المهندس السيد طوبا يكتب: أعشق الشتاء


ربما يخالفنى البعض الرأى ولكنى أعشق الشتاء والبرد والأمطار ولا أطيق الصيف والحر والرطوبة وأحمد الله على قرب انتهاء فصل الصيف اللعين وبداية الخريف إيذانا بدخول الشتاء وإن كانت نسبة التلوث العالمى وثقب الأوزون قد أثرا تأثيرا سلبيا على مناخ العالم فتجد الآن بلدانا أوروبية تعانى من ارتفاع درجات الحرارة صيفا وتصل فى بعض المدن إلى الأربعين درجة مئوية وهو ما يعتبر تغييرا جوهريا فى مناخ أوروبا وأمريكا فالمنازل هناك لم تصمم لتحمل تلك الدرجات أما سكان تلك البلاد فأصبحوا يعانون معاناة شديدة لعدم تأقلمهم مع الحر.
وأذكر أننى كنت أسافر إلى لندن عندما كنت طالبا بهندسة الاسكندرية أثناء إجازة الصيف منذ ما يزيد عن الأربعين عاما ولم يحدث أن أحسست بأى حرارة بل على العكس كان الجو صحوا مائلا للبرودة ليلا وعادة ما كنا نفاجأ بعد يوم مشمس بانقلاب مفاجئ فى الطقس وأمطار غزيرة وسبحان مبدل الأحوال فحدث تغير جوهرى فى الطقس وعانينا جميعا من صيف قائظ تجاوزت فيه الحرارة الأربعين وأصبح صيف القاهرة يماثل طقس دول الخليج الحارق وأصبح اختراع المكيف صيفا من أهم الاختراعات البشرية على الإطلاق.
أما فصل الشتاء فأشعر فيه بالألفة والمودة فتستطيع التدفئة أو ارتداء ملابس ثقيلة تمكنك من السير فى الطرقات بخلاف الصيف الذى يستحيل معه ايجاد حلول عملية سوى الاحتماء فى المراكز التجارية أو السيارات المكيفة وتشعر بكل الحزن والأسى على من يتطلب عملهم العمل نهارا فى الشمس الحارقة أو تواجدهم فى مكاتب غير مكيفة مثل مكاتب خدمة المواطنين فى جميع المصالح الحكومية وللشتاء رونق وجمال لا يشعر به إلا كل عاشق للشتاء حتى مع انخفاض درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية فى مصر إلا أن برد الشتاء أرحم بمرات من حر الصيف ولهيبه.
وأذكر أثناء دراستى فى أمريكا أن كانت البلدة التى بها الجامعة على الحدود مع كندا وكانت درجات الحرارة شتاء تنخفض إلى ما دون الثلاثين درجة تحت الصفر وكنت أبتهج بمنظر بياض الثلج الذى يكسو الشوارع والسيارات والأشجار والبيوت ومن أجمل ما شاهدت لحظة تجمد شلالات المياه فتبدو وكأن مصورا التقط صورة بعدسة سريعة تفصل قطرات المياه عن بعضها وقبلها كان فصل الخريف من أجمل وأروع ما شاهدت حيث تتلون أوراق الشجر بألوان عدة وتتساقط فى منظر جمالى بديع أتمنى معايشته مرات ومرات عديدة أما فى مصر فللأسف أن المنازل لم تصمم لتحمل حرارة الشمس صيفا ولا برودة الشتاء وذلك بسبب الغش والتوفير فى تكاليف البناء والعجيب أنه ومنذ مايزيد عن الثلاثين عاما اشترطت السعودية أن تكون كافة الحوائط الخارجية من النوع العازل للحرارة توفيرا للكهرباء وما زال متخذو القرار لدينا مترددين فى اتخاذ القرار حتى على مستوى الإسكان المتوسط والفاخر خوفا من المطورين وصراخهم بزيادة تكلفة البناء ولا بد من تطبيق قواعد الاستدامة والحفاظ على الطاقة احتراما للأجيال القادمة مع تمنياتى بقضاء شتاء بارد وسعيد.