الدكتور محمد سيد أحمد يكتب: الجولاني عنصر سابق التجهيز!!
خط أحمرأثبتنا في مقالنا الأسبوع الماضي والذي حمل عنوان ( هل أصبح الإرهاب وجهة نظر)، أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الراعي الأول للإرهاب في العالم، وأنها هي التي تصنع الجماعات الإرهابية وتحركها لتنفيذ الأجندة التي تحقق مصالحها، وأشارنا إلى البدايات أثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي في سبعينيات القرن العشرين حين صنعت طالبان في أفغانستان وحشدت معهم كل جماعات الإسلام السياسي في مجتمعاتنا العربية والإسلامية بدعوى تحرير أفغانستان من سيطرة الاتحاد السوفيتي الكافر والملحد، ثم صنعت بعد ذلك تنظيم القاعدة، ثم داعش، ثم جبهة النصرة، وأخيراً جبهة تحرير الشام بقيادة الجولاني، الذي صنعته على أعينها، ليكون رجلها في حكم سورية، كما فعلتها قبل ذلك مع محمد مرسي الذي حكم مصر لمدة عام، الولايات المتحدة الأمريكية لا تترك شيء للصدفة، خاصة فيما يتعلق بهذه الجماعات الإرهابية، وكنا قد أثبتنا سابقاً أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بتجنيد محمد مرسي أثناء دراسته هناك، وهناك أيضاً تم تجنيده بجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، لذلك عندما أرادت الجماعة طرح مرشح للرئاسة في مصر وتقدم خيرت الشاطر الشخصية القوية داخل التنظيم، رفضت الولايات المتحدة، وتم الدفع بعنصرها سابق التجهيز محمد مرسي، وتعجب الكثيرون حينها، لكننا أكدنا أن هذا العنصر سابق التجهيز من الأمريكي لذلك جاء رئيساً رغم أنه من قيادات الصف الثاني في الجماعة، ولم يكن يمتلك أي قدرات تسمح له بهذا الموقع، وهنا سوف نحاول إثبات أن الجولاني هو أيضاً عنصر سابق التجهيز من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لحكم سورية.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن لماذا تم اختيار الجولاني وتجهيزه دون غيره من عناصر تنظيم القاعدة التي انضم إليها بعد الغزو الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣ وفقاً لتصريحات الجولاني نفسه الذي ترك دراسته الجامعية وسافر للعراق للجهاد ضمن صفوف تنظيم القاعدة ؟
والإجابة تأتي من المفتاح الرئيسي لشخصية الجولاني وهي السمع والطاعة، فقد تربى الرجل في تنظيمات قائمة بالأساس على السمع والطاعة العمياء، وانشئت أمريكا هذه التنظيمات أيضاً على السمع والطاعة العمياء لها، والمفتاح الثاني هو سهولة ويسر نقل الولاء والانتماء فقد تنقل من تنظيم لآخر بسهولة ويسر وهو ما شجع أمريكا على اختياره لأنه سيكون عجينة لينة يسهل تشكيلها في أي وقت ويساعد على ذلك المفتاح الرئيسي لشخصيته المتمثل في السمع والطاعة.
فبعد القبض على الجولاني في العراق من قبل جيش الاحتلال الأمريكي في عام ٢٠٠٦ كما أكد هو ذلك حيث تم احتجازه في معسكر بوكا الشهير مع الآلاف من التكفيريين حيث قامت القوات الأمريكية بدراسة وافية لهؤلاء الإرهابيين، وقامت بتصنيفهم إلى أعضاء عاديين وقادة، وكان الجولاني أحد هذه العناصر التي صنفت تحت لافتة القادة، وبعد اكتشافه تم ترويضه وتجنيده وتدريبه وتجهيزه للقيام بمهام مستقبلية بواسطة الاستخبارات الأمريكية، وبما أنه تربي على السمع والطاعة العمياء من ناحية، واستعداده لنقل الولاء والانتماء لمن يدفع له أكثر فهذا كنز لدى الأمريكي وذلك لسهولة السيطرة عليه واستخدامه لتنفيذ الأجندة الأمريكية وهذا ما ثبت صدقه حتى الآن فالدمية أداة طيعة في يد السيد الأمريكي يحركها كيفما يشاء، فعندما بدأت الأحداث في سورية مطلع العام ٢٠١١، تلقى الدمية الجولاني تعليماته من سيده الأمريكي لترك العراق والتوجه إلى سورية وعدم مفارقتها، وفيما يتعلق بالصراع مع قادته في التنظيمات الإرهابية الكبرى مثل تنظيم القاعدة وداعش فهم أي الأمريكان كفيلين بإنهائه لصالحه، لذلك نجح في خلق تنظيم مستقل أصبحت له السيادة على باقي التنظيمات الإرهابية على الأرض السورية، وساعدته الولايات المتحدة الأمريكية في إقامة شبه دولة في إدلب، ودربته على إدارة الدولة هناك، وعندما جاءت ساعة الصفر دفعت به إلى الأمام وقامت بتجميل صورته الإرهابية عبر آلتها الإعلامية الجهنمية الجبارة التي تغسل عقول البشر على كوكب الأرض، وبالطبع مثل هذه الدمى يمكن التخلص منها في أي وقت عن طريق دمى مماثلة، وهكذا تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد حققت مآربها في سورية، وتخلصت من صداع نظام ظل لسنوات طويلة يعارض سياستها، وأخضعتها للسيطرة بشكل نهائي، لذلك لا أمل في عودة سورية في القريب العاجل، فقد سقطت بشكل مدوي، وعلى أهلها الذين كانوا يصفون لبنان الطائفية بأنها ليست دولة فقد أصبحوا مثل لبنان أشلاء دولة يتصارع عليها كل الوحوش الضارية في العالم.
