يرى جمهور المفسرين ان اول الايات من سورة " عبس" نزلت معاتبة للنبى فى اعراضه عن ابن ام مكتوم، فهل لك ان تتصور معى ان
المجلس للنبى ص والموجودون لديه جماعة من صناديد قريش وبينما هو كذلك اذ جاء رجل اعمى قاصدا مجلس النبى ليتعلم فلما رآه احد الحاضرين"عبس وتولى" والعبوس يظهر التجهم والغضب فى الوجه، والتولى هو الاعراض"ان جاءه الاعمى".
ان الاعمى جاء الى مجلس النبى " ومايدريك لعله يزكى" ومايدريك ياايها العابس المتولى ــ غضبا ــ لعل هذا الاعمى انما جاء للنبى؛ لعله يزكى اى يطلب التزكية والصلاح لنفسه" اويذكر فتنفعه الذكرى"
" اما من استغنى" من امثالك" فانت له تصدى "تقبل بوجهك عليه، "وماعليك الا يزكى"فالمسؤلية عليه لاعليك
" واما من جاءك يسعى"واضاف المجيء اليه؛ لانه احد الحاضرين فى المجلس "وهو يخشى"اى يخشى الله او يخشى عاقبة الاعراض عن مجلس النبى"فانت عنه تلهى" تتشاغل عنه ولاتلق له بالا
والذى يجعلنى ارجح ان المعاتب شخص غير النبى عدة امور منها
اولا:انه لم يوجه الخطاب اليه قائلا: لم عبست وتوليت؟كما فى معاتبته اياه"ياايها النبى لم تحرم مااحل الله لك" بل ساقه مساق الخبرـوللمستمع ان يتبين المخبر عنه
ثانيا:ان العبوس والتولى والتلهى صفات غير لائقة بصاحب الخلق العظيم خاصة وقد اخبر الله عنه بذلك قبل ذلك الحدث فى سورة ن حيث قال" وانك لعلى خلق عظيم"
ثالثا: العبوس والتولى والتلهى صفات مقرونة فى القران الكريم بغير المؤمنين قال تعالى
={ثُمَّ ‌عَبَسَ وَبَسَرَ ٢٢ ثُمَّ أَدۡبَرَ وَٱسۡتَكۡبَرَ ٢٣المدثر}
=إِنَّا قَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡنَآ أَنَّ ٱلۡعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ ‌وَتَوَلَّىٰ ٤٨طه
=وَلَٰكِن كَذَّبَ ‌وَتَوَلَّىٰ ٣٢ القيامة
=يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا ‌تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ٩المنافقون}
=ان السورة مختتمة بذكر الكافرين{أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَفَرَةُ ٱلۡفَجَرَةُ ٤٢} فناسب ان يكون اولها متطابقا مع وسطها {قتل الانسان مااكفره} وآخرها
رابعا: ان جماعة من كبار القوم اتوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوجدوه قَاعِدًا مَعَ بِلَالٍ، وَعَمَّارٍ، وَصُهَيْبٍ، وَخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي أُنَاسٍ مِنَ الضُّعَفَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ حَوْلَهُ حَقَّرُوهُمْ، فَأَتَوْهُ ليجعل لهم مجلسا خاصا بعيدا عن هؤلاء فنزلت تلك الايات
{وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ ‌عَيۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطٗا ٢٨الكهف} وهو كنبى الله نوح حينما قيل له اطرد عنك الفقراء فقال{وَمَآ أَنَا۠ ‌بِطَارِدِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ١١٤ الشعراء} ومما ادب الله به نبيه{( وَلاَ تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ ) [ الأنعام : 52 ].وقد التزم النبى بماالزمه ربه فلم يعرض عن احد من الضعفاء
رابعا: ان النبى يعلم تماما ان الذى ياتيه انما ياتيه ليزّكى وليذّكر لان تلك هى مهمة النبى الاصلية فقوله " ومايدريك" موجه لمن لايعلم ذلك، وليس للنبى صلوات ربى وسلامه عليه