محمد موسي يكتب .. ذكري 30 يونيو .. كنا في الميدان ضد إرهاب الإخوان ــ 2


" الوطن " ... تلك الكلمة الواحدة ولكنها تحمل معاني كثيرة وعديدة لدرجة أن أمهات الكتب تنوء بحملها وشرح معانيها السامية ... ومن منطلق هذه المعاني التي هي المحفز لنا كمواطنين لندوب في تراب وطننا نواجه أي تحدي ومن هذه التحديات التي واجهت وطننا الغالي منذ نشأته وحتي الأن ؛ كانت عقب إعلان نتيجة المرحلة الأولي من إنتخابات الرئاسة المصرية في عام 2012 والتي أسفرت عن خروج 11 مرشح رئاسي من السباق الإنتخابي وجرت الإعادة بين إثنان من المرشحين وهما الفريق أحمد شفيق ومحمد مرسي مندوب جماعة الإخوان الإرهابية في السباق الرئاسي والذي كان يطلق عليه وقتها " الأستبن " .
وكنت وقتها أشغل موقع المستشار الإعلامي للمرشح الرئاسي السيد " عمرو موسي الأمين العام السابق للجامعه العربية " .. ولطبيعة المرحلة فكنا نتشاور أنا وبعض زملائي في حملتنا الإنتخابية " حملة السيد عمرو موسي " ونحاول أن نتفق علي دعم مرشح ممن ستجري بينهما جولة الإعادة ومعظم زملائي فضلوا أن يقاطعوا التصويت ..
ولكن كان لي رأي أخر يشهدون هم عليه وهو : أن هذه الجماعة ظلت تسعي لحكم مصر طيلة أكثر من ثمانون عاما ولن تترك الأمور تسير عكس ما تريد وقلت لمن كان يجلسون معي أن هؤلاء الخوارج سيحرقون البلد إذا جاءت النتائج عكس ما يريدون ولذا تمنيت أن تأتي حسب أمنياتهم فثار علي بعض من كانوا يجلسون معنا والبعض الأخر إلتزم الصمت وطلب مني تفسير وتوضيح لرؤيتي التي طرحتها .. فقلت لهم وقتها أن هذه الجماعه ظلت تخدع شعبنا طيلة ثمانون عاماً وأن الوقت قد حان لكشف ألاعيبهم ونواياهم الخبيثة وقلت نصاً لزملائي إن وصلت هذه الجماعه للحكم سينكشفوا في بضعة أشهر وسيخرج عليهم الشعب لأن مرسي بشكل عام لن ينجح كرئيس وسيدخلنا في أزمات كثيرة وأنه سيكون دمية في يد محمد بديع مرشد الإخوان ونائبه خيرت الشاطر ، والشعب لن يرضي بذلك وسيخرج عليهم وسيخلعهم بكل سهولة عن الحكم وبهذا سيكون قد إنكشف أمرهم الذي إستطاعوا إخفائه لعقود طويلة من الزمن .
الفكرة التي تحدثت عنها وسط زملائي الجميع إستبعد حدوثها ودون أن يفصح أحداً منهم عن رأيه في الطرح الذي طرحته ولكن وجوههم كانت تتحدث بأن طرحي هذا درب من الخيال ... ولكن كان بينهم شخص واحد كان هو الوحيد الذي إقتنع بما طرحته بل أنه أكد عليه وذلك لخبرته الأمنية الكبيرة ولخلفيته الشرطية كضابط سابق كبير بأحد أجهزة الداخلية الحساسة وهو " اللواء سعيد زعتر " فهذا الرجل في مختلف المواقف تجد أن له بعد نظر كبير ودائما ما نكون نحن الإثنان متفقان في وجهات نظرنا وداعمان لبعضنا وقال نصاً أنه يميل لوجهة النظر هذه وأن هذه الجماعة لن تستمر في الحكم أكثر من بضعة أشهر لأنهم ليس لديهم الخبرة الكافية في التعامل مع أي ملف ... لم تكن رؤية اللواء سعيد زعتر بعيدة عن أرض الواقع بل كانت رؤية ثاقبة ومبنية علي وعي وخبرة .
المهم جرت جولة الإعادة وذهبت للصناديق مع الأمين العام للجامعه العربية " السيد عمرو موسي " ليدلي بصوته في إحدي اللجان الإنتخابية بالتجمع الخامس وبعد الإدلاء بصوته جلست معه بمنزله لمدة ساعه وسألته عن رؤيته للمرحلة القادمة وكان ينتابه القلق وكان سؤالي هو ... كيف تقرأ مستقبل مصر يافندم لو فاز مرشح الإخوان ؟ .. فرد علي بجملة واحدة وهي " ربنا يستر علي البلد " فتيقنت أن ما يدور بداخلي ليس هواجس ولكنه حقيقة بينه .
