العلاقات المصرية الأوروبية بعد 30 يونيو.. شراكة إستراتيجية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية | صور


شهدت العلاقات "المصرية - الأوروبية" منذ ثورة 30 يونيو عام 2013، تطورًا على المستويات السياسية والاقتصادية والإستراتيجية والثقافية والإنسانية والتي تستند إلى تاريخ طويل من العلاقات، حيث حرصت القيادة السياسية على تنمية وتعزيز أطر التعاون المشترك بين الجانبين في مختلف المجالات وعلى مختلف الأصعدة، خاصة أنَّ الاتحاد الأوروبي يعد أحد الداعمين الرئيسيين لمصر إقليميًا ودوليًا.
وتستند العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي إلى تاريخ طويل من التعاون في مختلف المجالات، خاصة أن الاتحاد الأوروبي يعد أحد الداعمين الرئيسيين لمصر إقليميا ودوليًا، في الوقت ذاته حرص الاتحاد الأوروبي على تعظيم العلاقات مع القاهرة في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتصاعدة في ظل يقين أوروبي بكون مصر ركيزة الاستقرار في الشرق الأوسط وإفريقيا وحوض المتوسط.
واتسمت علاقات مصر والاتحاد الأوروبي عقب ثورة 30 يونيو بوجود شراكة قوية اتسع نطاقها وازدادت عمقًا وتأثيرًا خاصة منذ تولى الرئيس السيسي مقاليد الحكم؛ حيث أرسى قواعد حاكمة لضمان مستقبل أفضل للشعب المصري.
تطور العلاقات المصرية الأوروبية
ارتبطت مصر بالقارة العجوز منذ أكثر من 200 عام بعلاقات متينة وقوية، وعلى مدار القرنين تنوعت علاقات مصر بين دول القارة المختلفة، وتوسعت عقب ثورة يوليو عام 1952 مع دول المعكسر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي، واستمر الحال كذلك طوال فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر، ومع تولي الرئيس السادات المسئولية تغيرت محاور سيلاسة مصر الخارجية، وبدأت في التقارب مع دول المعسكر الغربي، وفي عام 1976 برزت العلاقات المصرية مع الاتحاد الأوروبى واضعة أساس شراكة طويلة الأمد توجت باتفاقية الشراكة التي تم تفعيلها منذ عام 2004، والتي تسمح بمزيد من التعاون والتبادل التجاري والثقافي، وكذلك التعاون في مجالات عديدة تحددها أولويات الشراكة.
الطابع الإستراتيجي في علاقات مصر والاتحاد الأوروبي
ومنذ ثورة 30 يونيو يغلب الطابع الإستراتيجي على العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، ويكتسب التعاون المشترك أهمية في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتصاعدة في الوقت الراهن، بخاصة أن مصر تُعد ركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط وبوابة إفريقيا في أبجديات السياسة الأوروبية، فيما يتطلع الجانب المصري إلى تعزيز وتوسيع نطاق التعاون مع الاتحاد الأوروبي خلال المرحلة القادمة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، وزيادة حجم الاستثمارات الأوروبية في مصر من خلال الاستفادة من الفرص الاستثمارية الكبيرة التي يُقدمها الاقتصاد المصري في ظل عملية الإصلاح الاقتصادي الشاملة التي أُطلقت في مصر منذ عام 2016.
ويرى الاتحاد الأوروبي في مصر القوة التي بيدها تحسين واستقرار الأوضاع في شرق المتوسط وإفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، لذلك ينظر إلى مصر باعتبارها قوة إقليمية لا غنى عنها لضمان استقرار المنطقة، بالإضافة إلى أن المزايا الاقتصادية والتجارية الواعدة في مصر خاصة في المجال التجاري والصناعي ومجال الطاقة، كما يعتبر الاتحاد الأوروبي مصر قاعدة انطلاق للقارة السمراء.
أولويات العلاقات المصرية الأوروبية
يعمل كل من الاتحاد الأوروبي ومصر على تعزيز التعاون العملي في المجالات المتعلقة بالأمن ومكافحة الإرهاب، كما يؤكد الاتحاد الأوروبي ومصر على أهمية مواصلة العمل معًا للتصدي المشترك بكفاءة وفعالية لتحديات الهجرة غير النظامية، بالإضافة إلى جميع الجوانب الأخرى للهجرة والتنقل، بما في ذلك الهجرة القانونية، بما يتماشى مع اختصاصات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، من خلال شراكات شاملة ومصممة خصيصًا وذات منفعة متبادلة، وبروح الإعلان السياسي لقمة فاليتا وخطة عمل فاليتا المشتركة، بالإضافة إلى الإحاطة علمًا ببيان المفوضية الأوروبية بشأن الميثاق الجديد للهجرة واللجوء.
ويتفق الاتحاد الأوروبي ومصر على أن المجتمع المدني هو مساهم مهم وفعال في تنفيذ أولويات شراكتهما وفي إدارة شفافة وتشاركية لدولة ديمقراطية حديثة، ويمكنه دعم عملية التنمية المستدامة في مصر، وسيعملان مع المجتمع المدني للمساهمة بفعالية في عملية التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وفقًا للدستور المصري والتشريعات الوطنية ذات الصلة.
التبادل التجاري بين مصر والاتحاد الأوروبي
ويعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لمصر وزاد إجمالي التجارة في السلع بين الاتحاد الأوروبي ومصر أربعة أضعاف منذ دخول اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ومصر حيز التنفيذ، حيث نمت من أقل من 9 مليارات يورو في عام 2002 إلى أكثر من 37 مليار يورو في عام 2022.
