الرئيس السيسي في زيارة تاريخية لمدريد.. سياسيون: الزيارة فرصة جيدة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التعاون الاقتصادي


تتمتع مصر وإسبانيا بعلاقات ثنائية متينة تمتد لعقود، تتسم بالتعاون والصداقة العميقة وتوافق الرؤى في العديد من القضايا الإقليمية والدولية، يبرز هذا التعاون في تعزيز التنسيق بين دول جنوب وشمال البحر المتوسط، خاصة في ظل التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط نتيجة الأزمات المستمرة في بعض دول المنطقة.
وشهدت العلاقات المصرية الإسبانية تطورًا ملحوظًا في مختلف المجالات، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والتجاري، حيث تُعد إسبانيا من الشركاء التجاريين البارزين لمصر، حيث يتم تبادل العديد من المنتجات والسلع بين البلدين. كما يوجد تعاون ملموس في مجالات النقل، الطاقة المتجددة، الزراعة، والسياحة، ويلعب مجلس الأعمال المصري الإسباني المشترك دورًا حيويًا في تعزيز هذه العلاقات، من خلال جمع القطاع الخاص والأطراف المعنية، مما يسهم في زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين.
على الصعيد السياسي، تحرص القاهرة ومدريد على تعزيز التشاور والتنسيق المستمر بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل مكافحة الإرهاب، الهجرة غير الشرعية، ودعم الاستقرار في منطقة البحر المتوسط، تعكس هذه الجهود التزام البلدين بتعميق العلاقات الثنائية والعمل المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، ومن هاذ المنطلق تبرز أهمية زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مملكة أسبانيا والتي تستهدف تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون والتنسيق بين البلدين.
النائب أيمن محسب: لقاء الرئيس السيسي مع رئيس "نفانتيا" يعكس اهتمام مصر بتطوير الصناعات البحرية وتعزيز التعاون الدولي
وفي هذا السياق رحب الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، باللقاء الذي جمَع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع ريكاردو دومينجيز جارثيا، رئيس مجلس إدارة شركة "نفانتيا" الإسبانية العاملة في مجال بناء السفن وصيانتها ونظم الطاقة المتجددة، وذلك على هامش الزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس إلى مملكة إسبانيا.
وأكد "محسب"، أن هذا اللقاء يعكس حرص الدولة المصرية على تطوير الصناعات البحرية وتوطينها، بما يتماشى مع استراتيجية مصر لتصبح مركزاً إقليمياً وعالمياً للصناعات البحرية وخدماتها، مشيرا إلى أن مصر تمتلك مقومات كبيرة تؤهلها لتحقيق هذا الهدف، خاصة في ظل التطورات الكبيرة التي تشهدها البنية التحتية للموانئ البحرية المصرية، مثل ميناء الإسكندرية وميناء الدخيلة وميناء شرق بورسعيد، بالإضافة إلى المشروعات العملاقة التي يتم تنفيذها في منطقة قناة السويس.
وأضاف عضو مجلس النواب، أن تطوير الأسطول البحري المصري يُعد أحد الركائز الأساسية لتعزيز الاقتصاد الوطني، حيث يساهم في دعم حركة التجارة الدولية وزيادة الصادرات المصرية، فضلاً عن تعزيز الأمن القومي من خلال تأمين الحدود البحرية، لافتا إلى أن التعاون مع شركة "نفانتيا" الإسبانية، التي تُعد من الشركات الرائدة في مجال الصناعات البحرية، سيسهم في نقل التكنولوجيا المتقدمة وبناء السفن الحديثة التي تلبي احتياجات السوق المحلي والإقليمي.
كما أكد "محسب"، أن الدولة المصرية تبذل جهوداً كبيرة لتطوير الموانئ البحرية وزيادة قدرتها التنافسية، من خلال تحديث البنية التحتية وتوفير الخدمات اللوجستية المتطورة، مما يجعلها وجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، موضحا أن هذه الجهود تأتي في إطار رؤية مصر 2030، التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة مصر كمركز لوجستي وتجاري عالمي.
وأعرب النائب أيمن محسب، عن تطلعه إلى مزيد من التعاون بين مصر وإسبانيا في مختلف المجالات، خاصة في قطاع الصناعات البحرية والطاقة المتجددة، مؤكداً أن مثل هذه الشراكات الدولية تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة للشباب المصري.
