محمد عبد اللطيف يكتب: ترامب.. سياسة بلا ملامح
خط أحمرانتهي مشهد الانتخابات الأمريكية، وفاز "دونالد ترامب" برئاسة أكبر و أقوي دولة في العالم، لكن لم تنته التكهنات المشحونة برؤى متباينة و سيناريوهات مُعقدة، إلا أن جميعها يخلو من تحديد ملامح سياسة ادارته، علي الأقل فيما يتعلق بملفات الشرق الأوسط، و ذلك وفقاً لتاريخه كرئيس سابق، فضلاً عن أنه شخص برجماتي، يدير السياسة بمنطق المكسب والخسارة كرجل أعمال.
أمور أخري كثيرة تجعل من الصعب التنبؤ بملامح سياسته في فترة رئاسته القادمة، لعل أبرزها المتغيرات السياسية التي طفت علي سطح المشهد الدولي، فعلي المستوي العسكري، حروب بين روسيا وأوكرانيا ومذابح نتينياهو في غزة ولبنان، وتصعيد وتيرة الصراع بين إيران والدولة العبرية، وعلي المستوي الاقتصادي الذي يشغل بال العديد من أنظمة الحكم في العالم، تشكلت كيانات اقتصادية " بريكس"، لمواجهة التغول الأمريكي الاوربي .
كل تلك التعقيدات التى طرأت علي الساحة الدولية أثناء إدارة بايدن، ستجعل ترامب، بالتوافق مع مراكز صناعة القرار مراجعة الملفات المهمة، لذا لا يجب بأي حال من الأحوال، التعويل علي تصريحاته أثناء حملته الانتخابية، خاصة فيما يتعلق بانهاء حرب غزة، دون الإشارة الي مستقبل القضية الفلسطينية، فاذا كانت إدارة بايدن أعطت الضوء الأخضر للكيان الصهيوني، بارتكاب المجازر ضد لفلسطينيين، فعلينا أن نذكر الجميع، بأن ترامب نفسه، فعل ما هو أسوأ، نقل السفارة الأمريكية الي القدس، واعترف بسيادة الكيان الغاصب علي الجولان السورية .
نعم هو صرح بأنه سيوقف حرب غزة، باعتبار أن أمريكا تضررت مع بايدن وهاريس، واتهمهما باستنزاف الخزينة الأمريكية في حروب غير مبررة، فهذا لأنه برجماتي، ويريد تحقيق مصلحة اسرائيل من دون حروب تتحمل تكلفتها المالية والعسكرية أمريكا، وليس لإنقاذ النساء والأطفال في القطاع.
أما القول بأنه سوف يعلن الحرب على إيران، أو أن المقاومة في فلسطين و لبنان، الي جانب الازرع الإيرانية في العراق واليمن، سوف ينهاروا، بل و سيتضررون من صعوده.
علينا جميعاً التوقف قليلاً.. أمريكا في فترة ترامب الأولي كانت دولة أقوى من الآن بكثير، ولم تتسع دائرة كراهيتها علي المستوي الشعبي في غالبية دول العالم ، ومع ذلك قامت إيران بقصف القاعدة الأمريكية في عين الأسد، وأسقطت طائرة أمريكية فوق مياه الخليج، ولم يعلن ترامب الحرب كما توقعت،وقتها، دوائر سياسية وإعلامية، لكن مراكز صناعة القرار أجبرته على امتصاص صدمة أول استهداف عسكري لقواعد أمريكية بعد حرب العراق .
من المؤكد أن فوز ترامب سوف يضر أنظمة عربية ويفيد أخرى، لكنه لن يؤثر على صورة المقاومة التي ربحت شعبية هائلة، بفعل مجازر نتنياهو، وستربح أضعافها، إذا ما أعلن ترامب التصعيد ضد العرب والمسلمين، فترامب يبدو ظاهره وكأنه قادم من الريف الأمريكي، أو من رعاة البقر، فهو فج للغاية، و صريح لدرجة الوقاحة، و الأهم أنه يجاهر بعنصريته البغيضة ضد العرب والمسلمين، لكن هل ستتدخل مراكز مراكز التفكير و معها المؤسسات الأمريكية، لفرض أجندتها علي سياساته المندفعة؟ في محاولة لتجميل صورة الدولة، التي اكتسبت كراهية غير مسبوقة، و علي اي حال التعويل علي ترامب بتغيير سياسة واشنطن في الشرق الأوسط، ليس في محله، علي الأقل في اللحظة الراهنة، لذا فإن الأمر يحتاج لتناغم عربي،ومواقف واضحة، لفرملة أي جنوح يضر بالقضية الفلسطينية والأمن القومي العربي، لصالح الدولة العبرية.