المهم .. نجح مرشح جماعة الإخوان الإرهابية وأصبح للأسف رئيسا لمصر بالغش والتزوير ولنا في ذلك حديث أخر .. وفي أول خطاب والذي كان بميدان التحرير ووسط أنصاره من أعضاء جماعته التي هددت بحرق البلد إذا لم تعلن لجنة الإنتخابات فوزه وذلك كان علي لسان أكثر من قيادة من قيادات الجماعة وتصدر المشهد وقتها الإرهابي خيرت الشاطر رجل الجماعه الدموي .
خطب مرسي وفتح صدره في ميدان التحرير ووجه رسائل تهديد للعديد من القوي والرموز الوطنية فاستفز الجميع وكان هذا الخطاب هو المحفز الاول لنا في رحلة مواجهة طغيان هذه الجماعه الفاشية وتوالت الأحداث المخيفة بشكل سريع وبعدها عدت لأمارس عملي بصحيفة الدستور وقمت بإجراء عدد من الأحاديث الصحفية مع عدد من الرموز السياسية الكبيرة وكان السؤال الأساسي لي في كل حديث ومع كل شخصية هو " كيف تقرأ الوضع في المرحلة القادمة " فأجاب " السيد عمرو موسى " في حواره معي للدستور بـ " أن الوضع خطير وهناك تخبط وأن مصر علي المحك إذا لم يتعقل النظام وأن الجيش ليس بعيداً عن الأحداث ويترقب الموقف وهذا ما يطمئنه ".
أما السفير " محمد العرابي وزير الخارجية السابق " قال "أن الشعب لن يرضي برئيس لجماعه ولن ينتظر كثيراً إذا لم تتحسن جميع الأوضاع " ، أما المفاجأة فكانت في حديثي مع المهندس " أسامه كمال وزير البترول " في حكومة جماعة الإخوان قال لي نصا "النظام فشل في التعامل مع كافة الأزمات وأنه غير راض عن أداء حكومة هشام قنديل " وفتح الوزير " أسامه كمال " نيرانه علي حكومة الإخوان التي هو عضواً بها فسألته آلا تخاف من الإقالة فقال لي بشكل تلقائي لا .. فالوطن أهم من الكراسي وهذه الجماعه تتصرف في الحكم بلا خبرة وبما أنني لست من المنتمين إليها فقطعا أعلم أنهم لن يسكتوا علي .
وقبل نشر حواره معي بيوم ارسلت له عنوان الحوار والذي كان " وزير البترول يتحدث للدستور: النظام فشل في التعامل مع مافة ازمات الدولة " ، وسألته هل توافق علي هذا العنوان ؟ .. فطلب مني آلا أحذف أي كلمة من حديثه معي وقال نصاً " ماذا سيفعلوا معي هيقيلوني معنديش أي مشكلة المهم البلد " .. فقلت له الحوار سينشر غدا وبالفعل تم نشر الحوار الذي كان عبارة عن كرات نار قذفها الوزير في وجه الجماعه الإرهابية وحكومتها وفي وجه الرئيس شخصيا ..
دارت بيني وبينه مكالمة تليفونية تحدثنا فيها عن مردود الحوار الصحفي فقال لي أن الجميع انقلب عليه وبدأت لجانهم الإلكترونية في الهجوم عليه ولم يمر 20 يوما وتمت إقالة وزير البترول " أسامة كمال " وكان حواره معي أحد الأسباب الرئيسية في إقالته.. علي حد قوله ، فاتصلت به لاحقاً لأطمئن عليه فوجدته راضياً بما حدث وقال لي يجب أن نتصدي جميعا لممارسات هذه الجماعه ولا نترك الشعب لهم وبالفعل كان ضمن من رفعوا الكارت الأحمر للمخلوع مرسي .
وأثناء هذه الفترة عدت للعمل مرة أخري كمذيع بقناة الفراعين وبدأت وقتها المواجهة الصريحة بين الشعب وهذه الجماعة الفاشية وكان الإعلامي الدكتور توفيق عكاشة يجلس يومياً علي الهواء لأكثر من 7 ساعات علي الهواء يقوم خلالها بكشف فضائح الإخوان الإرهابيين ويحشد المواطنين للتظاهر ضدهم ويدعو إلي خروج المليونيات بالمحافظات للمطالبة بإسقاط حكمهم وكانت أبرز مطالبنا التي كنا نعلنها في كتيبة إعلام الفراعين بقيادة عكاشة هي تفويض الجيش والفريق أول عبدالفتاح السيسي في إدارة البلاد وكان عكاشة يجمع التوكيلات المسجلة بالشهر العقاري وتحمل هذه المطالب .
وفجأة وبدون مقدمات في أحد الأيام جائني تليفون من أحد معدي برنامجي " محمود بدر " وهو وقتها كان قريباً جدا من قلبي وطلب مني زيارته بمنزله بمنطقة بين السرايات .. وبالفعل ذهبت إليه وعند دخولي فوجئت أنني لست الضيف الوحيد ولكن كان هناك ضيوفاً أخرون وهم " حسن شاهين ومحب دوس مؤسسي الحركة ونادر غازي الصحفي بالاخبار وأمين صالح الصحفي باليوم السابع ومحمد فيصل الصحفي بالدستور " وعرضوا أمامي الفكرة وطلب مني " محمود بدر" دعمها علي كافة الأصعدة منها ما سأتحدث عنه الأن ومنها الذي سأتحدث عنه لاحقاً ـ طلب مني " بدر" أن أعلن عن " حركة تمرد " في البرنامج الذي أقدمه علي شاشة الفراعين وبالفعل حدث ذلك كنت أول مذيع أعلن عن ميلاد " حركة تمرد " وأجري فريق إعدادي وقتها مداخلة علي الهواء مع " حسن شاهين " وعرضنا الفيديو الأول للشباب الذين يجولون الشوارع بإستمارة " تمرد " لعرضها علي المواطنين للتوقيع عليها ..
جرت الأمور بدفعه شعبيه كبيرة لهذه الحركة التي يتولي أمرها بعض الشباب المتحمسين ولاقت الحركة دعم كبير من مختلف القوي الوطنية والرموز السياسية حتي صارت كالنار تسري في الهشيم وسط هلع قيادات الإخوان مما يحدث حولهم .
وفي شهر مايو كانت الجماعه الإرهابية تطارد الدكتور" توفيق عكاشة " .. تارة يطلقون عليه النار في محاولات متكررة لإغتياله وتارة أخري يحاولون إغلاق القناة وفي هذا الوقت كان " عكاشة " قد أقام إعتصام ضد الإخوان الإرهابية أمام " وزارة الدفاع " ، ولكن بعد فترة حاول الإخوان الإرهابيين القبض عليه فأختفي ولم يظهر إلا يوم 30 يونيو في الفيديو الشهير له وهو يخرج لسانه لـ " المخلوع مرسي وجماعته " ..
المهم أثناء فترة إختفاء " عكاشة " كنت أقدم برنامجي بشكل يومي علي شاشة الفراعين وأطالب الجماهير بالنزول للشارع والإنضمام للمعتصمين بمختلف الميادين وكنت أذهب يومياً إلي مقر الإعتصام الذي كان أمام " وزارة الدفاع " وكنا قد إقتربنا جداً من موعد 30 يونيو الذي دعت إليه " حركة تمرد " لخروج الشعب ضد حكم هذه الجماعه الفاشية وأثناء هذه الفترة كنت أجلس بالإعتصام لأكثر من 9 ساعات متصلة يومياً لتحفيز المواطنين علي الإستمرار وكنت أصعد علي المنصة التي إستأجرتها من أحد متعهدي الفراشة من بلدتي قرية " بهاده " بالقناطر الخيرية بالقليوبية ومعها مكبرات صوت .. كنت أتحدث بحميه وحماسة شديدة لربط المواطنين وحثهم علي التمسك بالإعتصام ..
وفي هذه الفترة كانت تأتيني التهديدات بشكل يومي من قبل أتباع جماعة الإخوان ولكنني لم أعيرها أي إهتمام وكنا نعلم أن نزولنا للميدان لمواجهة إرهاب الإخوان ليس باليسير ولن يمر مرور الكرام وان ثمنه أعناقنا ، إذا لم يخرج الشعب المصري بهذه الكثافة العددية التي خرج بها يوم 30 يونيو وكانت كالطوفان الذي أتي ليقتلع إرهاب هذه الجماعه ويخلصنا منها في يوم توقف عنده التاريخ وسيظل يوم 30 يونيو من أعظم الأيام في تاريخ الشعب المصري الحديث .
هذا اليوم سيظل شاهدا أيضاً علي وقفة أبطال قواتنا المسلحة وقائدهم ووزير دفاعنا الفريق أول عبدالفتاح السيسي الرجل الذي حمل عنقه علي يديه فداءً لهذا الوطن وللحفاظ عليه ولولا تأكيدات جيشنا العظيم علي حماية هذا الشعب ما كان هذا النجاح الكبير ولعل يوم 3 يوليو كان هو اليوم الذي غير هو الآخر مجري التاريخ وفي نظري أنه يوم ميلاد بطل حقيقي جدير بحكم هذا البلد وقيادتها " الرئيس السيسي " .. هذا البطل الذي لم يفكر في حياته بل وضعها في كفة والحفاظ علي هوية هذا البلد في كفة أخري .. ولن أطيل عليكم أكثر من ذلك في هذا المقال ولكني سأستكمل ما حكيته في سلسلة مقالات قادمة لكي تكون شهادات علي مرحلة هامة من تاريخنا .. وتحيا مصر .. تحيا مصر .