المهندس السيد طوبا يكتب.. ثقافة الاعتذار


من منا لم يخطئ فى حق نفسه أو أولاده أو زوجته أو إخوته أو جيرانه أو زملاء العمل؟ بالقطع جميعنا يخطئ لأنه من السمات الإنسانية فجميعنا خطائين ولكن أفضلنا على الإطلاق من يعترف بخطئه ويحاسب نفسه ثم يعتذر عن خطئه وربما تكون كلمة آسف بالرغم من صغر أحرفها إلا أنها تكون كبيرة المقام لمن يجد فى نفسه شجاعة الاعتذار وجبر خاطر من أخطأ فى حقه وفى هذه الحالة فإنما تدل على خلق رفيع ومعدن أصيل وقلب صاف والأجمل أن تتقبل اعتذار من أساء إليك وتسامحه بل وتدعو له أما من يتكبر عن الاعتذار من الناس فليس سوى ناقص الإيمان سيئ الخلق والأسوأ منه ألا يقبل اعتذار الآخرين إذا أساءوا إليه وتأخذه العزة بالإثم فلا يعتذر من الناس ولا يقبل اعتذارهم.
وكم من صداقات طويلة انتكست بسبب التعالى عن الاعتذار وكم من أسر هدمت وتشرد أفرادها بسبب تكبر أحد الطرفين للاعتذار من الآخر وكم من أخوة تصدعت لأسباب تافهة وتكبر واستعلاء عن الاعتذار والاعتذار خلق وثقافة يتربى عليها الإنسان منذ نشأته فى بيته فإذا شب على والدين يعتذران من بعضهما أو من أقاربهما أو جيرانهما لترعرع على التواضع واحترام الغير وحب الاعتذار إذا أخطا دون غرور.
ثم يأتى دور المدرسة والتى يتربى فيها ويتعلم خلق وثقافة الاعتذار فيعتذر من زميله إذا أهانه ومن مدرسة إن أخطأ ثم يتبدل الحال ويشب على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى والأفلام والمسلسلات فلا يجد سوى السباب والشتائم والخوض فى الأعراض والبذاءات وسفك الدماء ثم أفلام الانتقام والهدم والمخدرات والحرائق والتدمير.
فإذا لجأ للرياضة تفاجأ باللاعبين والنقاد والمحللين ورؤساء الأندية يتبادلون أقذع الألفاظ والشتائم والسباب دون حياء أو خجل ودون أن يبادر أحدهم بالاعتذار عن خطئه فتجد من تربى على خلق وثقافة الاعتذار يتلوث بالثقافة العامة للمجتمع وعندما تشاهد الأفلام و المسلسلات الأجنبية تندهش من كم الاعتذارات التى تتداول لأن فى عقيدتهم فضيلة الاعتذار كما أنها ترجمة ومرآة لحياتهم حتى على مستوى أكبر المسئولين فى بلادهم فتشاهد رئيس الدولة يعتذر من مواطنيه عن خطأ ارتكبه والوزير وأكبر مسئولي الدولة لا يتوانون عن الاعتذار عن قرار خاطئ اتخذوه بل ويندمون ومنهم من يتقدم باستقالته لاخفاقه فى عمل ما فهل يتذكر أحدكم أن وزيرا استقال طواعية لأنه أخفق فى عمل ما أم تجده أجبر على الاستقالة امتصاصا لغضب الشعب، الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه فضيلة عظيمة أتمنى أن أراها تسود أخلاقنا لأن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.