نيفين منصور تكتب: عندما تعمي القلوب!


مضغة صغيرة تتحكم في مصير الإنسان ،، لو صلحت صلح حاله وكانت نهايته الجنة،، ولو عميت ضل الطريق في الدنيا ،، وقد يضل طريقه إلي الآخرة لو لم تدركه رحمة المولي عز وجل ،، إنها القلب ،، القلب الذي نظن أنه خزينة الحب والمشاعر ولكنه في الحقيقة سر النجاة في الدنيا والآخرة.
يقولي المولي عز وجل في كتابه الكريم في سورة الشعراء ( إلا من أتى الله بقلب سليم ) فسلامة القلب هي المنجية عندما تنتهي الحياة ويُسأل كل منا عن عمله ،، فإذا صلح القلب صلح معه كل شيء وإذا مرض خسر صاحبه كل شيء ،، الحياة الدنيا حياة مؤقتة ولكنها رغم تفاهتها وصغر حجمها إلا أنها مؤلمة وقاسية ،، ولا يقدر الجميع علي تحمل مشقتها ،، عبادة بالغيب وعدو يتحكم في العديد من البشر ،، وشروط صعبة منها الصبر والاحتساب وظلمات تأتي من الإحساس بالقهر ،، فلكل منا ابتلاء قد يتحمله وقد يفرط في الحزن أو الغضب فيصاب بالعمي الذي يسكن القلوب فيُتلفها.
أرشدنا المولي عز وجل إلي عمي القلوب حيث قال {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} فمكان القلب هو الصدر ورغم صغر حجمه إلا أنه يتحكم في معظم الأحيان في حياة صاحبه وقراراته وربما يتحول مصدر للسعادة والإبصار وربما يصبح مصدر للتعاسة والعمي حتي ولو كان صاحبه مبصرًا.
تابعت قصة الأم التي قتلت أولادها الثلاثة وكتبت رسالة لزوجها المغترب ،، تخبره أنها أرسلت أولاده إلي الجنة ،، وحاولت بعد قتلهم قتل نفسها ولكنها لم تمت ،، تري ماذا أصاب قلب تلك الأم حتي تصل لتلك الدرجة من العمي والحزن ،، وكيف تملكتها تلك الفكرة ،، كيف ضاقت بها الدنيا بما رحبت حتي تصل إلي تلك القناعة بالتخلص من أولادها بغرض إرسالهم إلي الجنة ،، لو صدقت القصة كما تم روايتها في المواقع الإخبارية فتلك المرأة كانت تحت ضغط عصبي لا يُحتَمل حتي تتخذ هذا القرار ،، فقد فقدت رغبتها في الحياة ،، وفقدت ثقتها بأن القدر قد يأتي بالخير ،،، ربما الوحدة و تحمل المسئولية وحدها ،، ربما كانت هشة تحتاج للسند وسريعة الانهيار ،، ربما أصيبت بالاكتئاب المصاحب بعدم الرغبة في الاستمرار ،، ولكنها ما زالت تحتفظ بقدر من الإيمان ،، فاختارت أن تطمئن قبل الرحيل علي صغارها بإرسالهم إلي الجنة.
قصة تلك المرأة تحتاج للدراسة والتدقيق ،، فقدرات البشر تختلف ،، منا القوي ومنا من يحتاج للدعم المستمر ،، حتي لا يتملكه الحزن والمرض ،، فالمرض النفسي يطفيء الفرح ويعمي القلوب ويقضي علي الرغبة في الاستمرار في الحياة ،، وقليل منا من يعرف معني اليقين الذي يحمي القلب من العمي ،، وعندما تعمي القلوب ،، تصاب العقول بالشلل ،، فلا تستطيع التمييز بين الصواب والخطأ،، وبين الحلال والحرام ،، وردود الفعل تتباين ،، قد يلجأ البعض للانتحار ،، وقد يلجأ آخرون للانحراف ،، والبعض الآخر يلجأ للانتقام ،، كل حسب قصته ،، والأسباب التي دفعته للعمي .
القلوب تحتاج لمن يساندها ويشد من أزرها ،، وكل منا يعلم من حوله حق المعرفة،،، ضعيف القلب يجب أن يحاط بمن يحبه ويدعمه ،، وتركه وحيدا في منتهي الخطورة ،، فقد يفقد قدرته علي الإدراك والتمييز ويقضي علي حياته أو حياة من حوله وينتهي به الحال إلي مأساة تقشعر لها الأبدان.