الدبلوماسية الرئاسية حققت إنجازات رائعة
ومن جانبه أشاد ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل الديمقراطي بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإسبانيا، مؤكداً أنها جاءت في إطار الدبلوماسية الرئاسية التي انتهجها الرئيس السيسي لتكون جنباً إلى جنب الدبلوماسية المعتادة بين الدول "دبلوماسية وزارة الخارجية"، دافعةً لعلاقات مصر الخارجية مع الدول الأخرى.
وأشار الشهابي إلى أن الدبلوماسية الرئاسية حققت إنجازات رائعة كشفت الأهداف الخبيثة الشيطانية لحرب الإبادة الوحشية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلية على أهلنا في قطاع غزة، ونجحت خلال الخمسة عشر الماضية في تفكيك التحالف الأوروبي الغربي مع المخطط الصهيوني الأمريكي الداعم لتصفية القضية الفلسطينية لصالح إنهاء تلك الحرب ووقف إطلاق النار وإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وشدد الشهابي على أن من نتائج تلك الدبلوماسية الرئاسية أيضاً اعتراف إسبانيا وبعض الدول الأخرى بدولة فلسطين ورفضها لمخطط التهجير واستيلاء أمريكا على غزة، وكذلك نجحت الدبلوماسية المصرية بشقيها الرئاسي والمعتاد لوزارة الخارجية في رفض أغلبية دول العالم لتهجير الفلسطينيين وإيمانهم بحل الدولتين مما عزل أمريكا عالمياً في موقفها من القضية الفلسطينية.
وأكد الشهابي أن سيتم في زيارة الرئيس السيسي الثانية لإسبانيا الإعلان المشترك لترفيع العلاقات بينها وبين مصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية. وتوقيع عدد من المذكرات منها مذكرة تفاهم للتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والصناعية والفنية، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال السياحة.
وأضاف رئيس حزب الجيل أن الرئيس السيسي كعادته في زياراته الخارجية سيعقد مائدة مستديرة في مقر إقامته مع مجموعة من رجال الأعمال الإسبان، بحضور وزير الاقتصاد والتجارة والمشاريع الإسباني، ورئيس غرفة التجارة الإسبانية، ورئيس اتحاد منظمات الأعمال الإسبانية والوزراء المصريين المرافقين الرئيس.
كما أكد الشهابي أن زيارة الرئيس السيسي الحالية لإسبانيا تكتسب أهمية خاصة؛ حيث تركز على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، لا سيما في الجوانب الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، كما تتناول الزيارة التنسيق السياسي مع إسبانيا، خاصة بشأن التطورات الإقليمية والوضع في منطقة الشرق الأوسط، مع الأخذ في الاعتبار مواقف إسبانيا الإيجابية تجاه القضية الفلسطينية مشيراً إلى أن زيارة الرئيس السيسي لإسبانيا تأتي في وقت مهم في ظل ما يشهده العالم من متغيرات، وفي ظل تخوفات أوروبية بعد تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وكذلك تحقق سعى مصر إلى توسيع مجالات التعاون مع مختلف دول العالم لتحقيق المصلحة الوطنية وجذب الاستثمارات، مما ينعكس إيجابياً على التنمية الشاملة وتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط كما تهدف الزيارة إلى تحقيق تحرك في الاتحاد الأوروبي لدعوة الدول الأوروبية للاعتراف بالدولة الفلسطينية ورفض مخطط التهجير، ودعم خطة مصر لإعادة إعمار غزة في وجود سكانها.
الزيارة تأتي في توقيت بالغ الأهمية
وبدورها أثنت النائبة إيمان العجوز عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب ، على زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إسبانيا، مؤكدة أنها جاءت في توقيت بالغ الأهمية، حيث تعكس الرؤية المصرية الحكيمة في تعزيز العلاقات مع الشركاء الأوروبيين، خاصة في ظل التحديات الدولية المتسارعة.
