مواطن مصري في أحد مطارات العرب الفارهة وعند التخليص الجمركي أخذت موظفة الجوزات جواز سفره كي تضع له ختم الدخول عليه وحينها: نظرت إليه وهي تبتسم.. وسألته: من تحب أكثر مصر أم دولتى فقال لها: الفرق عندي بين مصر و بلدكم كالفرق بين الأم والزوجة.. فالزوجة اختارها.. أرغب بجمالها.. أحبها.. أعشقها.. لكن لا يمكن أن تنسيني أمي.. الأم.. لا اختارها ولكني أجد نفسي ملكها.. لا أرتاح إلا في أحضانها.. ولا أبكي إلا على صدرها.. وأرجو الله ألا أموت إلا على ترابٍها وتحت قدميها.

أغلقت موظفة الجوزات، جواز السفر ونظرت إليه باستغراب.. وقالت: نسمعُ عن ضيق العيش فيها.. فلماذا تحب مصر؟ قال: تقصدين أمي؟ فابتسمت وقالت: لتكن أمك .. فقال: قد لا تملك أمي ثمن الدواء ولا أجرة الطبيب، لكن حنان أحضانها وهي تضمني.. ولهفة قلبها حين أكون بين يديها تشفيني.

قالت: صف لي مصر.. فقال: هي ليست بالشقراء الجميلة، لكنك ترتاحين إذا رأيت وجهها .. ليست بذات العيون الزرقاء.. لكنك تشعرين بالطمأنينة إذا نظرت إليها.. ثيابها بسيطة ، لكنها تحمل في ثناياها.. الطيبة.

والرحمة.. لا تتزين بالذهب والفضة، لكن في عنقها عقداً من سنابل القمح والشعير تطعم به كل جائع.. سرقها اللصوص على مر الزمن ولكنها ما زالت تبتسم ..!! مصر ..باقية للأبد واللصوص دائمآ إلى مزبلة التاريخ مهما صمدوا.. مصر.. باقية طول الدهر.. مصر.. باقية قلعة للعرب..

قاطعته ثم أعادت إليه جواز السفر.. وقالت: أرى مصر على التلفاز.. ولكني لا أرى ما وصفت ليّ..!! فقال لها: أنت رأيت مصر التي على الخريطة.. أما أنا فأتحدث عن مصر الذي تقع في جوفَ قلبي.