المهندس السيد طوبا يكتب.. عند الامتحان


لاشك أن كل منزل فى مصر الآن مشغول بدخول المدارس والجامعات وتجرى الاستعدادات على قدم وساق لشراء الأدوات الكتابية والكراسات والكشاكيل وألوان الرسم والأهم من ذلك الشنط المدرسية والتى تبارت الشركات فى تصميم شنط مدرسية بألوان وأشكال متعددة وطبعا برزت الصين كأكبر مورد للشنط بتصميمات جذابة وأسعار منافسة وانشغل الأهل أكثر بحجز مقاعد لأبنائهم فى مراكز الدروس الخصوصية والتى طالما حاربت وزارة التربية والتعليم وجودها ولكن فشلت إزاء إصرار الأهل على إلحاق أولادهم بتلك المراكز وبالتأكيد لإحساسهم بفشل منظومة التعليم الحكومى وعدم قدرته على توصيل المادة العلمية لأبنائهم.
أما التعليم الخاص والمدارس الأجنبية فقد فاقت مصاريفها كل خيال وأصبحت فوق قدرة الكثيرين كما يستعد الطلبة أيضا لإعداد برامج ترفيهية بعد هروبهم من المدارس فور أول حصة وكذلك التحضير للاستعانة بأحدث وسائل الغش فى الامتحان وشراء الأجهزة التى تساعدهم على الغش وللأسف بتمويل من الأهل الذين أصبح جل اهتمامهم نجاح أولادهم فى الاختبارات بصرف النظر عن الوسيلة.
ومن المؤسف أن تجد المدارس خاوية من الطلبة جهارًا نهارًا تحت أعين المدرسين ومدراء المدارس والمفتشين والوزارة دون أدنى رد فعل فقد أصبحت التغيب من المدارس ظاهرة واقعة وفشلت كل الاجراءات فى الحيلولة لمنعها أى أصبحت أمرا محتوما أما ظاهرة تسريب الامتحانات فأصبحت مباراة سنوية بين الوزارة ومحترفى مواقع الغش والطلبة فتضع الوزارة كافة الاحتياطات الأمنية لمنع تسرب الامتحانات ولكن ما زال هناك تسريبا يحدث كل عام فى تحد صارخ للوزارة وبتشجيع من الأهل والخلاصة أن منظومة التعليم بأكملها فى خطر شديد وأصبحت المدارس مجرد ديكور ومبان فارغة من الطلبة وأصبح هناك نظام تعليمى مواز للوزارة حتى النظام الإلكترونى الذى وضعه وزير التربية والتعليم والذى آملنا أن يكون منقذا لمسيرة التعليم المتدهورة قوبل بعاصفة احتجاجات من الأهل ومن أعضاء البرلمان وكأن الوزير يريد نشر دين جديد أو هو من كفار قريش ويجب محاربته.
كما أن ضعف شبكة الإنترنت وعدم تغطيتها جميع أنحاء مصر قد أسهمت أيضا فى إفشال التطوير الذى حلمنا به جميعا ونفس الوضع ينطبق على الجامعات التى تفشت فيها الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية ومذكرات الدكاترة ودروس المعيدين ولكن بتكاليف أعلى وأبهظ وإمتدت للكليات العملية مثل الطب والصيدلة والهندسة بشكل مؤسف ومخجل وإذا لم يتم تدارك الأمور وفى أقرب وقت فسوف يتم إضافة عشرات الآلاف من الجهلة وإنصاف المتعلمين إلى سوق العمل المصرى والذى أصبح أمثولة فى التخلف لدرجة أن الدول العربية أصبحت تلزم أطباءنا المصريين بإجراء امتحانات بعد تخرجهم وقبل قبولهم فى سوق العمل لديها وتلك وصمة عار فى جبين الجميع: الأهل الذين ساعدوا أبناءهم بالدروس الخصوصية والغش والمسئولين الذين فشلوا فى إصلاح مسيرة التعليم على مدار عقود من الزمن حيث سئمنا من سماع نفس الحجج والإعذار والوعود البراقة كل عام أوكلما تم تغيير الوزير ولك الله يا مصر.