خط أحمر
الأربعاء، 8 يناير 2025 06:07 مـ
طرحها للحوار المجتمعى قبل بدء التطبيق.. وزير التربية والتعليم يعرض...الصحة العالمية: ارتفاع حالات HMPV وأمراض تنفسية أخرى أمر معتاد...الإمارات تدرج 19 فردًا وكيانًا مرتبطين بـ”الإخوان” على قائمة الإرهابالشعب الجمهورى: قمة مصر وقبرص واليونان تعزز الشراكة الاستراتيجية بين...برلمانى: القمة ”المصرية اليونانية القبرصية” تهدف لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري”البنك الزراعي” و”السويدي” للصناعات والمشروعات الهندسية يوقعان بروتوكول تعاون لتمويل...الرئيس السيسى يشهد توقيع 4 مذكرات تفاهم بين مصر وقبرص...نائب وزير الصحة تتفقد عدداً من الوحدات الصحية في محافظة...”القومي للأشخاص ذوي الإعاقة” يطلق مشروع ”حرفتنا من تراثنا” بالتعاون...بدء إجراءات إصلاح خط البوتاجاز ”مسطرد – الهايكستب” بعد تبريده...بالانفوجراف.. ننشر قرارات اجتماع مجلس الوزراء السابع والعشرين برئاسة الدكتور...وزير والتعليم يُقدّم عرضًا لنظام شهادة البكالوريا المصرية «بديل الثانوية...
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

الدكتورة دينا طلعت السايح تكتب: القدس قضية تائهة بين العقيدة والسياسة

خط أحمر

كنت قد نوهت في المقال السابق عن هذا المقال، الذي كنت قد نشرته سابقا عام 2016، أرجو قراءته والتركيز في المعنى المراد توصيله، لأن لو استندنا على هذه الطريقة من التحليل في ملفات الصراع الحالية في المنطقة سيتم حل العديد من اللوغاريتمات لنا جميعا، ونتجنب كثير من الصدامات الداخلية التي يتعمد أصحاب المخطط العالمي ضد الدول إحداثها، باستغلال العاطفة التي تتميز بها شعوبنا، وهو ما كان سببا في خسارة قضية من أهم قضايا المنطقة، وإن لم نكن خسرنا فنحن لم نحرز أي تقدما طوال العقود السابقة ووصلنا لأردأ نتيجة يمكن أن نتخيلها.

المقال: تتعالى أصوات أفراد الشعوب العربية اليوم وأمس بهتافات الدفاع عن القضية الفلسطينية ومدى قدسية القضية، ويتم تناول الشعارات الدينية المنددة بالاحتلال الغاشم على تلك الأراضي المقدسة ومدى أهميتها لدين الإسلام، وأحقية المسلمين في تلك الأرض، وأن الانتصار لتلك القضية هو انتصار للإسلام ورفعة للعرب، لاسترداد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

ولكني أتساءل لماذا، والمسلمون أكثر من أربعة مليارات على مستوى العالم، لم تتقدم القضية الفلسطينية خطوة واحدة من عقود؟ هل حقا القضية الفلسطينية وما آلت إليه اليوم، والقدس المحتلة قضية عقائدية أم سياسية؟

فلو لم يكن النظر لتلك القضية على أنها قضية عقائدية غير ذات فائدة ليومنا هذا، فما الدافع وراء ذلك ومن المستفيد من ذلك، وما الأسباب لتوجيهها هذا الاتجاه.

فلو علمنا أن من أكثر القضايا الجدلية والنزاعات الأزلية الميؤوس منها دائما تكون مرجعيتها إما العقيدة أو الدم، كلاهما قضايا لا يمكن إيجاد حلول جذرية لها ولا تغلق للأبد.

نجد أن الكيان الصهيوني تعمد توجيه صراعه مع العرب في اتجاه عقائدي، متعمدا تجاهل الأعراف والقوانين الدولية التي تحكم الشعوب وتديرها مؤسسات معترف بها عالميا، كالأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية.

وللأسف نجد المجتمعات العربية على مدار التاريخ الحديث وتوالي إداراتها المختلفة تنحى نفس المنحى اللانهائي من التوجيه، دون التوقف لتتساءل إن كان هذا التوجه هو الصحيح، فلماذا لم ينتهِ الصراع؟

ونجد خلفهم الشعوب مندفعة بمشاعر غطت على الفكر الواعي والمنطقي للأمور، إما جهلا بالحقائق أو تحذلق بهدف المصلحة أو بغير هدف.

فلو لجأنا للتاريخ لحل هذه الجدلية، سنجد أن أول من سكن الأراضي الفلسطينية هم العموريون ثم اليبوسيون، وعام 3500 ق.م جاء الكنعانيون من شبه جزيرة العرب وسكنوا الأرض، واستمرو، لأكثر من الف وخمسمائة عام، حتى سميت الأرض باسمهم (أرض كنعان) وهم أول من بنى حضارة قوية وأقاموا مدائن القدس ونابلس وأريحا وبيسان، ثم هاجر العبرانيون مع سيدنا إبراهيم لأرض كنعان وأقاموا فيها، وبسبب هبوب المجاعة هاجروا مرة أخرى لأرض مصر حيث استعبدوا فيها.

وفي عام 1300ق.م، نزحت قبيلة باليست من جزر بحر إيجة، ومنها جزيرة كريت الحالية لأرض كنعان، وعاشوا بها واختلطوا بأهلها حتى ذابوا فيهم وتكلموا لغتهم.

ونجد أن تاريخ مصر القديم يقول إن غزو المصريين لأرض كنعان كان في عصر الدولة الحديثة، خلال القرن 14ق.م في عهد الأسرة السادسة عشر على يد الملك وني ثم تحتمس الثالث الذي استولى على كل أرض الشام بجيش تعداده عشرات الآلاف، وكان الانتصار بعد معركة حاسمة تسمى (مجدو) 1468 ق.م، ولمئات الأعوام وأراضي بلاد الشام في التاريخ القديم تقع تحت حكم المملكة المصرية.

أما العبرانيون فقد ظلوا مشردين إلى أن جاء سيدنا موسى وعاد بهم لأرض كنعان سنة 1250 ق.م.

ومن نص التوراة، نجد قائد الفتح وهو يوشع بن نون الذي عبر بجيشه واحتل أريحا، وانقسم اليهود قسمين، إسرائيل وعاصمتها السامرة نابلس وقد دامت 250 سنة، ثم سقطت في يد (شلما نصر) ملك أشور سنة 722 ق.م، ثم تأتي مملكة يهوذا وعاصمتها أورشليم (القدس) ودامت 130 عاما، حتى سقطت على يدنبوخذ نصر ملك بابل عام 580 ق.م، وقام بسبي شعبها.

ورجع اليهود مرة أخرى على يد قورش ملك الفرس، ويأتي بعده الفتح اليوناني بقيادة الإسكندر المقدوني سنة 332 ق.م، والذي دامت إمبراطوريته 272 سنة، ويليه الرومان سنة 63 ق.م بقيادة بومبي، ثم سنة 637 م فتح العرب فلسطين لـ880 عاما، ثم الأتراك سنة 1517 م، زمن السلطان سليم الأول، وفي عام 1895م كان عدد سكان فلسطين نصف مليون نسمة، منهم 47 ألف يهودي يملكون خمس الأراضي الفلسطينية.

وبعد ظهور الاضطهاد الأوروبي لليهود في القرن الثامن عشر، يتوصل تيودور هيرتزل لحل بخلق دولة لليهود إما في الأرجنتين أو فلسطين.

وبنظرة على السند القرآني الذي يستند إليه مدعوا ملكية اليهود لأراضي فلسطين وأنها أرض الميعاد، نجدهم يستشهدون بالآيات القرآنية التالية:

سورة المائدة (5) الآية 20: ”وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ".

الآية 21: "يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ"، وأورثنا القوم الذين كانوا يُستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحُسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون (الأعراف 137).

ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمةً ونجعلهم الوارثين (5) ونمكن لهم في الأرض (القصص)

فأخرجناهم من جنات وعيون (57) وكنوز ومقام كريم (58) كذلك وأورثناها بني إسرائيل (59) (الشعراء)

ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحُكم والنبوةَ ورزقناهم من الطيباتِ وفضلناهم على العالمين (الجاثية 16)

وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً.

ومن التوراة أسانيد عدة، لن يتسع مقالنا لكتابتها، ولأن هناك زخم غير بقليل من العلماء كذب العديد مما جاء في التوراة وأثبت علميا تحريف أغلب الأساطير والقصص فيه، خاصة قصة الخروج الأعظم من أرض مصر، إذا وبعد كل ذلك يتضح إنه ومنذ اقتراح تيودور هيرتزل أبو الصهانية خلق دولة تضم يهود العالم المشتتين، وتوالى أحداث التاريخ الحديث التي نعرفها جميعا واتفاقية سايكس بيكو التي قسمت العرب إلى مناطق نفوذ، وبقيت فلسطين تخت التدويل. ثم وعد بلفور، الذي أسس لقيام تلك الدولة على كل الأراضي الفلسطينية، ودور لورد روتشيلد في دفع شراء اليهود للأراضي من الفلسطينيين.

وعليه، فهل كان أيا من التاريخ أو الدين منصفاً للقضية الفلسطينية؟ أم أن تصميم الكيان الصهيوني على تصوير الصراع بينهم وبين العرب أنه صراع ديني مبني على العقيدة، سببا قويا في ضياع الحق الأصيل للفلسطينيين في أرضهم، فالعقيدة هي السند الوحيد الذي يمتلكه الكيان الصهيوني، ليعطي نفسه أحقية التواجد على تلك الأرض، كما أنه كان البذرة التي عليها.

