الدكتور أحمد عبود يكتب: من بقرة بني إسرائيل إلى أرض فلسطين... حين تكون القوة هي الحل
خط أحمرعندما نتأمل التاريخ وننظر في الواقع، ندرك أن الأمم التي لا تعد العدة للدفاع عن حقوقها تصبح فريسة سهلة للطامعين. لقد قدم لنا القرآن الكريم في قوله: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" خارطة طريق واضحة للحفاظ على الحقوق وردع المعتدين، خاصة عندما يكون الخصم مثل بني إسرائيل، الذين عُرفوا بالمراوغة والتشبث بكل شبر يزعمون أحقيتهم فيه. إذا كانوا قد فاوضوا الله نفسه في شأن بقرة، فكيف يفرطون في مترٍ من أرضٍ يرونها جزءًا من تاريخهم المزعوم؟
قصة بقرة بني إسرائيل تكشف عن عقلية متأصلة لديهم، قائمة على الجدل والمساومة والتعلق بالمصالح الذاتية حتى في أوامر الله الواضحة. هذه العقلية لم تقتصر على الأمور الدينية، بل امتدت إلى السياسة والصراعات الدولية، حيث يظهر ذلك جليًا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. يستخدم اليهود الدين والتاريخ والسياسة لتعزيز مزاعمهم، متشبثين بكل وسيلة لإثبات أحقية غير قائمة على أرض الواقع. أمام هذا التمسك، يصبح الاعتماد على المفاوضات فقط ضربًا من العبث إذا لم تكن مسنودة بقوة تفرض الاحترام.
القوة ليست مجرد أداة للعدوان، بل وسيلة لضمان الحقوق وحماية الأرض والعرض. في عالم لا يعترف إلا بلغة القوة، يصبح الاستعداد العسكري والاقتصادي والعلمي ضرورة حتمية لأي أمة تريد البقاء. الإعداد ليس دعوة للحرب، بل رسالة واضحة تحمل معاني الردع؛ رسالة تقول للعدو: نحن هنا ولن نتنازل. وهذا هو جوهر الآية الكريمة التي تجعل من القوة وسيلة لتحقيق السلام العادل، سلام يُبنى على التوازن لا على الضعف.
الإعداد المطلوب لا يقتصر على الجوانب العسكرية فقط، بل يشمل الاقتصاد القوي الذي يدعم صمود الشعوب، والعلم الذي أصبح سلاحًا أساسيًا في هذا العصر، والإعلام الذي يشكل ساحة معركة لا تقل أهمية عن ساحات القتال. بالإضافة إلى ذلك، فإن الوحدة الأخلاقية والمجتمعية هي الدرع الحصين لأي أمة، لأن التفكك الداخلي أخطر من أي عدو خارجي.
لقد أثبت التاريخ أن الحقوق لا تُوهب، بل تُنتزع بالقوة والصمود. من بقرة بني إسرائيل إلى أرض فلسطين، يظهر نمط واضح: من يفاوض بلا قوة يخسر. إذا كان اليهود قد فاوضوا الله نفسه بشأن بقرة، فكيف يمكن أن يتنازلوا عن أرض يعتبرونها "موعدًا إلهيًا"؟ الحل ليس في استجداء السلام، بل في بناء قوة شاملة تُلزم العالم باحترام حقوقنا وتفرض على العدو مراجعة أطماعه.
القوة ليست خيارًا بل فرض عين، وهي الطريق الوحيد للحفاظ على الكرامة والحق. حين نلتزم بهذا النهج القرآني، نصبح قادرين على مواجهة أي عدو، مهما كانت دهاؤه أو مراوغته. فالحق لا يقف إلا بقوة تحميه، والأرض التي تُروى بدماء أصحابها لا يمكن أن تصبح يومًا ملكًا للغرباء، مهما طال الزمن أو اشتدت المفاوضات.