الاتحاد الأوروبي أكبر مستورد للمنتجات المصرية
كانت مصر على مدى السنوات العشر الماضية محل جذب للاستثمارات الأجنبية لاسيما الأوروبية، خاصة في ضوء المشروعات الضخمة التي تقوم بتشييدها في مختلف المجالات في مجالات الكهرباء والنقل والبنية التحتية والغاز الطبيعي والبترول.
يعد الاتحاد الأوروبي أكبر مستورد للمنتجات المصرية ويمثل حوالي 30٪ من صادرات مصر. وشهدت العلاقات الاقتصادية طفرة كبيرة حيث زادت الصادرات المصرية إلى أوروبا بنسبة 100% خلال العام ٢٠٢٢-٢٠٢٣ مقارنة بعام 2021 وذلك بفضل الصادرات المصرية من الغاز إلى عدد من البلدان الأوروبية، وحقق التبادل التجاري بين الجانبين زيادة ملحوظة؛ حيث بلغت صادرات مصر إلى الاتحاد الأوروبي خلال النصف الأول من عام ٢٠٢٢ حوالي ٨ مليارات يورو مقارنة بحوالي ٤ مليارات يورو لنفس الفترة من عام ٢٠٢١ بنسبة تناهز ١٠٠%.
وتؤكد مصر دائمًا على أهمية البناء على الزخم القائم في العلاقات السياسية والاقتصادية مع الجانب الأوروبي للارتقاء بالتعاون القائم بين الجانبين؛ واستغلال الفرص التي فرضتها التغيرات الدولية في السنوات الأخيرة لتدشين شراكة أكثر شمولاً وجذب مزيد من الاستثمارات الأوروبية إلى مصر، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة والأمونيا والهيدروجين الأخضر والأسمدة، سواء عبر مؤسسات الاتحاد الأوروبي أو من خلال الدول الأعضاء بالاتحاد، فضلاً عن توطين سلاسل الإمداد الأوروبية بمصر.
التعاون المصري الأوروبي لمكافحة الإرهاب
ترأست مصر والاتحاد الأوروبي الاجتماع الحادي والعشرين للجنة التنسيقية للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وناقش أكثر من 150 من كبار المسئولين والممارسين في مجال مكافحة الإرهاب والعدالة الجنائية من أكثر من ثلاثين دولة العمل المستقبلي لمواجهة التهديدات الإرهابية العالمية. وخلال الاجتماع، قدم رئيسا المنتدى، مصر والاتحاد الأوروبي، رؤيتهما بشأن التوجه الإستراتيجي للمنتدى وأهدافه خلال فترة ولايتهما (2023-2025). ومن الركائز الأساسية لهذه الرؤية تعزيز النهج العملي للمنتدى وجعله أكثر استجابة، وذي إسهامات قيّمة في الجوانب التي هي في أمس الحاجة إليها.
وأعربت مصر والاتحاد الأوروبي عن التزامهما بالعمل مع أعضاء المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب لتنفيذ نهج شامل وعالمي يعالج الأسباب الجذرية للإرهاب ويوفر استجابات ملائمة – وعملية – للتهديدات على أرض الواقع. كما شددا على أهمية تعميق التفاعل والمشاركة مع الجهات الفاعلة الأخرى في تنفيذ هذا النهج، مع التأكيد على الأهمية التي يعلقانها على زيادة التعاون مع المؤسسات الثلاث "المستلهمة" من المنتدى – وهي الصندوق العالمي لإشراك المجتمعات المحلية وتعزيز قدرتها على التكيف، ومركز هداية، والمعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون – في تنفيذ أولويات المنتدى ورؤية رئيسية.
وأُسِّس المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب في عام 2011 من قبل 30 عضوًا ليكون منصة غير رسمية وغير سياسية ومتعددة الأطراف لمكافحة الإرهاب، هدفها تعزيز الجهود الدولية في النهج الإستراتيجي طويل الأجل لمكافحة الإرهاب ومنع ومكافحة التطرف العنيف المفضي إلى الإرهاب. وقد دأب المنتدى منذ تأسيسه على الاستجابة للتهديدات الجديدة والناشئة عن طريق إعداد أدوات عملية لواضعي السياسات والممارسين. ويتعاون المنتدى مع الشركاء في جميع أنحاء العالم لتحديد الاحتياجات المدنية الحيوية في مجال مكافحة الإرهاب وحشد الخبرات والموارد اللازمة لدعم بناء القدرات.
ويعمل المنتدى جنبًا إلى جنب مع المؤسسات المستلهمة منه وهي: الصندوق العالمي لإشراك المجتمعات المحلية وتعزيز قدرتها على التكيف (GCERF) ومقره جنيف (سويسرا)؛ ومركز هداية (المركز الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف) ومقره أبوظبي (الإمارات العربية المتحدة)؛ والمعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون (IIJ)، ومقره فاليتا (مالطا).
كما يعمل المنتدى عن كثب مع ميثاق الأمم المتحدة العالمي لتنسيق مكافحة الإرهاب؛ وقد استُخدمت أدوات المنتدى ووثائقه السياساتية على نطاق واسع داخل منظومة الأمم المتحدة وخارجها. كما أنها شكلت الأساس لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بمكافحة الإرهاب.
وينعقد اجتماع اللجنة التنسيقية للمنتدى مرتين كل عام. وكان هذا أول اجتماع تستضيفه مصر والاتحاد الأوروبي؛ وسيُعقد الاجتماع التالي في شهر سبتمبر في نيويورك، إلى جانب الاجتماع الوزاري للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب.