يظن البعض أن عصر المعجزات قد انتهى ، وأن الحياة يتحكم فيها القانون البشري فقط ، وأن من لديه القوة سواء كانت تلك القوة ناتجة عن سلطة أو مال ، فإنه هو من يتحكم في مجريات الأمور ، و يظن البعض من كثرة الألم أو من شدة المعاناة ، أن بعض الأمور أصبحت مستحيلة ، على غير الحقيقة.

المشكلة الحقيقية في فتح أبواب تلك الظنون تكمن في ثبات اليأس الذي يتملك بعض القلوب عندما يمرون أصحابها بشدة أو ابتلاء هي انعدام اليقين بالمولى عز وجل ، وبقدرته المتناهية على تغيير الأمور ، وبقدرته اللامحدودة على إنصاف المظلوم أو تبديل الأحوال ، و تُفتَح تلك الأبواب منفردة أو متجمعة فقط عندما ينعدم اليقين .

تلك الكلمة هي مفتاح النجاة من كل شر ، وهي الطريق الحقيقي للتغيير ، والوصول إليها شديد الصعوبة يحتاج إلى تدريب نفسي قاسي ، حتى يتعلم المرء معاني العديد من الكلمات ، والتي من غيرها يستحيل أن يصل لتلك القوة الجبارة التي تصنع المعجزات .

فاليقين يحتاج إلى معرفة المعنى الحقيقي للبر ، وجوهر التقوى والإيثار ، وحقيقة التخلي عن كل مغريات الحياة ، والقدرة على التحمل مهما كانت الصعوبات ، معاني قد تبدو بسيطة ونسمعها باستمرار ، ولكن في حقيقة الأمر هي أمور شديدة الصعوبة ويصعب تطبيقها و لا يقدر عليها إلا القليل من البشر .

وللوصول إلى اليقين تحتاج للكتاب ، والكتاب هنا ليس مجرد كلمات تقرأها بغرض الثواب كما يفعل البعض عند قراءة القرءان الكريم في شهر رمضان المبارك، وإنما تحتاج لمضمون الكتاب الذي أمر المولى عز وجل نَبِّيُه يَحيَ أن يأخذه بقوة حيث قال ( يَا يَحْيَىٰ خُذِالْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) .

وللكتاب قوة لا يعلمها إلا من استطاع أن يأخذه أخذ يحي نبي الله له ، ومن قبله سائر الأنبياء والرسل ، قوة الكتاب هي الطاقة النورانية التي تغسل النفس الأمارة بالسوء ، وتحولها إلى نفس مطمئنة ، وهي الطاقة التي تهزم كل جبار عنيد ، وتضيء الطريق لكل من غاب عنه النور ، وسكن الظلام قلبه .

تلك القوة هي المحرك الأساسي لعصا موسى ، عندما استطاع أن يصل إليها ، شُقَ البحر له ونجا هو ومن معه وغَرق فرعون وجنوده ، فالأسرار لا تنتهي ، ولكنها تنتظر من يبحث عنها ، كلمات من نور تفتح الطريق لكل مشتاق على قدر اشتياقه وثقته بخالقه الذي يهب له من النور على قدر تلك الثقة.

في بعض الأحيان تحتضر القلوب من شدة الحُزن ومن قسوة الأيام ، وتُغلَق أبواب الأمل في وجوه البعض منا ، ويتملك الشيطان من النفوس ، حتى ينطفيء النور ، وتمتلئ العيون بالظلام . فإذا لم يُستَبدل ذلك الحزن واليأس باليقين ، تموت تلك القلوب مهما كانت تنبض بداخلها الحياة.

أسرار وحكايات دونتها لنا الكتب السماوية كدليل وإرشاد تفتح الطريق لنشهد على أنفسنا ثم تزول تلك الحياة ونعود إلى مولانا الحق ونصحو من غفوتنا وكأن الحياة لم تكن ، وكأنها كانت وهماً .
و لكل منا قصة قد تتشابه بعضها وقد تختلف ، ولكن دائما ما يكون في كل قصة ظالم ومظلوم ، فقط تختلف صور الظلم ولكن في النهاية تتكرر الحكايات ، وكل منا لديه القدرة على اجتياز تلك التجربة الحياتية ، وقد يستطيع أن يمر بسلام إذا استطاع أن يجد طريقه إلى اليقين ، كل ما علينا أن نبحث عن مفتاح الوصل بيننا وبين الله عز وجل حتى يفْتَح لنا خزائن السماوات و يهب لنا طريقاً للنجاة.