المهندس السيد طوبا يكتب.. الباذنجانيون


يروى أن الأمير بشير الشهابي قال لخادمه يوما: نفسى تشتهى أكلة باذنجان, فقال له الخادم: الباذنجان..بارك الله فى الباذنجان هو سيد المأكولات, لحم بلا شحم, سمك بلا حسك, يؤكل مقليا و مشويا ومحشيا ويؤكل مخللا ويؤكل مكدوسا فقال له الأمير أنه تناوله منذ بضعة أيام فأصابه ألم فى معدته فرد الخادم: الباذنجان, لعنة الله على الباذنجان فإنه غليظ ثقيل نفاخ وأسود الوجه فقال له الأمير: ويحك.. تمدح الشيء وتذمه فى نفس الوقت فرد الخادم: مولاى أنا خادم للأمير وليس الباذنجان فإن قال الأمير نعم قلت أنا نعم وإذا قال لا قلت أنا لا.
وما زال هذا النموذج من الباذنجانيين يعيش بيننا حتى الآن فى كل شركة ومصلحة وهيئة ووزارة فهناك فئة من الناس لديها القدرة على استشفاف والتنبؤ بما سيطلبه رئيسهم فيبادرون بعزف المقطوعة الموسيقية التى تلقى رضاء رئيسهم كما يتميزون أيضا بالذكاء بحيث إن لم تلقى تلك المعزوفة رضا رئيسهم وقال رأيا مغايرا انقلبوا فورا يهونون من الرأى الأول ويمزقونه نقدًا وتجريحا ويؤيدون بكل حماسة الرأى الجديد رأى رئيسهم المفضل مع كيل المديح والثناء لرأيه وربما أشعر بالغثيان عندما أشاهد وأقرا آراء بعض الصحفيين والكتاب والإعلاميين المطبلين والمزمرين لكل قرار وتوجه تنحاه الحكومة دون قراءة وتحليل موضوعى أو نقد بناء لتلك القرارات.
هناك فرق بين الأوامر الآلهية والتعاليم النبوية وبين قرارات المسئولين فحتما لكل قرار جوانب ايجابية وأخرى سلبية حتى الدواء فله آثار جانبية وليس عيبا ولا انتقاصا فى حق الدولة أن ينبرى المتخصصون بالشرح والتحليل والنقد واضعين فى الاعتبار نصب أعيننا جميعا أن الهدف واحد ألا وهو مصلحة الوطن ولا يخفى على أحد أن حالة الركود العقارى الموجودة حاليا إنما يرجع السبب فيها إلى تدخل الدولة وبقوة لطرح أراضى بزخم هائل وبناء مدن جديدة ومشروعات إسكان فى كل أرجاء البلد وأن تأسيس الدولة لشركات تطوير عقارى نافست ونازعت المطورين العقاريين الموجودين بشدة فتأثر السوق العقارى سلبا وازداد الفائض المعروض من الأراضى والوحدات من الإسكان المتوسط والفاخر عن حاجة المواطن.
وبعد أن ساد السوق العقارى حالة من الانتعاش فور إيداع فلوس شهادات قناة السويس فى حسابات المساهمين مع خفض نسبة الفوائد على الودائع فى البنوك أن تأمل المطورون خيرا من توجيه تلك المليارات إلى السوق العقارى لكن بادرت وزارة الإسكان بطرح أعداد هائلة من الأراضى والوحدات بغية الحصول على نصيب الأسد من تلك المليارات.
كما طرحت البنوك مجموعة من شهادات الإدخار بفائدة مرتفعة فوضعت المواطن فى حيرة من أمره فهل يخاطر بمدخراته فى سوق العقارات المتقلب أم يشترى أراض أم يودعها شهادات فى البنك وتأمين دخل ثابت دون مخاطر أو ضرائب ومن واقع خبرتى فأحذر من قرب حدوث انهيار فى السوق العقارى ممكن أن يؤدى لإفلاس الشركات الدخيلة وأيضا بعض الشركات الكبيرة مما سيؤدى لتسريح آلاف العاملين ومزيد من الركود ولابد أن تنتبه الدولة لذلك وتقدم تسهيلات وإغراءات للمطورين للتوجه نحو الأقاليم وإلى التنمية الصناعية حتى لا يخسر الجميع.