وأوضحت إيمان العجوز ، في بيان لها، أن هذه الزيارة تُعد نقلة نوعية في مسار العلاقات بين القاهرة ومدريد، إذ تعزز التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين، لا سيما وأن إسبانيا تُعد شريكًا محوريًا داخل الاتحاد الأوروبي، ولها دورٌ بارز في دعم القضايا الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وأشارت النائبة إلى أن المباحثات بين الجانبين ركزت على التعاون الاقتصادي والاستثماري، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة، البنية التحتية، والنقل، مما يسهم في دفع عجلة التنمية في مصر وفتح آفاق جديدة لفرص العمل.
وفيما يخص القضايا الإقليمية، أشادت العجوز بالتوافق المصري-الإسباني حول القضية الفلسطينية، حيث أكدت مدريد دعمها لحل الدولتين ورفضها القاطع لتهجير سكان غزة، وهو ما يتناغم مع الموقف المصري الثابت في رفض أي محاولات للتصفية أو التهجير القسري، ودعوته لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكدت العجوز أن هذه الزيارة تمثل حجر زاوية في ترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين مصر وإسبانيا، وخطوة استراتيجية لتعزيز التعاون والشراكة الدولية، داعية إلى استمرار التنسيق والتعاون بين البلدين في مختلف المجالات، بما يخدم مصالح الشعبين الصديقين ويعزز الأمن والاستقرار الإقليمي.
زيارة الرئيس السيسي إلى إسبانيا فرصة جيدة لتعزيز التعاون بين البلدين
وفي ذات الصدد، قال اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر أستاذ العلوم السياسية، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إسبانيا تأتي في توقيت بالغ الأهمية، خاصة في ظل الأوضاع الإقليمية المتوترة، والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، مشيرا إلى هذه الزيارة تندرج ضمن الجهود الدبلوماسية المصرية الساعية إلى تكوين رأي عام دولي داعم لموقف مصر والعالم العربي بشأن إعادة إعمار قطاع غزة، ورفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن أهمية هذه المشاورات تتزايد بالنظر إلى أنها تسبق انعقاد القمة العربية، مما يتيح فرصة مهمة لمصر لعرض رؤيتها على إسبانيا، التي تمثل صوتا معتدلا داخل الاتحاد الأوروبي وتعول القاهرة على مثل هذه اللقاءات في تحفيز الدول الأوروبية لاتخاذ مواقف أكثر دعما لحل الدولتين، واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما أن استمرار التصعيد في الشرق الأوسط ستكون له تداعيات خطيرة على الأمن الأوروبي نفسه.
وأشار نائب رئيس حزب المؤتمر إلى أن مصر تدرك جيدا أن اشتعال الأوضاع في المنطقة قد يؤدي إلى موجات جديدة من عدم الاستقرار، وهو ما قد ينعكس سلبا على الأمن والاقتصاد الدوليين لأن الأزمة الفلسطينية ليست مجرد قضية إقليمية، بل هي قضية ذات أبعاد عالمية تؤثر على ميزان القوى في العالم، وعلى استقرار أسواق الطاقة وحركة التجارة الدولية، خصوصًا مع موقع مصر الحيوي الذي يربط بين قارات العالم.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن الرئيس السيسي، من خلال زيارته إلى إسبانيا، يسعى إلى توضيح موقف مصر القائم على ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل، ورفض أي إجراءات أحادية تزيد من معاناة الشعب الفلسطيني كما أن هذه الزيارة تسهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين القاهرة ومدريد في مختلف المجالات، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والاستثماري.
وأكد الدكتور رضا فرحات أن السياسة المصرية في التعامل مع القضية الفلسطينية ظلت ثابتة عبر العقود، حيث تقوم على التمسك بالسلام العادل، ودعم حقوق الفلسطينيين المشروعة، والعمل مع الأطراف الدولية الفاعلة للوصول إلى حلول مستدامة كما أنها لا تدخر جهدا في تقديم المساعدات الإنسانية لغزة، ودعم إعادة الإعمار، وهو ما يحظى بتقدير دولي واسع.
وأكد أستاذ العلوم السياسية على أن تحركات مصر الدبلوماسية تعكس دورها المحوري في استقرار المنطقة، وأن نجاح هذه الجهود يعتمد على تفاعل القوى الدولية مع رؤية مصر للحل، والتي تنطلق من مبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، لضمان سلام دائم يخدم شعوب المنطقة والعالم.