الأقصى الأولي التي نفذها متطرفون صهاينة وراح ضحيتها عشرات الشهداء والمصابين الفلسطينيين، وهنا اختلط العام بالخاص داخل عقل أيمن، وقرر تغيير خطته من الانتقام من الجندي إلى حصد أكبر عدد من جنود العدو الصهيوني، انتقاماً لشهداء الأقصى، دون استبعاد الجندي الصهيوني المستهدف.

وعلى مدى تسعة أيام ظل أيمن يدرس تحركات فريسته المحتملة، وحركة المركبات على الحدود، وطبيعة تأمينها، والثغرات الجغرافية والأمنية، فوجد أمامه خمسة أهداف، كان أبرزها حافلة ركاب يستقلها ضباط مطار النقب العسكري، ولقرابة شهر ونصف ظل أيمن يتدرب على الجري مسافة خمسة عشر كيلو متراً يومياً، وهي المسافة التي تفصل بين نقطة ارتكازه والهدف المحتمل ذهاباً وإياباً، وعشية ساعة الصفر تمكن أيمن من تجهيز ٤٥٠ طلقة حصل عليها من مخزن الذخيرة بوحدته العسكرية، دون أن يعلم زملاؤه بخطته، وفي حدود الخامسة صباحاً يوم ٢٦ نوفمبر ١٩٩٠ انطلق مخترقاً الحدود ليصل إلى هدفه في تمام الساعة السادسة والنصف، وبدأ أيمن في الاشتباك وأفرغ ٤٢١ طلقة من ذخيرته، سقط على أثرها ٢١ صهيونياً كان من بينهم أحد كبار رجال الموساد المسؤولين عن تأمين مفاعل ديمونة النووي وضباط بمطار النقب العسكري، ونال الجندي الذي أهان العلم المصري نصيب معتبر من هذه الذخيرة، وأصاب نحو ٢٠ أخرين، واستغرقت العملية قرابة ٢٠ دقيقة، أصيب خلالها أيمن إصابة طفيفة في رأسه جراء تبادل إطلاق النار مع جنود العدو الصهيوني، وعاد بعد إتمام المهمة مسرعاً إلى حدود بلاده، ليسلم نفسه إلى قيادة المنطقة العسكرية.

ورفضت مصر تسليم أيمن حسن لمحاكمته في الكيان الصهيوني، وجرت محاكمته أمام القضاء المصري، في ظل حالة من التعاطف العامة مع الجندي المصري البطل، وفي مثل هذه الحالات يعرض مرتكب الحادث على لجنة طبية لفحص قواه العقلية، وهو ما تم فعلياً في مستشفى المعادي العسكري، وأكد الأطباء المسؤولين عن كتابة التقرير الطبي أنهم توصلوا لحل وسط، باعتبار أيمن مسؤولاً مسؤولية جزئية عن أفعاله، حتى يتم إعفاءه من المسؤولية الكلية التي قد تضعه تحت مقصلة الإعدام، وإعفاءه كذلك من تشخيص عدم المسؤولية الذي كان سيضعه بقية حياته في مستشفى الأمراض العقلية، وتم ذلك بتأييد من القيادات العسكرية المصرية التي اعتبرت أيمن بطلاً لا يقل جسارة عن الذين خاضوا حروباً ضد العدو الصهيوني، وقضت المحكمة في أبريل عام ١٩٩١ بسجن أيمن ١٢ عام، ليخرج بعد تسع سنوات فقط في عام ٢٠٠٠ بعفو شرطي، ويعود لمسقط رأسه ليعيش جندياً مجهولاً مثله مثل الكثيرين من أصحاب البطولات.

هذا هو أيمن حسن أيقونة مصرية لا تعرفها الأجيال الجديدة لكنها خالدة في ذاكرة التاريخ الوطني، وإذا كانت هذه هي روح أيمن حسن التي تسكنها العداء للعدو الصهيوني، والتي ترفض بفطرتها التطبيع مع هذا العدو المغتصب للأرض العربية، فإن نفس هذه الروح المسكونة بالعداء تتملك كل الشارع العربي من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، لذلك فالشعب العربي الذي تجاوز تعداده اليوم ٤٠٠ مليون نسمه يشكلون ما يقرب من ٥٪ من سكان العالم، يعتبرون أنفسهم أيمن حسن، ويرفضون أي شكل من أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، ومستعدون لحمل السلاح ومواجهة هذا العدو الذي يبيد شعبنا العربي الفلسطيني في غزة، ويدركون أن معركتنا مع هذا العدو هي معركة وجود وليست حدود، فالشعب العربي كله جنوداً مجهولين ينتظرون الشهادة، كما كان ينتظرها أيمن حسن، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

الدكتور محمد سيد أحمد الشارع العربي كله أيمن حسن خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة