خط أحمر
الأحد، 20 أبريل 2025 12:49 صـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

نيفين منصور تكتب: الاعتراف ليس خطيئة!

خط أحمر

علاقات متعددة تنتهي بسبب سوء تصرف البعض وقت الشدة ،، فالبعض عندما يمر بأزمة سواء كانت مادية أو نفسية أو في العمل ،، لا يستطيع تجاوز تلك الأزمة بكل سهولة ويسر ،، ويتشتت ويشعر بالضياع ،،،، وتتبدل مشاعره بين الخوف والرهبة من المستقبل الغامض ،، وبين الجموح والرغبة في الانتقام لنفسه ،، والأكثر صعوبة عندما يرفض أن يُظهر تلك المشاعر أمام من حوله ،، فيتظاهر أنه بخير وأنه قد تجاوز أزمته بكل سهولة ويسر علي عكس الحقيقة ،، وبدلا من تجاوز الأزمة وترميم النفس يمثل أمام الجميع حتي لا يُشعر من حوله بإحساسه بالهزيمة ،، فالبعض يعتبر الشكوي نوع من الضعف وأنه يكسر كبرياءه إذا صارح من حوله بطبيعة ما يدور بداخله.

المشكلة الكبيرة عندما تتغير الأحوال من حولك وتجد نفسك فجأة قد فقدت حريتك أو حياتك الخاصة التي نسجتها وأصبحت تشعر فيها بالراحة أو بالمُلك ،،، فلكل منا شيء يشعره بأنه قادر علي السيطرة ويمارس من خلاله رغبته في التحكم ،، وكل منا يستخدم ما أتيح له من أدوات ومعطيات ليشعر أن لديه مملكته الخاصة التي يتحكم فيها مهما كانت صغيرة أو كبيرة ،، فإذا انهارت تلك المملكة فجأة يشعر المرء بالتشتت والاضطراب ،، من الممكن أن يجتاز تلك المرحلة الصعبة إذا كانت الظروف من حوله تسمح بذلك،، والظروف هنا ليست فقط الظروف المادية أو ظروف العمل ،، وإنما هي في الأساس من حوله من شخصيات يشعر معهم بالأمان النفسي،، فالإنسان عندما ينُزع منه عالمه الخاص ويضطر للتعايش مع عالم آخر لطالما كان يهرب منه لأنه لا يُشعره بالاحتواء ينهار نفسيا مهما كانت قدراته علي التمثيل الذي يحاول بها إيهام من حوله بأنه بخير ،، و بأنه سعيد ،، فالحقيقة تظهر مع الوقت في ردود أفعاله دون أن يشعر ..

عندما يفقد الإنسان عالمه الخاص فجأة ،، ويضطر للتعايش مع عالم لا يتقبله نفسيا ولكنه مجبر عليه بحكم القدر ،، يحاول الهروب بخلق عالم افتراضي من صنعه ،، يشعره بأنه مازال لديه منفذه السري ،، و يشعره بكبريائه وجبروته،، كما يشعره أنه لم يفقد السيطرة ،، بل علي العكس ،، يستعيد من خلاله المُلك الزائل ،، وكل عقل يترجم ذلك العالم الافتراضي وفقا لأهوائه النفسية،، فمن يبحث عن الشهرة يسعي لها بشكل افتراضي ،، ويظل يتحدث عن أمجاده ،، كنوع من التعويض عن أحساسه بالخوف من مواجهة الواقع بأنه قد فقد ملكه ،، ومن يفتقد الاحتواء ،، يبحث عنه ولكن وفقا لما يترجمه عقله ،، فأحيانا يترجم العقل الاحتواء بحديث لشخص مقرب ،، وأحيانا يترجمه بعلاقة جسدية ،،، فبعض الشخصيات لا تستطيع التعبير سوي عن طريق الجسد فقط.

أكبر معاناة قد يعاني منها من لم يستطيع أن يتجاوز أزمته ،، عندما يضطر للحياة مع شخصيات مسيطرة ولا يستطيع أن يتخلص من أحساسه بأن من حوله يتعاملون معه من منطلق الامتلاك وليس الاحتواء ،، فيحاول أن يهرب من قيود هذا الشعور ،، بالبحث عن شخص آخر لديه بعض المواصفات التي ترضي غروره ، فيحاول أن يهرب من السيطرة التي تحاوطه ،، بامتلاك هذا الشخص ،، مهما كانت صورة الامتلاك سواء شرعية أم غير شرعية ،، ليثبت لنفسه أنه ما زال لديه القدرة علي السيطرة وأنه لم يفقد حريته أو عالمه الخاص،، فإذا لم يستطع أن يصل لهذا الإحساس ،، يشعر بالإحباط الشديد ،،، ويُسقط إحباطه علي هذا الشخص الذي حاول امتلاكه ،، وبدلا من أن يدرك أنه يمر بأزمة نفسية يجب التوقف عندها ومعالجتها ،،، يعاند ويكابر ويتوهم أن هذا الشخص لا يستحق وأنه قد بذل الكثير من أجله ولم يجد المقابل وقت الشدة.

قد نخسر أقرب الناس إلينا أحياناً ،، دون أن نشعر أننا السبب ،، و نعاند أنفسنا قبل أن نعاند من حولنا ،، لأننا نظن أن الاعتراف بشعورنا بالضعف أمام بعض الأزمات ،، سيقلل من قيمتنا أو يجرح كبرياءنا ،، ونمثل ونتقن التمثيل ،، ونفقد من حولنا ،، وربما لا نستطيع استعادهم مرة أخري ،، و علي الرغم من أن الحياة أبسط من أن نظل نمثل أمام أقرب المقربين إلينا إلا أن الكبر يهدم صاحبه ،،، الاعتراف ليس بخطيئة ،، الخطيئة أن تكابر وأن تخسر أقرب الناس إليك وأنت تضع قناع القوة الذي يختبيء من خلفه الضعف،، كلنا بشر ،، نشعر بالهزيمة أحيانا،، ونشعر بالانكسار ،، وتخطي الأزمات لا يأتي إلا بمواجهتها ،، وليس بالهروب بحياة افتراضية نخسر بسببها أقرب المقربين..

المشكلة الأكبر عندما تجد من حولك من يفهمك كما أنت،، بكل ما فيك من جموح ،، وتناقضات ،، وشطحات أحيانا،، ويفهم أيضا ما تمر به من أزمة ولكن يحاول إفاقتك ،، إذا وجدك تحيد عن الطريق ،، فتجد نفسك مكشوفاً أمامه ،، فتنفر منه ،، وتهرب ،، وتعاند ،، وقد تكرهه لإحساسك أنه يري ما بداخلك ،، وتخسره للأبد بكل جبروت ،، وتتناسي أنه كان يوما ما أقرب إليك من نفسك ،، ربما لا تشعر وقت الأزمة بقيمة خسارته ،، ولكن مع الوقت وعندما يفوت أوان العودة قد تكتشف أنك قد خسرت من لا يستحق أن تخسره لتحافظ علي كبريائك .

نيفين منصور الاعتراف ليس خطيئة خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة