صابر سكر يكتب: فساد بلا عقاب يحصد الأرواح
خط أحمرحوادث تحصد آلاف الضحايا سنوياً بسبب الإهمال، وأسباب أخري ممكن تلخيصها في كلمه واحدة وهي "الفساد".
نعرض حالتين علي سبيل المثال: الأولي حادث انقلاب سيارة بمركز ديروط محافظة أسيوط منذ 10 أيام، وعلي متنها أكثر من 12 راكبا، أثناء وقوفها بداخل موقف سيارات الأجرة المتاخم لترعة الإبراهيمية بعمق مياه الترعة، ووقوع ضحايا، في حادثة أدمت القلوب.
الحادثة الثانية، حادث انقلاب أتوبيس طلاب كلية الطب بجامعة الجلالة في أكتوبر الماضي، والتي تقع على هضبة الجلالة في خليج السويس علي بعد 70 كيلوا متر تقريباً من العاصمة الإدارية، ووقوع ضحايا من خيرة الشباب.
وجود الجامعة في قمة جبلية عالية جداً، وطريقها كله ملفات بين الجبال، والخطورة تكمن هنا في الذهاب والعودة للجامعة لأن أي وسيلة مواصلات سواء كانت سيارة أو أتوبيس في العودة خاصة تندفع بشكل مرعب بفعل الجاذبية فتزيد سرعتها القصوى إجباريا، مما يؤدي الي انخفاض نسبة السلامة.
السؤال الذي يطرح نفسه علي أي اساس استخرجت تراخيص لتلك الجامعة، أين المسؤولين عن التعليم العالي والبحث العلمي في مصر، وهل منظومة التعليم الخاص لها علاقة بتلك الأحداث الدامية، وهل من الممكن عقابهم بتهم الامتناع بالترك، وهل يوجد حلول لتقليل من حوادث طريق جامعة الجلالة؟
من أول وهلة سواء قائد السيارة الميكروباص داخلها أو خارجها فهناك خطأ ارتكبه لإهماله الجسيم مما تسبب في وقوع الحادث، ويستحق أشد العقاب طبقا للمادة 238 من قانون العقوبات.
لكن السؤال الذي لم يجب عليه أحد منذ عدة قرون والمفترض إعادة البحث في التشريعات العقابية، هل يجب معاقبة رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة ديروط ونائبه المختص بمواقف السرفيس، ومدير مشروع السرفيس، وما القانون واجب التطبيق؟
موقف سيارات الأجرة المجاور لمياه ترعة الإبراهيمية دون وجود حاجز حجري أو نوع آخر متين بين الموقف والمياه الجارية للترعة يمنع مثل تلك الحوادث خطأ جسيم من المسؤولين، ورغم تحقيق مشروعات السرفيس أرباح مالية كبيرة من مشروع "الكارتة".
تخاذل مسؤولي الوحدة المحلية في تأمين الركاب والسيارات والسماح للسيارات بالوقف علي شاطئ الترعة دون حماية فهنا تكون المسؤولية الكاملة.كذلك من سمح ووافق على ترخيص مبني جامعة الجلالة في أعلى قمة الهضبة، ولم يراعي سلامة شباب التحق ليكمل تعليمة الجامعي وأولياء الأمور يضحون بالغالي والنفيس من الأموال من أجل دفع المصروفات للجامعة ليروا فلذات أكبادهم يحققون أحلامهم.
بعد كل حادثة كبري الكل يتحدث ونسمع الوعود في وسائل الإعلام بحلول.وبعد فترة كأن شيء لم يكن، وتعود الأمور كما كانت من تهاون وإهمال واللامبالاة، وعدم مواجهة تلك المشاكل يؤدي بالطبع لكوارث حتمية.
نقترح بعض الحلول لحماية الطلبة منها، بناء مجمع سكني يستوعب أعداد الطلاب والطالبات أو نقل الطلاب الي مكان آخر أكثر أمانا، وقد يكون في تحديد سرعة الاتوبيسات عن طريق جهاز يركب في محرك السرعة بمنع زيادة السرعة عن 50 كيلوا متر في الساعة حسب نوعية الطريق، وتوفير مراكز للطوارئ كذلك وسائل نقل سريعة لحالات الطوارئ مثل طائرات الهليكوبتر الخدمية.
قانونا، تتعدد صور القتل في التشريعات منها جريمة القتل بالامتناع أو الترك أو كما يطلق عليها فقهاء القانون القتل بالطريق السلبي، وهو أحد نتاجات تطور المجتمع لما لها من حقائق روحية وأخلاقية أشد تأثيرا في حياتنا من الوقائع المادية، ونري أن القتل أو الايذاء بالامتناع يوازي ما يقع منه بالفعل الإيجابي، وفي الفترة الأخيرة تزايدت عدد جرائم الامتناع، وإفلات المجرمين من العقاب بسبب عدم اهتمام المشرع بذلك مقارنة بالجرائم الإيجابية، مع عدم وجود نص صريح في القوانين بشأن علاقة السببية بين الامتناع والنتيجة الإجرامية ، رغم أن الفقه الراجح اتجه إلى أن القتل بالامتناع مثل القتل بفعل إيجابي إذا كان الجاني قد أخل بالتزامات قانونية أو تعاقدية بالتدخل لإنقاذه حياة المجني عليه من الموت، ورغم حالات القتل الجماعية جراء الفساد الوظيفي أو بالأحرى المسؤول التنفيذي من الامتناع عن القيام بعمل يمنع وقوع تلك الحوادث "لا يعاقب".