سارة درغام تكتب.. أنا أنتمي


أنا أنتمي للواتي كن أطفالاً عاديات .. لأولئك اللواتي كن دائماً في الوسط.. لسن متفوقات و لا تكرمن في الحفلات المدرسية.. لا تلفتن الانتباه ولا تثرن الجدل، لسن مشاغبات يعرفهن الجميع.. لأولئك اللواتي لا تبهرهن الأشياء الجديدة.. لا أشعر بالشغف تجاه ما يبهر الجميع.. ولا أنتمي لنادي “العود الفرنساوي”، لا أتبع الموضة أو أسارع فى اقتناء أشياء يملكها الجميع.
لأولئك اللواتي لا يمتلكن عيوناً ملونة و لكنها حالمة.. لأولئك اللواتي يرتبكن إذا تكلمن أمام خمسة أشخاص و يسترسلن في الكلام أمام مراياهن ..
أنا أنتمي لأولئك اللواتي لا يفهمن في الاقتصاد و العملات ولا ما هي المحكمة الدستورية ولا يعرفن من هو نيتشه.
أولئك اللواتي لطالما فضلن الصمت على الجدال المبتذل ولو كن على حق .. اللواتي ضاعت حقوقهن لأنهن ليسن وقحات بما يكفي أو سيئات بما يكفي.
أنا فقط أجد نفسي فى الأشياء المنسية، يباغتني شعور مُختلف حين أستمع إلى فيروز صباحًا، أفضل أن أشرب قهوتي فى فنجان جدتي القديم المنقوش بالورد ، لا تطرب روحي أغاني اليوم أجدها مستنسخة مبتذلة، في الدرج الأخير من خزانتي أقراص قديمة يتعدى عددها المئة، كنت أدخرها منذ الصغر أعتقد أنها تعود لما قبل الألفينات، أفضل السير على الأقدام على ركوب السيارة، أُفضل قناة روتانا زمان عن باقي القنوات، لا أؤمن أيضًا أن المشاعر وليدة اللحظة أما أن تعيشها كاملة أو لا تعيشها أبدًا.
كنت أود أن أولد فى السبعينيات أظن حينها كان للحُب قدسية خاصة، كان بإمكانك أن تضع كل مشاعرك فى ورقة و إذ رفضت مشاعرك ستمزق الورقة لا قلبك، بشكل مؤقت على الأقل، كم أحب الرسائل الورقية، أثرها يبقى معك إلى الأبد هي كلمات مؤبدة خالدة، كم كنت أود أن أرى مشاهد الأفلام الأبيض والأسود كيف تبدو بألوانها الحقيقية حين كانت الشوارع مُمتلئة بـ سيدات ترتدي فساتين بألوان مُختلفة، ورجال يرتدون بدلات و طرابيش و أصوات أغاني أُم كلثوم والعندليب تصدح في المحلات و المقاهي، حينما كانت ألطف الكلمات تقال “عزيزتي” ، “نهارك سعيد".
حسنًا أعلم أن الزمن لن يعود إلى الخلف، و لن أعيش تلك الأيام، و لكن كل ما أعرفه، أنه يوجد رُكن بداخلي لا أعلم من أين جاء أو متى، رُكن يحن لكل ما هو قديم، رُكن ممتلئ بتلك الذكريات التى لم أعشها ولكن أود أن أعيشها يوماً ما، في ماضٍ قريب.