في الوقت التي تسعى فيه الدولة بكافة مؤسساتها للتخفيف عن كاهل المواطنين الأكثر احتياجًا؛ بهدف القضاء على الفقر من خلال مبادرة "حياة كريمة"، التي من أهم أهدافها الاستثمار في تنمية المواطن المصري وإحياء قيم المسؤولية المشتركة بين كافة الجهات في المجتمع، تجد هناك بعض المسؤولين الذين تشعر أنهم مغيبون وليس لهم صلة بالمجتمع، بل يعيش البعض منهم في "مية البطيخ" مع الاعتذار للبطيخ الذي صمم له الصينيون متحفًا خاصًّا على شكله بمساحة شاسعة، ولكني هنا أود الدقّ على دماغ بعض المسؤولين قبل توليهم لبعض المناصب كما ندق على البطيخة قبل شرائها لمعرفة إذا كانت البطيخة "حمراء أم قرعة".

كان الجميع يتحدث أمس عن الجريمة الشنعاء التي قام بها أحد الأشخاص بمدينة الإسماعيلية في وضح النهار، حيث أقدم «عاطل» على ذبح شاب في أحد الشوارع الرئيسية، ثم السير برأسه وسط الأهالي ووسط غياب نخوة ولاد الحارة أو المنطقة كما كنا نسمع من قبل، لم تكن هذه هي الجريمة الوحيدة فقط من هذا النوع خلال هذه الأيام، ولكن أيضًا منذ أيام قليلة تم ذبح طالب ثانوى بكفر الشيخ على أيدي ثلاثة طلاب من زملائه، كانت تلك الجريمة هي تصفيته للحسابات على طريقة محمد رمضان في أفلامه ومسلسلاته التي تدعو إلى البقاء للأقوى وأخذ الحق بالأيدي بعيدًا عن القانون، هذه الأعمال التي يرعاها القائمون على صناعة الإعلام ويتم بثها على القنوات الخاصة المملوكة للدولة.

حقًّا يا عزيزي ما ينجزه البعض بالخارج بذكائه، يهدمه البعض الآخر في الداخل بغبائه، فكم سعدت وأنا أستمع لكلمات السيد أحمد أبو الغيط (أمين عام جامعة الدول العربية) بأن محمد صلاح قدم لمصر دعاية بالخارج تتعدى المئة مليار دولار، وللأسف في نفس الوقت كان بالداخل يقام حفل في ساحة مركز المنارة أرينا بالقاهرة الجديدة ويحضره ما يقرب من 30 ألف شخص، ليحييه مطرب الراب "ويجز" بكلماته البذيئة وأدائه الشاذ عنا جميعًا، ومعه أيضًا مطرب الراب (شاب جديد) الذي فعل جريمة لا بد وأن يعاقب عليها عندما غنى لزميلة (مروان بابلو) على خشبة المسرح ابتهال مولاي إني ببابك الشهير للشيخ سيد النقشبندي، وتغييره كلمة مولاي التي تعني (الذات الإلهية) إلى مروان إني ببابك!

هكذا وللأسف الشديد كانت كل فقرات الحفل بهذا الشكل المسيء لبلد عظيم أنجبت كوكب الشرق، ليحل مكانها "ويجز" و"عفرتو" ومن على شاكلتهما، وما أدهشني حقًّا عندما خرج علينا أحد المسؤولين وهو السيد "علاء عامر" المستشار القانوني لنقابة المهن الموسيقية من خلال مداخلة بأحد البرامج قائلا: "إن مغني الراب ويجز ومن معه التحقوا باللجنة النقابية وحصلوا على تصاريح لمزاولة المهنة؛ لأن أداء الراب متواجد واقعيًّا ولا نريد دفن رأسنا في الرمال، وأن المهن الموسيقية تشترط على مطربي الراب والمهرجانات عدم غناء كلمات خارجة أو أشياء تتنافى مع الذوق العام".
وهنا.. يبدو لي أن نقابة المهن الموسيقية في مصر حقًّا تعيش في "مية البطيخ"؛ وذلك لأنني أخذت أفتش عن أسماء هؤلاء الذين اعترفت النقابة بأنهم مطربين، فوجدت كلماتهم تدعو للفجور والشذوذ وليس كما ذكر مستشار المهن الموسيقية في حديثه، فعلى سبيل المثال وليس الحصر كانت هذه بعض من كلماتهم وغناهم (قبل ما أعدي أسيب علامة خليت تاريخك في الزبالة، وريني ضهرك بالسلامة)، وأيضًا (العيشة ربيع يخويا في حشيش، يخويا في مشاكل، بس نشكي لمين، شباب ع المراكب، الحرس بيراقب)، وأتساءل هنا للقائمين على النقابة، هل استمعتم لكلمات وغناء ويجز وهو يقول أيضًا: (مفيش بغل فيكوا بقدره)!

حقًّا ما حدث في الإسماعيلية وكفر الشيخ كان ترجمة لفكر ضال وشاذ دعا إليه "ويجز" ومن معه ومن شجعه عندما غنى (طول اليوم بشرب وبسف.. برشام خمرة..خبور بيلف والدنيا ضلمة.. وعيني بتلف، عمال بشرب وبخف، خربان وبرقص وف إيدي سكينة، دول ديلارات..ضيعنا كتير مخدرات، ياما وقفنا تحت بيوت ديلارات).

فبعد كل هذه الكلمات التي تحرض على شرب وبيع المخدرات والقتل والفجور والمجون، أطالب بمحاكمة القائمين على نقابة المهن الموسيقة لأنهم شركاء في كل ما سبق ذكره عندما سمحوا لهؤلاء الشواذ فكريًّا أن يعطَى لهم "كارنيه" نقابة المهن الموسيقية.

وفي النهاية عزيزي القارئ لا تندهش عندما تجد ضياع جيل يرى أن شرب المخدرات في العلن أصبح أمرًا عاديًّا، وأن القتل والبلطجة هي البطولة لإثبات الذات، وأن التعليم مجرد شهادة توضع على الحائط، لأسباب وضعناها بأيدينا جميعًا عندما غابت القدوة وغابت معها الأخلاق والمبادئ وأصبحت برامج الغناء والرقص أهم كثيرًا من برامج الدين، وأصبح الترويج لكل شيء قبيح على شاكلة "ويجز"، لنتأكد جميعًا أن ما يحدث هو بالفعل "ويجز من عمل الشيطان".