المهندس السيد طوبا يكتب.. أنا ناقد فقط


تزخر حياتنا بالكثير من النقاد والمحتجين والمعارضين وقليل جدا من العاملين المؤثرين فتجد هذا الناقد الرياضى محللا ومشرحا لاخطاء اللعب وأسلوب التدريب وطريقة إدارة الملعب أثناء المباراة وإذا سألته أن يدير بنفسه ويضع الخطط الصحيحة يعتذر بأدب أنه ناقد فقط.
وترى آخرا يجلس على المقهى يسب لاعبا أضاع هدفا ويسترسل فى الكيفية الصحيحة لاستقبال الكرة وتهدئتها على الصدر ثم الفخذ ثم الالتفاف تسعين درجة مع تسديدة بباطن القدم اليمنى فإذا طلبت منه تجربة عملية لما يقول تهرب واعتذر لأنه مشاهد فقط ويجلس بعض مدعى السياسة والاجتماع والثقافة فى أحد النوادى أو المقاهى يديرون شئون البلاد ويحللون وينتقدون كل قرار أو قانون أو موقف تتخذه الحكومة فإذا طلبت من أحدهم النزول إلى الملعب الحكومى لضرب مثل بما يجب تطبيقة تراجع وتحجج بأعذار واهية كما تفاجأ بذلك المحلل الاستراتيجى يحلل ويتنبأ ويدعى علمه ببواطن الأمور.
وأذكر أن شاهدت أحدهم وقت الانتخابات الأمريكية أن أقسم بأغلى مالديه وبناءا على خبرته العميقة بأغوار السياسة الأمريكية أن تنبأ بسقوط مدو لترامب وفوزا كاسحا لهيلارى كلينتون وبعد ظهور النتائج أختفى صاحبنا من الشاشة تماما وقام رسام شهير برسم لوحة جميلة ومتكاملة على أحد جدران المترو مع رسالة طالبا فيها من المارة تسجيل العيوب على الرسم بالقلم الأحمر وعند عودته مساء فوجى باختفاء الرسم من كثرة العلامات الحمراء الموجودة فاصيب باحباط شديد وذهب شاكيا لمعلمه والذى نصحه بإعادة الرسم مع تغيير العبارة إلى كل من يلتمس فى نفسه القدرة على تحسين الرسم أن يضع لمساته لتطوير اللوحة وفعلا قام بذلك وبعد مرور يوم لم يجد أى ملحوظة ومرت أيام ولم يتقدم أحد لتطوير الرسم وعندما أبلغ معلمه أفاده بأن الانتقاد سهل جدا أما الإصلاح ففى غاية الصعوبة.
وحتما إذا سألت أحدا أو مجموعة من العاملين بهيئة أو شركة أو وزارة برأيهم الصريح فى كيفية إدارة الأمور انبرى معظمهم محللا وناقدا بل ومهونا من كل إجراء اتخذه مدير أو رئيس أو وزير فإذا ما أوكلت له أو لهم مهمة تنفيذ اقتراحاتهم تراجع الجميع خوفا من الفشل ولست هنا مهاجما النقد فى حد ذاته ولكن على الناقد أن يطرح أفكارا قابلة للتنفيذ وبناء على خبرة سابقة وتجارب قام بها بنفسه ونجحت ويمكن تطبيقها أو تم تطبيقها فى جهات أو دول أخرى أى يكون نقدا بناءا لا هداما أو عن جهل أو لمجرد النقد والادعاء ببواطن الأمور وقديما قالوا الناس أربعة: إنسان عالم وهو يعلم أنه عالم فاستفتوه, وانسان عالم وهو لا يعلم أنه عالم فذكروه, وإنسان جاهل وهو يعلم أنه جاهل فعلموه, وانسان جاهل وهو لا يعلم أنه جاهل فهو حمار فاركبوه.