بالتأكيد حلم الشهرة يطارد العديد من البشر، ويسعي البعض منهم لتحقيقه، منهم من يصاحبه توفيق المولي عز وجل ومنهم من يعجز عن تحقيق الحلم، ويظل مجرد حلم في خزين الذكريات، ولكن ليس كل من يصل للشهرة يكون جديراً بها، فالبعض يستخدمها لصلاح البشر والبعض الآخر يُفتَن بها وتطارده فتنته مدي الحياة حتي يأتي اليوم الذي يلقي فيه المولي عز وجل ويقف علي ميزان الحق والعدل ويجازي علي ما فعل ، فيثاب على خيره، ويحاسب علي السيئات ، وينتظر حكم الملك العدل.

من أكبر الفتن التي قد يتعرض لها الإنسان على وجه الأرض فتنة الشهرة واكتساب قاعدة جماهيرية كبيرة، هنا يكمن الخطر، فالشهرة تتحول إلى مسئولية، ويتحول صاحبها إلي قدوة لمن يتابعه، وخصوصاً من صغار السن والشباب الذي يحيا الحلم وليس الواقع، ويتمني الوصول هو الآخر إلي الشهرة والمال ليتمتع كما تمتع المشاهير.

ولحكمة من المولى عز وجل، يعطى البعض الشهرة و القاعدة الجماهيرية الكبيرة، بما يترتب علي ذلك من زيادة عدد المتابعين والمحبين، وقد يكون معظمهم من صغار السن أصحاب الأحلام الوردية ، يقتدون بالمشهور في بعض الأحيان ، ويتابعونه بكل دقة، حتي يصبح مسئولاً أمام الله عز وجل عن كل كلمة أو حرف ينطق بهما، كذلك الحال عن كل عمل غنائي أو درامي يقدمه علي كل وسائل العرض المسموعة والمرئية بالإضافة إلي مواقع التواصل الاجتماعي.

وبرغم علم بعض المشاهير بخطورة تلك المسئولية يفاجئنا بعضهم بين الحين والآخر بتصرفات عشوائية تدل علي عدم تقديره للمسئولية التي يتحملونها ، كما حدث مؤخراً من أحد المشاهير بنشره فيديو له وهو يجلس في كابينة إحدي الطائرات الخاصة ويصاحب الفيديو مقطع من أغنية بصوته ،من ضمن الكلمات التي تغني بها (مش بتفتش في المطار ،في البنك بيسألوا من أين لك هذا، مبردش عليهم غلاسة بغلاسة..).

هل حقاً يتفهم كل المشاهير مدي المسئولية التي تقع علي عاتقهم؟ هل يعلم هذا المشهور خطورة ما فعل بنشره لهذا المقطع؟ هل نمي إلى علمه عواقب ما قام به؟ لأول مرة استمع لمقطع لإحدى أغنياته، وانتابتني حالة من الذهول، فكلمات الأغنية تتنافي مع القانون، كيف يتم نشر هذا الهراء، من الطبيعي أننا في دولة تحترم القانون ولا يمكن السماح بنشر فكر يحرض علي عدم إحترام النظام ، ما معني قوله مش بتفتش في المطار؟ كيف يبث في أذهان متابعيه من صغار السن التمرد علي النظم والقوانين؟ ما معني في البنك بيسألوا من أين لك هذا مبردش عليهم غلاسة بغلاسة؟ إذا استمر نشر هذا الفكر التحريضي المتمرد سينشأ لدينا جيل شعاره الفوضي والعشوائية وعدم احترام القوانين.

ناهيك عن عرض فيديو الغرض منه الشهرة والدعايا وهو في قمرة الطائرة ،وهو يعلم جيداً ما يمثله من تحدي للقوانين المنظمة للطيران بالإضافة إلي تصدير الوهم لمتابعيه بقدراته الفائقة في شتي المجالات وبسهولة قيادة الطائرة، مع علمه بمدي صعوبة هذا العمل، مستغلاً مجاملة طاقم الطائرة له، مما أدي إلي فقدانهم لعملهم ، دقيقة واحدة أراد بها أحد المشاهير إبهار عقول متابعيه تسببت في أزمة كبيرة.

هل نمى إلى علمه نتيجة ما فعل؟ موقف الغرض منه تصدير الوهم والشهرة، تسبب في الاستغناء عن اثنين من الطيارين ، على الرغم من علمه أن جلوسه كان مجرد مجاملة ولَم يقود الطائرة في الحقيقة وإنما الجلوس كان بغرض تصدير اللقطة فقط، وصناعة الوهم في الأذهان، فيديو مدته دقيقة تباهي بها أحد المشاهير بنفسه علي أنقاض الآخرين، وأحرج الجميع.

على كل من يبحث عن الشهرة مراقبة النفس ! فجنون الشهرة قد يقضي على صاحبه، والهوس بتصدر المشهد قد يكلف البعض فقدانهم لعملهم والقضاء على تاريخهم المهني،  فالمولى عز وجل قد يعطي الشهرة لحكمة معينة فيجب على كل مشهور أن يحافظ على رصيده من الستر، حتي لا يفقد ما وصل إليه، يجب على كل مشهور مراجعة أفعاله وتقدير مدى المسئولية التي تقع على عاتقه تجاه أجيال من الشباب وصغار السن من متابعيه، وأخيراً يجب تفعيل دور الرقابة علي ما يتم بثه للجماهير من كلمات فالبعض منها قد يتسبب في إفساد العقول وإنتاج جيل تربي علي العشوائية وعدم احترام النظام والقانون.