فريهان طايع تكتب: لا نستطيع أن نرسم صورة و نجدها مطابقة للأصل


استرجع بي شريط ذكرياتي في ثانية و كأنني في فيلم الأبيض و الأسود.
لا أدري أي من الشخصيات تقمصت و أي فارس كنت أبحث عنه في هذ الواقع اللعين.
في هذا الواقع لا نستطيع أن نرسم صورة و نجدها مطابقة للاصل مع الواقع ،فالواقع يشوهها،يشوه أحلامنا و صورنا المثالية عن الأشخاص .
لطالما كرهت الحياة الروتينية و التقاليد البالية و تمنيت حياة أفضل ،تمنيت أن أحقق كل شي ،أن أرسم أحلامي بفرشاة .
الألوان و التفاؤل و أحققها في لمحة بصر مثل العصا السحرية و مثل قصص الخيال ،لكنني في نهاية المطاف وجدت نفسي على أرض الواقع مثل كل فتاة تمنيت أن أطير مثل الحمامة بعيدا جدا في السماء بكل حرية.
أتساءل أحيانآ ماذا لو كنت فراشة أو عصفورة أو أي كائن آخر
فلكوني إنسانة هذه المهمة صعبة جدا صعبة في الدنيا و صعبة في العالم الماورائي المجهول بالنسبة إلينا
فلكونك إنسان تملك قلب و عقل فهذه المميزات شاقة جدا ،فالعقل يفكر كثيرا و
القلب ينزف و ينجرح كثيرا
و كيف سنضمد جراحه التى لا نراها لكننا نشعر بها ؟
و ماذا عن عقلنا الذي لا يكتفي بعرض كل الأحداث و يركز في كل التفاصيل و يبالغ في سردها ؟
كم محظوظ العصفور لأنه لا يملك لا قلب و لا عقل هو يكتفي فقط بالغناء و التحليق في عالم السماء
أما نحن البشر عالمنا معقد جدا و مصطنع جدا ،عالم غريب تحكمه الأشياء المنمطة و السطحية و الكذب و الغش و الخداع عالم أبعد ما يكون عن النقاء و الأحلام و الإبداع و الشفافية
في عالم قتلتنا فيه الروتينية و الركض وراء الحياة و متطلباتها
في عالم قتلنا فيه الواقع و الحقيقة
كل يوم ننصدم في هذه الحقيقة الملعونة و كأنها مرآة معكوسة لا تفهم من انعاكسها شيء
حتى الحب لا يكاد يخلو من التعقيد
في امتحان الحب أعطي لنفسي مجموع صفر على عشرة
لا أستطيع حتى أن اشفي مرضى الحب و لا أن أصف لهم دواء يضمد جراحهم و لا أن أقول أي كلمة تخفف عنهم
كيف أستطيع؟
و أنا لا أفهم شيء عن هذا العالم المعقد، كل ما أعرفه أنني أحببت المجهول و ماذا لو كان معلوم ؟
لا أجد إجابة كافية لكل هذه الأسئلة الصعبة المعقدة التى تدور داخل تفكيري طوال اليوم و بعدد ساعات عقارب الساعة
أستحضر في هذه الساعة عبد الحليم حافظ لطالما غنى للحب بكل أحساسيه و مشاعره الجياشة و كأنه عانى الويلات منه
في أغنيته جبار كم أحب هذه الأغنية و كلماتها المعبرة
"خدعتني ضحكته
و خانتني دمعته
و ما كنتش أعرف قبل النهاردة انو العيون دي تعرف تخون بالشكل ده
عرفته قد ما عرفته و لا عرفتوش
و شفته قد ما شفتو و لا فهمتوش "
اختصر عبد الحليم مفهوم الحب بكونه متاهة و بكونه قد غرق في أعماقه و انخدع فيه
أسأل نفسي تراه كان عاشقا و انخدع في الحب ، كل كلمة قالها من نبض إحساسه ،قصة حياته مجهولة و
حبيبته مجهولة أيضا و هو من غنى
من تكون حبيبتي
أخفي هواكي عن العيون فكيف
مني يعرفون.
لكن إحساسه قد وصل للملايين
لكن حبيبته لا يعلمها أحد لطالما ازدادات الإشاعات من حوله في حياته و بعد موته
و لازالت قصة حب عبد الحليم لغز لا يملك مفتاحها إلا هو
ارتبط إسمه بسعاد حسني و بزبيدة ثروت و بفتاة ارستقراطية لكنها ليست من الوسط الفني و بالعديد من الأسماء
تراه من أحب لا أصدق أن عبد الحليم قد أحب الكثيرات كل كلمات أغنياته تؤكد أنه رهين حب قيده و كبله و أنه كل مرة قرر أن يتخلص من هذا الحب لكنه وجد
نفسه في متاهة لا متناهية
ليته كان سعيدا و هل الحب سبيل لسعادة هو كل شقاء و اشجان
الحب متاهة ليس لها حد
يقولون أنه عشق سعاد حسني و أنه كان يغار عليها إلى حد الجنون لكن لأسباب مجهولة انتهت قصة هذا الحب
يقولون أنه كان يطرب لها بصوته الحزين
لكن الحقيقة ليست إلا في قلبه و هو من رحل و ترك الناس في حيرة
و لا زالوا عاجزين عن تحليل كلمات صاحبة أغنياته
ترانا نعيش في الغموض ،هذا الحب يشتت أفكارنا و يجعلنا تائهين
لا نعلم لماذا نحب شخص يسبب لنا الشقاء