الدكتور محمود الضبع يكتب: الاضطرابات النفسية ولعب دور الضحية
خط أحمريُعرِّف علماء النفس ظاهرة "الميل إلى تبنّي دور الضحية" (Tendency for Interpersonal Victimhood) بأنها ميل الشخص إلى تصوير نفسه باستمرار كضحية، بحيث تصبح هذه الصفة جزءًا لا يتجزأ من هويته يشعر هذا الفرد بأنه مضطهد بشكل دائم، ويرى الآخرين مخطئين دائمًا بينما يعتبر نفسه دائمًا على حق، هذا الميل يدفعه إلى تعريف نفسه أمام الآخرين من خلال روايات تركز على مظالمه ومعاناته المتكررة.
وقد أشار المحلل النفسي كارل يونغ، من خلال ملاحظاته في الممارسة العلاجية، إلى أن بعض الأفراد يواجهون صعوبة في إدراك أفعالهم بشكل موضوعي، فهم يميلون إلى تقديم الأحداث من منظور أحادي يخدم حالتهم النفسية الحالية، دون محاولة مراجعة أنفسهم أو التفكير في إمكانية أن تكون تصرفاتهم أو عاداتهم السبب في إخفاقاتهم أو فشل علاقاتهم مع الآخرين. بالنسبة لهم، يكون اللوم دائمًا على الطرف الآخر؛ فهم يرون أنفسهم كـ"ملائكة" بينما يُنظر إلى الآخرين باعتبارهم "شياطين".
تُعتبر عقلية الضحية سمة مكتسبة يتبناها الشخص للهروب من المسؤولية تجاه نفسه، فهي تتجلى في إحساس دائم بأنه ضحية أفعال الآخرين وأخطائهم. ويعاني هذا الشخص عادةً من انعدام الثقة، سواء بنفسه أو بالآخرين، متوقعًا باستمرار أن يُخذل أو يُظلم أو يُهجر، هذا الشعور المزمن يدفعه إلى الانطوائية والاكتئاب المتكرر، وفي كثير من الأحيان، يلجأ إلى تحريف الحقائق أو الكذب لتبرير أفعاله وإقناع من حوله بأنه مظلوم.
تشير الدراسات النفسية والاجتماعية إلى أن 88٪ من هؤلاء الأشخاص يعانون من فشل متكرر في علاقاتهم، حيث لا يُقدّرون الجهود المبذولة من الآخرين لإسعادهم أو إرضائهم. فهم يشعرون دومًا بأنهم يستحقون معاملة وحياة أفضل وأشخاصًا أكثر تفهمًا. وكما يقول الدكتور ستيف ماربولي: "عقلية الضحية ستجعلك ترقص مع الشيطان ثم تشتكي من وجودك في الجحيم."