خالد السيد يكتب: التوقيع الإلكتروني وأثره في المتغيرات الاقتصادية الدولية


يتجه الواقع العملي إلى التحول من العالم المادي الملموس إلى العالم المادي غير الملموس و من الدعامة الورقية إلى الدعامة الالكترونية ,فظهرت طرق ووسائل حديثة في التعامل لا تتفق تماما مع فكرة التوقيع بمفهومها التقليدي .
من هنا, كانت الحاجة إلى البحث عن بديل للتوقيع التقليدي , يستطيع أن يؤدي ذات الوظيفة من ناحية, و يتكيف مع وسائل الإدارة الحديثة من ناحية أخرى, و هذا البديل ,هو التوقيع الالكتروني electronic signature الذي أصبح له دور كبير في التعاقد عن بعد عبر شبكة الانترنت ,التي تتيح للجميع الدخول إليها بحرية, و في أي وقت, و من أي مكان لإبرام تعاقدات قانونية, مع أطراف غير معروفين لبعضهم البعض غالبا. و كانت البداية الحقيقية لظهور التوقيع الالكتروني, في المعاملات البنكية. و في مرحلة لاحقة ,تم اعتماد التوقيع الالكتروني و الاعتداد به قانونا في أوجه أخرى من المعاملات, سواء الإدارية, أو المدنية ,أو غيرها ,فظهرت بعد ذلك صور أخرى ,للتوقيع الالكتروني, ساهمت في انتشار التجارة الالكترونية, والعقود الدولية ، حتى بات التوقيع الإلكتروني ضرورة حتمية للتعاملات الاقتصادية في مصر في ظل اتجاه الدولة إلى التحول الرقمي في كافة الأنشطة الاقتصادية، بما فيها منظومة الفاتورة الإلكترونية، التي ترتبط بالتوقيع الإلكتروني بشكل مباشر، وأدى التطور التكنولوجي الذي نعيشه الآن ، والذي يطلق عليه عصر ثورة المعلومات والبيانات إلى ظهور وسائل وأساليب جديدة في إبرام العقود وتنفيذ المعاملات الاقتصادية لم تكن معروفة منذ سنوات قليلة، وهذه الوسائل التكنولوجية في تطور دائم ومستمر وسريع، ولقد عرفت الكثير من التشريعات الحديثة سواء كانت عالمية أو وطنية التوقيع الالكتروني ، ونظمت أحكامه، ويعد التوقيع الإلكتروني عنصراً فعالاً في المعاملات الاقتصادية الدولية والمحلية عبر شبكة الإنترنت، والتي أصبحت تستحوذ على نصيب كبير من التجارة المحلية والدولية ، وقد بدأ استخدام هذه التقنية في العديد من دول العالم
ولكن بقي ما يتعلق بنظام حماية البيانات والاعتراف القانوني بالتوقيع الإلكتروني، ومدى مصداقية إثبات وقبول رسائل البيانات، وتوثيق وقت وموقع إرسالها، وتخزينها وتطبيق العقود الإلكترونية، والاعتراف برسائل الإيصالات الإلكترونية، وبناء حكم الإيجاب والقبول عليها، مع الأخذ في الاعتبار حماية خصوصية بيانات أمن المعلومات الرقمية والإلكترونية، وتعزيز ثقة التعامل التجاري في المجتمع سواء بين الأفراد أو المؤسسات والشركات التجارية، وكذلك التعامل مع الجهات الحكومية وبين الأطراف الأخرى بجميع مكوناتها، ويدخل في ذلك العقود الدولية،
حيث أضحى التعاقد عن طريق الانترنت، أو غيره من وسائل الاتصال الحديثة, في حاجة ملحة إلى وضع ضوابط قانونية للتعامل بين الأطراف المتعاقدين من خلال تلك الوسائل . وضرورة إصدار تشريع لتنظيمه ودعم تطبيقاته، بما يتيح استخدام الوسائل الإلكترونية في تحرير وتبادل وحفظ المستندات، وذلك بما يحفظ حقوق المتعاملين، ويضمن مصداقية وقانونية المعاملات الإلكترونية ، ومراعاة مبدأ تحديد المسئولية وتوزيع المخاطر
ولدينا أمثلة عدة من تطبيقات التوقيع الإلكتروني أهمها المعاملات التجارية الإلكترونية وتشمل كل معاملة ذات طابع تجاري في مجالات التعامل المختلفة، مثل البيوع وغيرها من العقود والتصرفات القانونية التجارية الأخرى، والاستيراد والتصدير، وباقي التعاقدات، وحجز تذاكر السفر والفنادق والمعاملات المصرفية بكل أنواعها، والتي تتم في شكل محرر إلكتروني موقع توقيعاً إلكترونياً، وكذلك المعاملات الإدارية الحكومية وخدمات المواطنين
وأهم ما يميز استخدام التوقيع الإلكتروني، إمكانية استخدامه كبديل للتوقيع التقليدي، ومساوئ المراسلات التقليدية، و ما تتكلفه من خسائر مادية, بسبب التأخر في الوصول, أضف إلى ذلك المتطلبات المرتفعة في التسويق, جعل من اللازم البحث عن وسائل جديدة ,قليلة التكاليف, بالإضافة إلى سرعتها و فعاليتها .
أما التوقيع الالكتروني يمتاز بمسايرته لنظم المعلومات الحديثة، كما يؤدي التوقيع الإلكتروني إلى رفع مستوى الأمن والخصوصية بالنسبة للمتعاملين على شبكة الإنترنت خاصة في مجال التجارة الإلكترونية، وإمكانية تحديد هوية المرسل والمستقبل إلكترونياً، والتأكد من مصداقية الأشخاص والمعلومات، كما يساعد التوقيع الإلكتروني كل منظمات الأعمال على حماية نفسها من عمليات التلاعب، وتزوير التوقيعات، ويسمح التوقيع الإلكتروني بعقد الصفقات التجارية عن بعد ودون حضور المتعاقدين، وبذلك يساعد في تنمية التجارة الإلكترونية.
مما أصبح مطلباً أساسياً للشركات والأفراد ، ومن المتوقع أن يحل التوقيع الإلكتروني بشكل كامل محل التوقيع اليدوي في الفترة المقبلة ليتواكب مع تطور تكنولوجيا المعلومات، والتحول الرقمي لكافة الأنشطة الاقتصادية الانتاجية والخدمية، والتحول نحو استخدام وسائل الدفع والتحصيل الإلكتروني، بما يسهم في تنمية التجارة الإلكترونية محلياً ودولياً، وانعاش الاقتصاد في ظل المتغيرات العالمية التي يشهدها العالم أجمع للتعافي من كبواته وركوده وزيادة معدل النمو الاقتصادي، والمساهمة في سرعة تنفيذ الأنشطة الاقتصادية والخدمية .