المهندس السيد طوبا يكتب.. أنت قانع إذن أنت سعيد


القناعة هي الرضى بالنصيب وبكل ما كتبه الله لنا، وعدم النظر إلى ما عند غيرنا حتى لا نفقد ما نملك فالقناعة كنز لا يفنى، وهناك بعض الحكم عن القناعة وجدتها مهمة حتى تهدأ النفوس وتشعر بالراحة والسعادة ومنها: زينة الغني الكرم وزينة الفقير القناعة وزينة المرأة العفة.
القناعة خير من الغنى.. في العالم كثيرون من يبحثون عن السعادة وهم متناسون فضيلة القناعة.. إثنان لا يصطحبان أبداً: القناعة والحسد، وإثنان لا يفترقان أبداً الحرص والحسد.. القناعة لا تُعارض الطموح بل القناعة هي حدود الممكن للطموح.. القناعة هي حجر الفلاسفة الذي يحول كل ما يمسه ذهبا.. إذا طلبت العز فاطلبه بالطاعة وإذا أردت الغنى فاطلبه بالقناعة.. العبد حر إذا قنع والحر عبد إذا طمع.. من قنع شبع.. الإنسان الراضي بقدره لا يعرف الخراب.. من لا يرضى بالقليل لا يرضى أبدا.. القناعة هي الإكتفاء بالموجود وترك الشوق إلى المفقود.. عصفور في اليد خير من اثنين على الشجر.. مد رجليك على قدر سجادتك.. بيضة اليوم ولا دجاجة الغد.. حياة قانعة هادئة خير من حياة ناجحة صاخبة.
وربما يخلط البعض بين القناعة وعدم الطموح واعتبارهما قرينان والعكس صحيح فأن يطمح الإنسان ويسعى لتحسين حياته ومعيشته وعمله وتطوير قدراته والبحث عن وظيفة أفضل ودخل مادى أعلى لا تتعارض مطلقا مع القناعة التى هى رضا داخلى بما قسمه الله لك والبعد عن الحسد والغيرة والنظر دائما لما يتمتع به غيرك فقد رزق الله كل إنسان بقدرته ولحكمة لا يعلمها سواه فربما إن زاد فى رزقك بغيت وكفرت بنعم الله وأهدرتها فى الحرام وربما يرزق الله البعض غضبا عليهم ليبغوا فى الأرض ويزيد عملهم السيئ وحسابهم العسير ولا تنس أن أقصى مايمكنك تحقيقه هو ما كتبه الله لك.
وإذا نظر الإنسان بعين الرضا والقناعة لما عنده لربما وجد الصحة والابتسامة والأولاد الصالحين وحب الناس والستر وغيره من النعم التى لا تحصى فلماذا نحمل أنفسنا بالهموم والمواجع والنظر إلى ما عند الغير ولماذا لا ننافسهم فى العلم والعمل والتقوى والعمل الصالح ولكن بكل شرف ونزاهة ولماذا لا نتمنى الخير لغيرنا وأن يزيدهم الله من فضله عوضا عن تمنى زوال النعمة عنهم.
وربما أكتب مقالى هذا بعدما شاهدت أحد أجمل الأفلام القصيرة عن طفل فقير رث الثياب ممزق الحذاء يلعب ويلهو فى حديقة ثم جلس يستريح على أحد المقاعد ووجد بجواره طفلا آخر أنيق الملبس يرتدى حذاءا جديدا فتمنى الطفل الفقير أن يحل محل الطفل الغنى فتحققت أمنيته فورا وتبادلا المكان فوجد الطفل الآخر سعيدا باللعب مرتديا ثيابه القديمة الرثة وعندما حاول مشاركته اللعب والجرى لم يستطع وفوجئ بأنه مشلول ولا يتحرك إلا على كرسى متحرك ووقتها ندم أشد الندم على أمنيته الحاقدة.
وقد تسببت الأزمة الاقتصادية فى اتساع الهوة بين الغنى والفقير فى مصر وهو ما انعكس سلبا على نفسية الناس وأخلاقياتهم وظهور مرض حب الثراء السريع والتغاضى عن الفضائل والقيم بغية تحقيق المراد سواء بالغش فى الامتحانات أو استغلال الواسطة فى احتلال الوظائف أو التملق لاصحاب النفوذ بغية الوصول سريعا للنجاح ومن المؤكد أن تأسيس بنيان الحياة لابد وأن يكون على أسس متينة تنمو بالتدريج فلا يوجد نجاح مفاجئ ولا ثروة تهبط كالصاعقة إنما السير بخطوات متزنة ومحسوبة وبقناعة ورضا لكل ما قسمه الله لنا.