خط أحمر
الخميس، 24 أبريل 2025 01:28 صـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

نيفين منصور تكتب .. إلي أين سيأخذنا الانحدار الدرامي ؟

خط أحمر

صدمات متتالية ناتجة عن انحدار درامي شديد ظهر في العديد من الأعمال الدرامية طوال شهر رمضان الكريم، ينبئ عن خطر جسيم في المجتمع المصري لم يكن واضحاً من قبل ، أو ربما أصبح نتاج الخلل الأخلاقي وعدم التوازن النفسي والديني في العديد من سكان الشعب المصري.

التضارب المستمر بين الفكر الدرامي وبين القيم والأخلاق التي تربينا عليها مازال مستمراً بل يتزايد مع الزمن ، كيف يمكن أن يقتنع المشاهد بقصة مدرس يُعَلِّم أجيال القيم والأخلاق ويحاول أن يتقي الله في خلقه ويرفض الدروس الخصوصية لما فيها من شبهة باستغلال الطلاب ويتحول من مشهد الواعظ المتقي إلي تجارة المخدرات ثم القتل عدة مرات كما حدث في دور ولد الغلابة ؟

المشهد مثير للجدل ويوضح التناقض الكبير بين التحدث عن القيم والتقوي وبين الاقتناع بها واليقين الكامل بالمولي عز وجل ، هذا المشهد ليس في صالح المشاهد علي النقيض فقد يتعاطف البعض من محبي بطل المسلسل ويحذون حذوه ويفكرون بطريقته ويلتمسون له الأعذار وهم يشاهدونه يحيد عن الطريق المستقيم ، علي الرغم من أن من يتقي الله حق تقاته يعلم أن الإيمان بالقدر وبقدرة المولي علي تغيير الواقع يفعل المعجزات ، فقد يفقد المرء إيمانه وقدرته علي التحمل حين يتعرض لمحنة شديدة كما حدث في سياق المسلسل حينما مرضت الأم وخاف الابن من موت أمه فسلك سبيل الفساد للحصول علي المال مع علمه بحرمانية المصدر إلا أن رغبته في علاج أمه المريضة كانت أقوي من إيمانه بخالقه،ولكن إذا كان الإيمان الذي ظهر به البطل في بداية المسلسل حقيقي كما صورته المشاهد فكان من المنطق أن يصبر علي البلاء ويتودد إلي خالقه ليبدل الحال بقدرته علي المستحيل،هذا ما علمته لنا الأديان،قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا‏}

القصة ليست في صالح المشاهد بكل المقاييس فدور الإعلام ليس سرد لمجموعة من القصص إنما يتلخص دوره في سرد القصص التي تعطي الحكمة للمشاهد وترشده إلي طريق الفلاح كما علمنا المولي عز وجل في قصص القرآن الكريم ، فرغم قسوة القصص القرآنية إلا أنها ذات مغزي حقيقي وإرشاد خفي يتناسب مع قصة الخلق وهو اليقين التام بقدرة الخالق وتفويض الأمر كاملاً إليه مع الصبر علي البلاء والجهاد ضد الشر والكفر والبغي، هذا هو القصد الحقيقي من مفهوم القصص.

ولكن مع الأسف الشديد يتحول الإعلام في بعض الأحيان إلي مصدر للإرشاد الباطل والذي يؤثر بالسلب علي فكر وقلب المشاهد ،باستخدام أدوات درامية تجعل المشاهد مشتت بين الحلال والحرام، بين القيم والفساد، بين حب البطل وإعطائه العذر والتعاطف مع دوره وبين الطريق المستقيم الذي أمرنا الله بسلوكه للنجاح في اختبار الحياة الدنيا.

ليت المشكلة كانت في هذا المشهد فحسب ولكن ما صدرته الدراما من أعمال هذا العام يحمل في طياته العديد من السلبيات كتصوير الفتيات مغيبة العقول متيمة بشخص واحد كما حدث في مسلسل يقوم البطل فيه بالزواج ل ١٨ مرة وتتعارك الفتيات للحفاظ عليه، حتي ولو كان الهدف هو الكوميديا إلا أن تصدير هذه المشاهد يجعل بعض الشباب يحاول التقليد بلا وعي حتي يصبح البطل الخارق الذي يكسب قلوب الفتيات ويتصدر المشهد دائماً وذلك علي حساب كرامة ومشاعر المرأة دون تفكير في تأثير تقديم المشهد بهذه الصورة علي نفسية المشاهد مما يتعارض مع المودة والرحمة والحقوق بين الزوجين التي أنزلها الله عز وجل وشرعها في كتابه الكريم .

مشهد آخر مثير للجدل ظهور شخصية مثل شخصية فريدة في مسلسل زي الشمس ، بكل ما فيها من تحرر وعدم تحمل المسئولية والبعد عن العرف والدين وتجسيدها بروح طوافة بعد وفاتها ترشد أهلها إلي حقيقة مقتلها وتراعي بروحها من أحبتهم من أم وأخت وأولاد ، مشهد يثير الدهشة فالروحانيات المتدفقة تنتج عن شفافية الروح وهذا يتعارض مع أفعال بطلة القصة علي أرض الواقع مما يدعو إلي التساؤل هل ظهور المشهد الدرامي بهذا الشكل الهدف منه جذب المشاهد للتعاطف مع شخصية القتيلة رغم كل ما سببته من متاعب وألم لمن حولها، أم الهدف هو إظهار الشخصية بحالة من الندم لما فعلته بمن حولها؟

المغزي من الحديث في خلاصة هو ضرورة استخدام الدراما بصورة هادفة لتغيير الواقع الفاسد والإرشاد إلي الطريق السليم وليس السرد والنقل عن القصص الغربية دون التفكير في رد فعل المشاهد لتلك الدراما، إذا تم توظيف القصص والإعلام بصفة عامة لتوجيه المجتمع إلي الاتجاه السليم دون سفه أو خلل فهو بذلك يؤدي دوره الحقيقي ويصبح ضرورة في حياة الناس وليس كما يحدث علي أرض الواقع من تفاهة بعض المشاهد وتناقض البعض الآخر كما يحدث الآن.

كل منا سوف يحاسب عن اختياراته ويوماً ما سوف يدفع الثمن فلا داعي لافساد العقول في عصر ملئ بفساد القلوب وظلام الأرواح .

نيفين منصور سيأخذنا الانحدار الدرامي خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة