جمال رشدي يكتب: السفينة الجانحة والإخوان


كان المشهد معقد ومغلق الزواية ومن المنظور التقليدي لا حل سريع له، هكذا كان مشهد السفينة البنمية الجانحة في قناة السويس، وعلي بعد خطوات من التاريخ إلي الخلف كان أيضًا مشهد مصر الجانح والمغروس في وحل حكم الأخوان على " شاكلة حادث السفينة".
في المشهدان قال الباحثون والمتخصصون " مستحيل " وترقب الأعداء والمتربصون استسلام مصر والانقضاض عليها، لكن هيهات في المرة الأولي كانت عظمة مصر حاضرة في 30 يونيو في مشهد لم يتوقعه أو يتخيله من يكتبون سطور التاريخ، وهو خروج 33 مليون مصري إلي شوارع وميادين مصر بشكل لم يحدث وربما لن يحدث في كل التاريخ الإنساني، وهكذا تم إنقاذ سفينة مصر من وحل حكم الأخوان، وهنا صورة الجنرال المصري الهادئ المشير عبد الفتاح السيسي وهو يلقي كلمة في احد المناسبات العسكرية ويطلب من الشعب الخروج لتفويضه لمجابهة ومحاربة الإرهاب المحتمل، وقد كان وخرجت نفس الإعداد في نهاية شهر 2013.
وفي المرة الثانية كانت السفينة البنمية التي تعتبر واحدة من اكبر السفن في العالم حيث يبلغ طولها 400 متر وعرضها 59 متر فيما تبلغ حمولتها 224 ألف طن، قد أغلقت بجنوحها عرضا قناة السويس وكان المشهد اختبار حقيقي لقوة مصر، فيما كان رأي الخبراء ضبابي غير محدد لكيفية التدخل للحل، لأنها المرة الأولي في التاريخ الحديث يقع هذا الحادث في ممر ملاحي، وتجمعت الآراء علي ضرورة تفريغ الكثير من الحمولة حتي يمكن تحريكها وذلك سيستغرق وقتًا من شهر إلي ثلاث شهور مع احتمالية حدوث ثقوب في السفينة وحالة من التلوث في الممر الملاحي لقناة السويس.
وعرضت بعض الدول الكبري منها أمريكا المساعدة، ولكن كانت القيادة السياسية علي وعي كامل بحسن إدارة تلك الأزمة بجميع مراحلها السياسية والفنية ، فقبول المساعدة من أي طرف ستكون رسالة إلي العالم بعدم قدرة مصر علي إدارة الممر الملاحي لقناة السويس الهام والحيوي للتجارة العالمية، وذلك كان سيكون له انعكاساته السلبية علي القرار المصري في كثير من المواقف والإحداث الإقليمية والعالمية.
ولكن كالعادة كان مشهد 30 يونيو حاضر أمام السفينة البنمية فهدير الشعب برحيل حكم الأخوان في الميادين والشوارع، كان حاضر في عزيمة رجال قناة السويس وهزمت تلك العزيمة كل توقعات الخبراء وخالفت كل أرائهم وخلال 6 أيام، ودون نزول كيلو واحد من حمولة السفينة أو مساعدة خارجية وأيضًا دون حدوث خدش واحد في جوانبها، استطاعتا تحريك وتعويم السفينة وعندها صفق العالم لمصر الأصدقاء ومعظم الأعداء " لان في الغالب اللعبة الحلوة يصفق لها المنافس والمؤيد" .
ويتكرر نفس المشهد فالجنرال المصري الذي وقف سابقا أثنًاء ثورة 30 يونيو يتكلم بكل ثقة وثبات ويطلب نزول الشعب في الميادين والشوارع لمنحه تفويض لمواجهة الإرهاب، وبنفس الثبات والثقة المدعومة بتنمية لم يسبق لها مثيل في تاريخ مصر منذ سقوط إمبراطورية الأجداد، يقف أيضًا في قناة السويس وقريب من مكان وجود السفينة البنمية التي تم تعويمها ليطلق اقوي واهم التصريحات، والتي جاءت من ضمن عباراتها " محدش يتصور انه يقدر يبقي بعيد عن قدراتنا" ليعلن للعالم كله آن مصر حاضرة وقادرة وقادمة في كل مكان للعالم، ولن تفرض في نقطة واحدة من حقوقها في مياه النيل.
وفي كل هذا وكالعادة أيضا كانت حاضرة وقاحة جرذان الجماعة الإرهابية، لتبث سمومها عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي ضد الوطن مصر وتترقب الهزيمة لكي تشمت وتشتم ، لكن انتصرت مصر وستظل منتصرة لأنها هي صاحبة الانتصار لكل البشرية عبر أول حضاراتها التي ما زالت تعيش بداخل علومها الإنسانية.