مجرد ماتفتح الفيس بوك أو تويتر أو الواتس، تلاقي نفسك محاط بأخبار وحوادث مأساوية، بعدها بتلاقي نفسك مكتئب ومش طايق نفسك، ولا طايق  غيرك ولا طايق  العيشه والا اللي عايشنها هل ده وضع طبيعي؟ أشك، عن هذا الموضوع تحديدا...أتحدث..

تسيطر على ذهنية ونفسية بعض المصريين وللأسف بيكتروا وبيزيدوا يوميا، ظاهرة غاية في الاضطراب والخطورة.. ولو سبنا نفسنا للظاهرة دي.. هتبقى آثارها وتداعياتها مدمرة للمجتمع كله ودماغنا بكل ما فيها من أفكار.. هتفك.

ظاهرة بقالي خمس سنوات أرصدها.. وموجودة عند كل المستويات والفئات.. العمرية والتعليمية والاجتماعية.. إيه الظاهرة دي.

أي حادثة فردية.. تحصل هنا أو هناك في أي مكان في مصر يتم تناولها عبر الفيس ووسائل التواصل وكأن الحياة توقفت ومفيش غير الحادثة دي، كل واحد فينا عامل على صفحته.. محلل بارع.. ومقيم ممتاز.. ومفسر رهيب.. وقاضي محنك.. ومستشار مميز.. و خبير جهبذ.. وفجأة.. وهو الأهم..إن الحادثة الفردية.. تبقى ظاهرة مجتمعية عامة.. ونبدأ نفتح السب واللعن والشتائم.. على البلد كلها واللي فيها مسؤليين وغير مسؤلين.

ونبدأ مع كل مشكلة فردية.. نضخمها ونعممها على المجتمع كله.. فاكرين البنت جنة اللي جدتها وخالها عذبوها، أهو الموضوع ده حادثة فردية.. ممكن نتكلم عنها في حدود أسرتها المختلة عقليا ونفسيا وسلوكيا.. لكن لما تتبعت صفحات اللي كتبوا عنها.. لقيتهم ليل ونهار يصبوا غضبهم على الأسرة المصرية.. وإن الأسرة المصريه كلها اتفككت وانهارت وأصبحت الأسرة المصرية في خبر كان. وهاتك يانخع بالتفسير.. لدرجة بعض الناس المضطربين نفسيا وعقليا كتبوا على صفحاتهم تحذيرات بعدم ترك الأبناء الصغار عند أهالي الأب والأم.. بالذمة دي عقليات سوية.. دي عقليات مهيسة مهلوسة مهسترة.

كمسري رمى اتنين من القطر.. بدل مانركزعلى الحادث أن الكمسري مضطرب نفسيا وسلوكيا.. ونطالب بأقسى عقوبة عليه لفعلته الشنعاء.. تلاقي الصفحات سابت الحادثة.. وهاتك ياشتيمة ونقد وتجريح في كل حاجه في البلد.. وصفحات بدأت توصف كل المصريين.. إنهم أندال ويستاهلوا الحرق.. علشان ماساعدوش الاتنين اللي ماعهمش تمن التذكرتين.

وناس تانيه بتطالب الوزير يقدم استقالته ويرحل، خدوا بقى من الهستريا ده كتييييير.. طول النهار نلعن ونلوم الظروف والناس والأحداث وكأن كل واحد فينا ملاك نزل على الأرض، وكان كل واحد فينا مابيغلطش، وكأن حياة كل واحد فينا ماشية على المسطرة ما فيهاش أي مشكلات ولا أزمات ولا ضغوط، ومافضلش غير الوزارات والمؤسسات والهيئات..هم المقصرين..هم الغلطانين...هم السبب.

وده بيخلص بعضنا ياخد كل حادثة فردية.. ويفضل يهيس ويهستر ويرمي المسؤولية كاملة عليهم.. ده اسمه في علم النفس.. تنفيسات انفعالية لمشكلات وأزمات شخصية.. تخص الشخص المهولاتي.. هتقولي سببه إيه.. أقولك...إنك على مستواك الشخصي ضغوط.. فشلت في تحقيق التوافق جواك.. ومش عارف تتعامل مع مشكلاتك ولا أزماتك الخاصة.. تقوم تعمل إيه، تنسى غمك وهمك وقرفك اللي تاعبك جواك وتبدأ تركز بقى في أي مشكلة تحصل براك..

وتبدأ تكبرها وتهولها وتعجنها وتخبزها.. وتفرغ انفعالاتك كلها من خلالها.. ده مش معناه مانتكلمش.. لأ..بس نحط كل حادثة بنتكلم عنها في حدودها. لأن تكرار التناول وتضخيمه.. سيؤدي إلى ذيوع حالة من السوداوية والشعور بالاكتئاب لدى الجميع.

واعتقد وأظن إن ده في حد ذاته.. هدف مقصود لبعض الأفراد..  سواء بقصد وسوء نية.. أو بحسن نية مفرط.. والنصف ده هو الأخطر لأنه مش فاهم إنه بيسود حياة الناس.. وبيخليهم على طول متوترين ومشدودين..  وده بيسموه...انخفاض الروح المعنوية.. استقيموا يرحمنا ويرحمكم الله.