بسم الله ما شاء الله بعتبر نفسي واللى زيى من أبناء جيلى واللي سبقونا بشوية سنيين،واللي جم بعدنا بشوية قليلين من الناس المحظوظين والحمد والشكر لله رب العالمين لأننا دقنا حلاوة الصحافة لما كانت بالمرقة الضانى دسمة وطعمه ومبتعملش دهون ثلاثية ولا كوليسترول،وبكرم ربنا عشنا أزهي عصور المهنة- لما كانت مهنة بحق وحقيق- اشتغلنا بنفس وشهية مفتوحة ..مننا اللي ننام في الشوارع يعمل تحقيق صحفي ،واللي بات في أقسام الشرطة يدور علي خبر او يتابع جريمة الناس بتتكلم عنها ،واللي راح السجون يعمل حوار مع سجين أو محكوم عليه بالإعدام واللى سافر عل الحدود يعمل حوارات مع الابطال واللى راح مناطق الحروب.

بجد تعبنا كتير ، اتغربنا وسبنا أهلنا وناسنا وشقينا،وحفرنا في الصخر ومشتكناش ومشينا علي الشوك ومتألمناش.
كنا رجالة علشان كنا بنحب المهنة وكان عندنا أمل نكون حاجة وإرادة نحققها لأننا كنا نخجل من الفشل ونتكسف نرجع بلادنا في الصعيد أو بحري مكسورين الخاطر..ستات وبنات برضه كانوا في شغلهم رجالة. ..حبينا الصحافة وحبتنا ..تعبناها وتعبتنا ، اديناها وأدتنا ولقينا ورانا ستات اللي هم زوجاتنا واقفين معانا وورانا عارفين حق الله وبيربوا ولادنا وبيرعوا بيوتنا ربنا يرحم اللي ماتت منهم ويحفظ العايشين ويجزايهم خير.

اتعلمناها من اسطوات المهنة صح..علمونا الكلمة أمانة ،والقلم رسالة واحسن من الشرف والصدق مفيش، وعرفونا ازاي نتعامل مع مصادرنا الصحفية برجولة وصدق وذكاء منخسرش مصدر علشان خبر

أنا عن نفسي كنت كده مخسرتش في حياتي الصحفية كلها مصدر من مصادري الأمنية ولا القضائية علشان خبر في جورنال نهايته ارشيف الصحف أو مهمل في دولاب الذكري أو مآله قرطاس طعميه..علشان كده كبرنا سوا مع مصادرنا وحبايبنا ولسه مع بعض اصدقاء وحبايب منهم وزراء ومنهم محافظين. أساتذتنا علمونا ازاي نحترم عقول قراءنا.. لا نغش ،ولا نهش، ولا نغلس ولا ندلس، ولا نفبرك وان الكدب ملهوش رجلين.

علمونا أن الكلمة تبقي واللي بنكتبه تاريخ للحاضر والأجيال اللي جايه. مش اللي بيحصل اليومين دول كله مسخ ونسخ ومواقع بتنقل من بعضها الكدب والصح من غير مراجعة ولا تدقيق ولا تأكيد للي بيتنشر. وهاصت الصحافة وباظت بأهلها وغير أهلها!!

منكرش أننا كنا محظوظين وحالنا أحسن من حال الزملاء الأصغر الحاليين ولقينا اللي يعلمنا بجد وبضمير أساتذة ليهم علينا حق نشهد ليهم بالخير ونكن ليهم الوفاء ربنا يبارك في صحة الأحياء منهم ، ويرحم اللي مات برحمته الواسعة ، في جنة عرضها السموات والأرض جزاء علي ما قدموه للمهنة وربنا يلحقنا بهم في جنات النعيم.

منكرش أننا اتعلمنا وحاولنا نعلم اللي جم بعدنا ..منهم اللي اتعلم ومنهم اللي أعتبرنا دقة قديمة وتمرد علينا!!
الحمد والشكر لله عشنا العصر الذهبي لما كان للكلمة رونقها وللصحفي هالة ومهابة وبرستيج ..والحمد لله لحقنا شوية من شيوخ المهنة ،كبارها واسطواتها أسماء كبيرة وكثيرة يمكن مش عشرناهم كتير بس شفناهم ولحقناهم في أواخر أيامهم وسمعنا سيرتهم الطيبة.

مرت السنيين ولسه الحمد لله اهو عايشين بنعافر مع اللي بيعافروا في الدنيا والحمد لله علي كل حال..ربنا يديم علينا الصحة والستر.

شفنا وعاصرنا بدايات ظهور الشروخ في بنيان المهنة وتآكل بعض اعمدتها الخرسانية بسبب بعض العوامل المناخية والجيولجية وتشققات أرضية وجفاف في التربة فبدأ البنيان مهتز ،مهتر ،مشوه ،مترنح، آيل للسقوط ..حاولنا ترميمه وفشلنا..الأمر مكنش بأيدنا وللاسف محدش من السكان ولا حتى الجيران أو المسؤولين حاولوا التدخل لعمل صبات تقوية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.!!

صحيح احنا لسه مأزومين متأزمين في وسط الازمة والمبنى يترنح بينا ، ولسه بنتحسر علي حالنا تعساء مع المتعوسين الجدد..مهمومين مع المهمومين القدامى بس مش عارفين نعمل أيه؟!

مش بأيدينا ، العين بصيرة والأيد قصيرة وأهو بقينا عايشين مع خايبين الرجا..حالنا من حالهم إلى أن يأذن الله بأمر كان مفعولا.
#عقلانيات
خواطر صحفي.