ترتب تفتيت دول الشرق الأوسط على أساس طائفي في المقام الأول، فيصبح سهلا تنفيذ مخطط التقسيم، وإضعاف كل الدول المحيطة بها، فلا يبقى بعد ذلك من يستطيع مواجهته. عندما يبدأ النظام العالمي في إظهار نفسه للسيطرة على العالم من نقطة الأصل (دولة إسرائيل) يعطيه شرعية التواجد وسط دول، كلها مقسمة على أساس طائفي، وبذلك أيضا يتضح أن كل من يتخذ من الشعارات الدينية منهجا في سياسته ضد احتلال الأرض هو من أكبر المساهمين في ضياع فلسطين، كل تلك السنوات.

بجانب استغلال الجماعات المتطرفة في المجتمعات العربية، القدس المحتلة أيقونة قامت عليها كل شعاراتهم لشحذ الشعوب وتجميعها وحشدها خلفهم، فيخلق لهم خطا دفاعيا من الشعوب العربية تساندهم ضد الأنظمة، حتى يتوغلوا أكثر في المؤسسات ويسيطروا على مشاعر الأفراد، وبالتالي الاستيلاء على الحكم، فنجد أنه كلما هدأت الأجواء، لا بد من استحداث حدث جلل متعلق بإسرائيل وفلسطين، يؤجج النداءات الرنانة والشعارات الحماسية، ليعودوا للظهور مرة أخرى، وهو ما لاحظناه في الأيام القليلة الماضية، عودة تلك الجماعات للظهور بمسيرات ووقفات احتجاجية اعتراضا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير، والخوف كل الخوف من استغلالهم للأحداث وإعادة الفوضى للشارع تحت ستار التنديد بالقرار، والهدف الأصلي هو العودة للتواجد على الساحة على حساب أمن البلاد العربية والحصول على مكاسب سياسية.

وبعد كل ما سبق، وبعد أن تماطلت قضية احتلال أرض كان يمكن أن تنتهي بمجرد التعامل معها بموضوعية وواقعية. أجد أنه علينا إعادة النظر في معالجة القضية من منظور قانوني بحت ودراسة كل ما صدر من قرارات، منذ قرار 181 للأمم المتحدة لسنة 47، بإشراف المندوب السامي البريطاني والمفوض من الاحتلال البريطاني إلى قرار اللجوء لحدود ما قبل فجر 5 يونيو 67، وهو ما اتفق عليه العرب وأغلب دول العالم، وإقرار قيام الدولتين ورسم الحدود بينهما، وتصبح القدس الشرقية بكل مقدساتها عاصمة للدولة الفلسطينية، وعليه يلتزم الجانب الصهيوني ويُجبر على الانسحاب من المساحة المقررة بناء على قرارات الأمم المتحدة لتخضع للإدارة الفلسطينية، ولا يجوز له التحكم أو التواجد على الأراضي المقدسة، وعندها يصبح أي تعدٍ من الجانب الإسرائيلي تعدٍ على المجتمع الدولي وتتم محاسبته ومحاربته تحت مظلة شرعية دولية قانونية.

فهل سيجرؤ العرب على مخالفة مشاعرهم، واتباع منهج العقل للمرة الأولى، وإجبار الكيان الصهيوني على الالتزام بالشرعية الدولية وتقييده بإطار القانون الدولي وسط مطامعه في التمدد لكل الأراضي الفلسطينية وتهجير كل الفلسطينيين خارجها؟

اتضح مع مرور الوقت، خاصة الأحداث الأخيرة منذ السابع من أكتوبر العام الماضي، أن جميع السياسات التي كانت تمارس لم تصل لحلول حقيقية للقضية الفلسطينية، وأن الوضع قد تأزم بسبب تمسك القاعدة الشعبية العربية بتسليم القضية الفلسطينية للمشاعر والنداءات الدينية، ما أدى لاستغلال العدو الصهيوني عدم اجتماع المجتمع الدولي على نهايات محددة لذلك الملف، واستكمل مخططه باحتلال جميع الأراضي الفلسطينية بمساعدة الجماعات الراديكالية في المنطقة التي تدعي أنها جماعات لمقاومة العدو الصهيوني، والحقيقية أنها تمهد له الأرض لمزيد من التمدد والسيطرة، غير مراعين كم الخسائر في الأرواح التي ستحدث، ما أدى إلى مأساة السابع من أكتوبر الماضي.

ولذلك، ففي اعتقادي أن كل الحلول السلمية والتفاوضية باتت بلا جدوى، والمنطقة أصبحت عرضة لصدامات مباشرة مع العدو، وهو ما لا نرجوه. ولكن للأسف، لن يكون هناك بد من إظهار قوتنا يوما، رغم المحاولات الجدية من القيادة السياسية لتأجيل تلك الصدامات التي مهما كان الانتصار فيها، ولكن لا بد من خسائر اقتصاد الدول.

الدكتورة دينا طلعت السايح القدس العقيدة والسياسة خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك القاهرة