الرويبضة مصطلح قديم استخدمه النبي محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف، حيث قال: "سيأتي على الناس سنوات خداعات، يُصدّق فيها الكاذب، ويُكذّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويُخوّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة". فسأله الصحابة: "وما الرويبضة؟" قال: "الرجل التافه يتكلم في أمر العامة" (رواه أحمد).

في المجتمعات الحديثة، تغيرت العديد من القيم والمفاهيم، مما أفسح المجال للرويبضة ليظهروا في الساحة العامة. الرويبضة اليوم قد يظهرون بأشكال مختلفة، مثل الشخصيات الإعلامية التي تفتقر إلى الخبرة أو المعرفة، ومع ذلك يتم تسليط الضوء عليهم وإعطائهم منصات للتعبير عن آرائهم في مسائل هامة تخص المجتمع.

*أسباب بروز الرويبضة في المجتمعات الحديثة:*

1. *التطور التكنولوجي ووسائل الإعلام الاجتماعية:*
مع انتشار وسائل الإعلام الاجتماعية وتطور التكنولوجيا، أصبح من السهل على أي شخص أن يعبر عن آرائه وينشرها بشكل واسع دون الحاجة إلى مؤهلات أو خبرة. هذا الانتشار السريع للمعلومات أتاح الفرصة للرويبضة للظهور والتأثير على الجمهور.

2. *القيم المجتمعية المتغيرة:*
تغيرت بعض القيم المجتمعية بحيث أصبح الشهرة والظهور الإعلامي أهم من الخبرة والمهنية. في العديد من الحالات، يتم تقدير الشخص بناءً على عدد المتابعين أو الظهور الإعلامي بدلاً من المحتوى الذي يقدمه أو مدى فائدته للمجتمع.

3. *الأزمات الاقتصادية والسياسية:*
في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية، يبحث الناس عن قادة أو أشخاص يقدمون حلولاً سريعة وسهلة لمشاكلهم. هذا البحث عن الحلول السريعة يمكن أن يجعل الرويبضة يظهرون بمظهر المخلص أو المنقذ، حتى وإن كانوا يفتقرون إلى الرؤية أو الخبرة اللازمة.

*آثار انتشار الرويبضة على المجتمع:*

1. *تراجع الثقة في الخبراء والمختصين:*
عندما يُمنح الرويبضة الفرصة للظهور والتعبير عن آرائهم، يمكن أن يتسبب ذلك في تراجع الثقة في الخبراء والمختصين الحقيقيين، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مستنيرة تضر بالمجتمع على المدى الطويل.

2. *انتشار المعلومات المضللة:*
الرويبضة غالباً ما ينشرون معلومات غير دقيقة أو مضللة، مما يزيد من انتشار الأخبار الكاذبة والشائعات. هذا يمكن أن يؤدي إلى فوضى اجتماعية ويعقد الحلول الحقيقية للمشاكل القائمة.

3. *تفاقم الاستقطاب الاجتماعي:*
مع تزايد ظهور الرويبضة، يمكن أن يزيد الاستقطاب الاجتماعي حيث يتجمع الناس حول شخصيات تفتقر إلى الخبرة ولكنها تروج لآراء متطرفة أو غير مدروسة، مما يعمق الفجوات بين مختلف فئات المجتمع.

*السبل لمواجهة ظاهرة الرويبضة:*

1. *تعزيز الوعي:*
يجب على المجتمعات تعزيز الوعي بأهمية الاعتماد على المصادر الموثوقة والخبراء المؤهلين في مختلف المجالات. التعليم الإعلامي يمكن أن يكون جزءاً من الحل لمساعدة الناس على التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة.

2. *تشجيع الحوار العلمي:*
تشجيع النقاشات العلمية المبنية على الأدلة والبراهين يمكن أن يحد من تأثير الرويبضة. يجب أن يتم تسليط الضوء على الخبراء والمختصين في وسائل الإعلام وإعطائهم الفرصة لتقديم آرائهم المستنيرة.

3. *المسائلة والمحاسبة:*
يجب أن تكون هناك آليات لمحاسبة الشخصيات العامة التي تنشر معلومات مضللة أو تسبب في ضرر للمجتمع من خلال آرائهم غير المدروسة. المحاسبة يمكن أن تكون خطوة فعالة في تقليل تأثير الرويبضة.

في الختام، تغيرت المجتمعات وظهرت فيها شخصيات الرويبضة، ولكن مع تعزيز الوعي والتعليم والمحاسبة يمكن للمجتمعات مواجهة هذه الظاهرة والحفاظ على قيمة الخبرة والمعرفة.