أحمد رجب يكتب ” نص لبة”


" أصدقاء .. نص لبة " .. المصريون هم الشعب الأبرز في إبتكار الأمثال الشعبية وتأليف الجمل العامية التي لاتمت للبلاغة اللغوية بأي صلة اللهم سوي في الوصف والتعبير وإصابة الهدف المرجو .. أحياناً تكون الجمل والإفيهات والإسكتشات العامية أقوي ضراوة وأشد وطأة في إختزال مساوئ الأشخاص والأعمال ووصف هذا أو ذاك بجملة عامية عفوية تلخص كل مايمكن أن تريد أن تقولة لهذا الشخص السئ أو أن تعبر بة عن هذا العمل القبيح .
قيل في كتب الأمثال القديمة أن صاحب محمصة قد إحترق لدية نصف اللب فتضجر وباع اللب السليم بعد أن إختلط باللب المحروق بسعر زهيد وتوافد علية الناس وأطلقوا علي محمصتة إسم " محمصة النص لبة " إشارة منهم إلي الكم الهائل من اللب المحروق !! .. كل لبة من اللب المحروق لم يكتمل نصابها ونضجها وسلامة عودها فأصبحت أقصر طولاً وأقل حجماً وأردء طعماً وأشد صلابة وقسوة من زميلاتها الأخريات من اللب السليم .. كل لبة محروقة أضحت " نص لبة " ومنذ ذلك الحين إنتشر المصطلح العامي النص لبة للدلالة علي كل ماهو عديم القيمة والفائدة وكل ماهو ردئ .
وبصرف النظر عن صحة هذة الرواية أو من عدمة فإن مصطلح النص لبة قد إنتشر بين المصريين إنتشار النار في الهشيم ليتم إستخدامة لوصف كل شئ غير ناضج وغير مؤثر وليس لة قيمة أو فائدة .
ومن هذا المنطلق ياسادة فإنني بدوري أستخدم أنا الآخر نفس هذا التعبير العامي لأصف بة أشياء عديدة من حولي .
وأكاد أجزم أن ما سوف أصفة لكم الآن لا يتعلق بي أنا وحدي بل بالسواد الأعظم من أبناء جيلي الذي أراهم وقد أصبح معظم ما يحيطون بهم " نص لبة" ... هذا منتخب مصر الوطني بقيادته الفنية وإتحادة الفاشل " نص لبة " !! .. هذا صديق طفولة قديم أكدت لك الأيام أنة في الأساس " نص لبة " !! .. هذا صديق اخر كل فترة يتصل بك كي يعرف فقط اخبارك من بعيد ويتاكد إن كان هو الأفضل أم أنت مستمر الافضل والاحسن منة .. هو الآخر نص لبة !! .. وهذا صديق اخر يراقبك ويراقب كلامك وبوستاتك علي الفيس بوك من علي بعد ويتمتم في سرة بما لايمكن أن يتوقعة من أنك تسمع ما هو كائن في اعماقة المريضة .. هو أيضاً نص لبة !! .. وواحد تاني بيجاهد منذ سنوات ويأبي أن يعترف أنة فاشل لكنة مصمم ولايدرك أن قطار العمر يقترب بة من المحطة الأخيرة .. وأخرون متملقون يهللون ويكبرون ويطوفون هنا وهناك منهم من إصطنع لنفسة موقع حزبي مخوخ ومنهم من تقوقع في جمعية أهلية أو خيرية أو تنموية أو علاجية وصدق نفسة ومصمم إن كل من حولة يجب أن يصدقونة ويرفعون لة القبعة وفاتح باب التبرعات وعايش في دور الوطنية والحمية والتطوع لخدمة الوطن ولا يدري أنة مكشوووووف لأهالي مدينتة أو بلدتة أو قريتة قبل أن يكون مفضووووح لدي أجهزة الدولة الرقابية التي تمهلة وتمهلة حتي يحن وقت الإنقضاض علية هو وأمثالة ... هؤلاء ايضاً " نص لبة " !! .. ناهيك عن أبطال مواقع التواصل الإجتماعي مابين ثرثار فاضي علي الماسنجر وفتاة فاتها قطار الزواج وبتحاول تلفت نظر أي عريس وخلاص علي بروفايلها وأصحاب المعاشات اللي وجدوا في مواقع التواصل الاجتماعي دار أخري مختلفة أشد وطأة من دار المسنين خاصة أنها دار لها نوافذ مفتوحة غير دار المسنين ذات النوافذ الفولاذية المغلقة وهم لايدركون أنها نوافذ إفتراضية موحشة مهما صرخوا منها لم ولن يجدوا أي رد فعل علي الإطلاق اللهم سوي صدي أصواتهم العجوزة المسنة المبحوحة بشقا العمر وقسوة السنين !! .. وهذة بطلة علي الإنستجرام تبث لنا فيديو رهيب عن تجربتها في الجيم وفي الدايت وفي المصيف هذا العام وفي الموضة الأخيرة وفي زفة ابنتها العجيبة أو موديل سيارتها الجديدة أو الميكيب الفرنسي ذو البراند العالمي الجديد وأكاد أجزم انها لو مسحت ما تزين بة وجهها في اللايف لكانت أشبة بجدي محمود شكوكو رحمة الله وهو يرتدي طاقيتة الشهيرة في إسكتشات قصر عابدين ولكانت تستحق نفس السبعة أقلام علي وجهها مثلما فعل شكوكو مع لبلب !! .. حتي تحترم نفسها وتقوم بدورها الأصيل كأم وزوجة تقدم لنا أجيال كم تحتاج مصر لرجولتهم في السنوات القادمة !! .. كثيرون ابطال هذا العالم الإفتراضي من أرباب النص لبة !! ... أتذكر في هذة اللحظة رفيق عمري المستشار أحمد عابدين نائب رئيس مجلس الدولة الحالي .. أكاد اجزم أنة الشخص الوحيد في حياتي منذ نعومة أظافري معة حينما كنا طلبة في كلية البوليس الذي أري فية كل ما هو جميل .. أما الباقي فمعظمهم وبكل أسف شديد "نص لبة".