ما يهمنا الآن في مصر هو استقراء مستقبل سورية في ضوء المعطيات المتوفرة وذلك لتحديد موقفنا منها، حيث تشكل سورية تاريخياً الامتداد الطبيعي للأمن القومي المصري، فكانت ولازالت وستظل أحد أهم بوابات الأمن القومي المصري والعربي، فلم تسقط الشام يوماً في يد محتل إلا وتبعتها مصر، فما من غازي حاول احتلال مصر إلا وبدأ بالشام، لذلك عندما تسقط الشام لابد أن تنتفض مصر وتستعد للدفاع عن نفسها، فسقوط الشام يدق جرس انذار لمصر بخطورة الوضع حولها، لذلك تمهلت مصر ويجب أن تتمهل كثيراً قبل اتخاذ قرار كيفية التعامل مع من سيجلسونه على مقعد السلطة في الشام، ذلك العنصر الإرهابي سابق التجهيز، فكل من هرول لقبول الأمر الواقع وذهب لوضع يده في يد الدمية الشامية هو إما صانع لهذه الدمية أو شريك في صناعتها أو تابع وعبد مطيع لأحد صانعيها، أما مصر فقد فوجئت بهذه الدمية وفوجئت بكل ما حدث، ولم تكن تتوقع أن يحدث ذلك في أسوأ السيناريوهات المحتملة، لذلك لم يكن لديها قرار مسبق، ولازالت تدرس الموقف بتأني، خاصة أنها أصبحت على قناعة تامة بخطورة الموقف، وأنها هي المستهدفة من كل هذه الفوضى التي أصبحت محيطة بنا من كل اتجاه .
الموقف في الشام أصبح معقد للغاية فقد تم إنهاء الجيش والأمن الداخلي بشكل نهائي، وتم ذلك تحت سمع وبصر الدمية الذي قال سمعاً وطاعة للعدو الصهيوني يفعل ما يحلو له من عدوان وتدمير واحتلال فليس من مهامنا الموكلة إلينا من سيدنا الأمريكي مواجهته، فالتعليمات التي تلقتها الدمية الجولاني تقول مهمتك إسقاط النظام، وبالطبع قام بالمهمة على أكمل وجه وساعده أسياده على نجاح المهمة، ومع سقوط النظام سقطت سورية بالقضاء على جيشها وشرطتها، وأصبح البديل لحفظ الأمن الداخلي أو بمعنى أدق إدارة الحرب الأهلية بالداخل هم الجماعات الإرهابية التي يطلقون عليها الجماعات المسلحة والتي هي بالأساس من غير السوريين، وعندما نبهنا أن حرق مبني الهجرة والجوازات والجنسية بدمشق يهدف لزرع جواسيس للعدو الصهيوني سيصلون يوماً لمواقع صنع القرار، خرج علينا الدمية الجولاني ليصرح بمنتهى البجاحة بأنه سوف يمنح الجنسية لرفاقه الإرهابيين الذين ساعدوه كما يدعي في تحرير البلاد وإسقاط النظام، لأنهم شركاء ومن حقهم الحصول على جزء من تورتة الوطن، وشاهدنا بأعيننا وبمنتهى الوقاحة حكومة مشكلة من إرهابيين وجيش وشرطة تتشكل وتجوب الشوارع حاملة للسلاح وهم من جنسيات مختلفة ينتظرون استخراج أوراق ثبوتية تمنحهم جنسية الأرض التي احتلوها، لذلك على جميع مكونات شعبنا العربي السوري أن يفيقوا من الغيبوبة سريعاً، فقد بدأ القتال على الهوية، تمهيداً لتقسيم الأرض، فلابد من اللحمة الوطنية، وتشكيل مقاومة لمواجهة الاحتلال الإرهابي المصنوع أمريكياً، حتى تتحرر سورية من جديد، اللهم بلغت اللهم فاشهد.