الدكتورة أشجان نبيل تكتب.. يونيو الأسود والإعلام المصري


استمرارًا لسلسلة المقالات التي أتبنى فيها الحديث بخصوص الشأن الإعلامي والفني والدرامي في مصر والتي أرى أنهما من أهم وأخطر الأدوات تأثيراً في تفكير الشعب المصري سواء بالسلب أو الإيجاب، أتحدث معكم اليوم عن يونيو الأسود تحديداً يوم ١٨ يونيو عام ٢٠١٤ حينما اتخذت حكومة المهندس إبراهيم محلب قراراً بإلغاء وزارة الإعلام المصري والتي كان تاريخها في التأسيس منذ عام ١٩٥٢ بعد أحداث الثورة وكانت وقتها تحت اسم ( وزارة الإرشاد القومي) ليحل مكانها المجلس الأعلى للإعلام والصحافة وهي جهة مستقلة تم إنشائها بالقانون رقم ٩٢ لعام ٢٠١٦ ( جهة مستقلة إدارياً ومالياً وفنياً لا تخضع للرقابة ويتم تشكيلها بمعرفة رئيس الجمهورية).
ولابد أن تعلم ياعزيزي القارئ أن إلغاء وزارة الإعلام كانت وسيلة وليست غاية بمعنى أن الإلغاء كان مطلب قومي من القوة المدنية وذلك لخلق إعلام قومي مدني لتقديم المحتوى الذي يهتم أولاً بخدمة المواطن المصري وليس فقط خدمة الحكومة أو مؤسسة الرئاسة.
ولكن مع مرور السنوات انكشف الأداء الحقيقي لتلك المؤسسات والتي ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في تدهور الفكر المجتمعي في مصر وكان الهدف الرئيسي الإعلان وليس الإعلام والتربح مهما كان الضرر المجتمعي إلا من رحم ربي.
كما انكشف أيضاً ضعف أداء المجلس الأعلى للإعلام والصحافة ومع كامل احترامي لأشخاصه القائمة عليه، إلا أن المعايير والضوابط التي قاموا بوضعها لهيكلة المنظومة المرئية والمقروءة والمسموعة من حيث المقدمين والمحتوى ما هي إلا مجرد حبر على ورق.
ومع الأيام تتوالى موجات الغضب العارمة على السوشيال ميديا للحديث عن أحد مقدمي البرامج أو حتى المحتوى الإعلامي للبرامج ويخرج علينا المجلس بوقف البرنامج والمقدم ثم بعد فترة ترجع الأمور لطبيعتها وكأن شيئاً لم يكن، بل واتخذت بعض القنوات والصحف جانب الفتنة من خلال عمل فجوة بين المواطن ومؤسسات الدولة من حيث نشر الإشاعات والأكاذيب وأصبح الفكر السائد لدى المواطن المصري هو أن الحكومة راضية عن هذا الأداء المشيين وهذا في الحقيقة غير صحيح بالمرة.
كما تحولت المهنة لغير أصحابها فنجد خريجي كليات الإعلام المصرية لا يجدون فرصتهم في العمل بالقطاع الإعلامي ويحل محلهم من يمتلكون الواسطة والمحسوبية وشلة الأقارب والمعارف لهذا القطاع الهام والحيوي، ورأينا مؤخراً حملات ممن يعملون بهذا الوسط موجهة رسائل لطلبة الثانوية العامة بعنوان (متدخلوش كليات الإعلام علشان محدش هيشتغل).
حديثنا اليوم ليس عن برنامج أو مقدم أو محتوى بعينة ولكن عن منظومة إعلامية تخللها الفساد والضلال والتربح وكله على حساب المجتمع المصري.
ومن هنا نطالب رئاسة الجمهورية برجوع وزارة الإعلام المصري القومي لظبط آليات الشاشة وما خلفها من جديد، كما نطالب الرئيس بحل المجلس الأعلى للإعلام والصحافة وكل المجالس المتخصصة التي في حقيقتها عبئاً على ميزانية الدولة ولا تقدم شيئاً سوى السم في العسل.
•نطالبكم بإنهاء المهزلة التي دمرت وما زالت مستمرة في تدمير الفكر المجتمعي بالكامل.
سيدي الرئيس.. أنت تسعى نحو خطوات اقتصادية وتنموية كبيرة لرفعة هذا الوطن ولكن الآداة الإعلامية تقوم بهدمها من الناحية الأخرى وبمختلف الأساليب، ولعلك تعلم أن الأسرة المصرية والمجتمع كاملاً أصبح على صفيح ساخن.