محمد ماهر يكتب ..راجح و البنا.. قصة لن تنتهي !


في أوائل التسعينيات تعرضت لحادث تصادم بين سيارة والدي التي كنت اقودها و سيارة سيده لا أعرف من هي حتى الآن .. و قد يبدو الأمر عاديا فهذا يحدث دائما و يوميا .. و رغم أنني لم أكن المخطئ إلا أنني وجدت ضابط المرور يتحدث مع السيدة التي صدمت سيارتي ثم تركها تنصرف و عاد إلي و لطمني على وجهي ثم أرسلني إلى قسم الشرطة مع قائمة من التهم كانت كفيلة بإضاعة مستقبلي الذي كنت بالكاد قد بدأت في بناءه قبل الحادث بسنوات قليله، وتضمنت التهم الملفقه كسر إشارة المرور و إتلاف سيارة و التعدي بالسب وىالقذف و الضرب على عسكرى المرور المسئول عن تغيير الإشارات .. و بالطبع مفهوم جدا أن السيارة التي صدمتني كانت مملوكة لإحدى أقرباء مسئول في الدوله آنذاك وأيضا لا أعرف من هو حتى الآن .
وعندما وصلت غلى قسم الشرطه كانت الأمور مترتبه تماما و جاهزة الضحيه التي تجرأت و مرت أمام سيارة المسئول وتم احتجازي بتخشيبة القسم مع توصية المحتجزين بإكرامي كضيف جديد يجب الترحيب به .. جرت تلك الأحداث في سرعه كبيره دون أن امنح حتى فرصة الدفاع عن نفسي أو أحكي تفاصيل الحادث أو اتصل بوالدي لينجدني من هذا المصير المجهول الذي أواجهه من داخل التخشيبه و خارجها .. و لولا أن كان معي صديق في السيارة استطاع الفرار عندما وجد الأمور تتأزم و قام بالاتصال بوالدي و حكى له ماحدث ليتصرف و يخرجني من هذا المطب الذي اوقعني فيه حظي العاثر .
و كان والدي رحمه الله شخصية عامة و مرموقة و له علاقات و اتصالات تسمح له الاتصال بوزير الداخلية نفسه لإنهاء المشكله فورا .. إلا أنه كما علمت بعد ذلك رفض الاتصال بأي من معارفه أوحتى إرسال محام إلى القسم للوقوف على ما يلزم فعله لإنهاء الموقف و قال بالنص " خليه يخوض التجربة للآخر عشان لو كان غلطان يتربى " .. و بالطبع ما أن سمعت والدتي بالخبر و رأت موقف والدي فبدأت هي بالتصرف و إتصلت بصديق لي رحمة الله وكان الأقرب لي و قام هو باللازم حتى انتهت المشكلة و خرجت منها بخير و الحمد لله .
تعلمت من هذه التجربة درسا ظل معي حتى الآن هو أن لا استخدم اي نفوذ أو سلطة في ظلم اي شخص أو الادعاء على أحد بما لم يفعله حتى في أشد حالات الغضب و الخصام .
واليوم و نحن أما قضيه ليست بجديدة على مجتمعنا و تحدث في الاوساط السلطويه بكثرة وبسيناريو متكرر .. يرتكب الجاني جريمته و تلعب العلاقات و النفوذ لافلاته من العقاب سواء بالحيل القانونية أو الغير قانونية من تهديدات و توعد .. بل و استفزاز من انصار الجاني بالاعلان عن ثقتهم في عدم توقيع أي عقوبات على ابنهم اعتمادا على علاقاتهم و نفوذهم .
و ربما يكون من تدابير الله عز وجل أن تتواكب احداث قضية راجح و البنا مع تشديدات الرئيس السيسي في كلمته التي ألقاها أثناء حضوره حفل تخريج أول دفعه لطلاب كلية الطب العسكرية بأن المجاملات يجب أن تنتهي من مجتمعاتنا حتى لو كان له شخصيا وأن ينال صاحب الحق حقه دون مجامله و إن من لا يستحق لا يأخذ ماليس له حتى لو كان يقرب للرئيس نفسه .
و لعل هذه الرسالة تكون قد طمأنت أسرة البنا المجني عليه و طمأنت مصر كلها التي وقفت بكل قوتها عبر مواقع التواصل تطالب بالقصاص العادل و اصدار الحكم الذي يبرد قلوب اهل المجني عليه و قلوب المصريين الذين يرفضون الظلم بكل أشكاله .. و هذا لا يغفل أن مصر تتمتع بقضاء عادل نزيه و شريف يحقق العدل دون النظر لمن يكون المتهم و من خلفه.
و يجب على المصريين أن ينتهزوا فرصة هذا التلاحم في رفض الظلم و الوقوف إلى جوار الحق .. أن يعلموا أولادهم القيم التي افتقدها مجتمعنا و التي أسست لها كل الأديان السماوية و أن يتم إعلاء قيم الحق و الخير و الجمال التي اختفت بفعل فاعل معلوم يتعمد إهدار القيم ليهدم المجتمع بأكمله.